باكورة الأنطاكي

مارست الكتابة سنوات عديدة في الصحافة ومؤلفاً ومحققاً، واليوم أيمم نحو «الاقتصادية»، إذ أولاني المسؤولون هنا ثقتهم الكريمة لأتولى الإشراف على هذه الصفحة والكتابة فيها، وهو أمر سررت به بقدر ما تهيبته، ذلك أن الكتابة في هذه الصحيفة تحتاج نمطاً خاصاً يغاير ما عهدته سابقاً، يناسب قراءها الذين يمتدون عبر رقعة جغرافية أكبر بكثير ممن اعتدت مخاطبتهم، ,هذا يتطلب مني جهداً إضافياً، ومزيداً من البحث والتنقيب في مواضيع تناسب الغالبية وترضي ثقافتهم و أذواقهم، وتغطي قدر الإمكان هذه الرقعة.
تجربة جديدة آمل أن أنجح فيها، وأسعى لذلك، ويقيني أن القراء الكرام، والزملاء في الصحيفة لن يخيبوا ظني بهم وسيكونون عوناً لي باقتراحاتهم ومشاركاتهم التي تجعل الصفحة أكثر فائدة.
تطل عليكم هذه الصفحة كل أسبوع، وتركز على المواضيع المتعلقة بالتراث والتاريخ والأدب وكل ما هو قديم. وتستقبل الصفحة مشاركات الكتاب في هذه المواضيع وترحب بها، وسيتم نشرها إذا انطبقت عليها شروط النشر.
أسعى وراء الحقيقة، ووراء كل ما هو نافع ومفيد من المواضيع، ومناسب للقراء، ولكن التقصير طبع البشر، والكمال لمن له الكمال سبحانه. لذلك فالصفحة تفتح ذراعيها مرحبة بكل ملاحظة أو تصويب أو اقتراح. والبريد الإلكتروني (الإيميل) لا توصد أبوابه أبداً، فهو بلا شك أكرم من حاتم الطائي، ولو جاءت الوفود بالآلاف فهو يرحب بهم جميعاً، وسيقدم لكل زائر دلة من القهوة، وطبقاً من التمر، ومُفَطَّحَاً يسر الناظرين، ولو أدرك ذلك التنوخي لوضعها في "المستجاد من فعلات الأجواد" قبيل قصة جابر عثرات الكرام. والمفطح لمن لا يعرفه كبش سمين من خيرة الخراف، يوضع فوق صحن من الأرز، يسيل لرؤيته اللعاب، وكنت أراه في غابر الأيام، ولكن منذ أن تلقيت الضربة القاضية قبيل سنوات في كارثة الأسهم، أصبح شيئاً من التراث، وإن استمر الحال على ما هو عليه فربما يصبح رؤية المفطح حديث خرافة، يضاف لعنقاء مغرب، وغول الشنفري. ومادة فَطَح في لسان العرب تدل على الشيء العريض، ويسمى الثور بالأفطح لأن رأسه عريض، أما الناقة الفطوح فهي ضخمة البطن. هل تريدون المفطح بعد هذا؟
هذه بدايتي التي آمل أن تكون مستمرة ومفيدة ومثمرة مع «الاقتصادية»، وعنوان المقالة ناسب الحال، فاختلسته من مؤلف سابق اسمه سليمان أفندي الأذني الأنطاكي، ألفه في كشف أسرار الديانة النصيرية العلوية، بعد أن تحول عنها إلى المسيحية، وقد طبع الكتاب في بيروت سنة 1862م. وتذكر بعض المراجع أنه تم استدراج المؤلف إلى مدينة اللاذقية وطمأنته ثم خُنق وأُحرقت جثته في إحدى ساحات هذه المدينة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي