ذاكرة بدر كريم
حزين جدا على غياب الدكتور بدر بن أحمد كريم القامة الإعلامية السعودية العصامية المميزة. هذا الرجل واحد من قلائل في مجتمعنا، آمنوا بأهمية كتابة السيرة الذاتية، وتقديمها للمجتمع.
لقد كان بدر كريم واحدا من جيل الإعلاميين، الذين خدموا الإعلام السعودي بمنتهى الشغف والحب. كان معطاء حتى آخر لحظة من لحظات حياته. استضفته ذات يوم في برنامج المنتدى الإعلامي الذي كنت أقدمه عبر إذاعة الرياض، وخلال اللقاء وجه الرجل رسائل عتب إلى زملائه، لأنه لم يتمكن من الحصول على رخصة للبث الإذاعي، أسوة بعدد من إذاعات الـ FM.
كانت الرخصة بملايين الريالات، ولكن هذه الإذاعات لم تقدم إضافة مميزة إلى إعلامنا المسموع، وبقيت كلمات بدر كريم عبر الأثير، تردد بمنتهى المرارة: إننا نحتاج إلى صوت وطرح مميزين يرفدان إعلامنا الرسمي.
كان بدر كريم زميلا ذا خلق رفيع، وكنت أجد في مقالاته التي يكتبها في “الاقتصادية” طرحا مختلفا، كنت قارئه الأول، وأحيانا كنت أجد شغفا في التعليق على مقالاته، ووجدت في كتابه (أتذكر) زادا لا يمكن تجاهله، كان بدر كريم يتحدث عن حياته وعن عصاميته وعن تجربته في الإذاعة وطلبه المستمر للعلم والمعرفة بتلقائية نادرة.
إن إعلامنا السعودي، شهد مجموعة مميزة من الأسماء، التي تركت بصمة لافتة. لكن كل هؤلاء إلا ما ندر ـ آثروا الرحيل بمنتهى الصمت. وكنت وما زلت أقول، إن من واجب رواد الإعلام في بلادنا أن يكتبوا ذكرياتهم وأن يتحدثوا عن تجاربهم. إن غياب الدكتور بدر كريم خسارة لطلابه ومحبيه ومن يعرفون تاريخ هذا الإنسان. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.