الزوج «الخروف»
انتشرت بعض المصطلحات الغريبة في المجتمع، التي تشير إلى تصنيفات سلبية، بمجرد وصف شخص معين بها، "الخروف" و"المتخرفن"، وهي مصطلحات عصرية تطلق على الزوج الذي يبحث عن رضا زوجته وسعادتها وراحتها، ويبذل لها ما يستطيع حتى يرى الابتسامة فوق شفتيها، والقصد من هذا المصطلح السخرية والتقليل من رجولة وشخصية هذا الزوج المحب، وتهميش شخصيته، فهو في نظرهم لا يمتلك السلطة على زوجته، وهي تقوده مثل "الخروف".
من يطلقون هذه المصطلحات السلبية لا يدركون أنهم يوغرون صدور الأزواج على زوجاتهم، ويحثونهم على خشونة التعامل معهن، حتى لا يقال عليهم إنهم "خرفان"، وكأن الزوج لا يكون ذا شخصية قوية إلا إن كان شرسا عنيفا سيئ الأخلاق، لا تسعد زوجته إلا حين تراه خارجا من باب المنزل!
ولمن اعتادوا إطلاق هذه التصنيفات أقول:
حبيبنا ــ عليه الصلاة والسلام ــ جعل معيار خيرية الرجال في حسن عشرة الزوجات، فقال "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، وقد كان يدخل السرور على قلوب زوجاته. تقول عائشة ــ رضي الله عنها ــ "لقد رأيت رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم، في المسجد، وهو يسترني بردائه، لكي أنظر إلى لعبهم، ثم لا يقوم من أجلي، حتى أكون أنا التي أنصرف.
وكان متفهما لنفسيات زوجاته.. عن أم سلمة أنها أرسلت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وكان عند عائشة، ففلقت الصحفة، فجعل يقول "غارت أمكم غارت أمكم"، أما في زماننا هذا فبعض الأزواج يتباهون بعلاقاتهم الغرامية المتعددة خارج إطار الزوجية، بل ربما سمعت زوجته همساته آخر الليل وقلبها تأكله الحسرة، وهي صابرة من أجل أطفالها!
كان ــ عليه السلام ــ يحترم آراء زوجاته ويستشيرهن، كما فعل مع أم سلمة في صلح الحديبية، وكان رمزا للوفاء والامتنان النادر لخديجة ــ رضي الله عنها ــ بعد وفاتها، وكان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويقوم على خدمة أهله.
وقد أوضح لنا ــ عليه الصلاة والسلام ــ أن حتى اللقمة التي يرفعها الرجل إلى فم زوجته تعد صدقة، ونهى أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهن أو يلتمس عثراتهن. فأي رقي رفيع تحلم به كل زوجة أكثر من هذا الرقي المحمدي في المعاملة وحسن العشرة، التي تشعرها بكيانها وقيمتها وآدميتها؟!
وخزة
إن قالوا لك أيها الزوج إنك خروف أو متخرفن فاعلم أنك من أفضل الأزواج.. فاستمر!