نسمع بعضهم يقول: خَصَفَ نَعْلَه، أي خَرَزَها أو رَقَعَها وأصلحها ويخصِفُها أي يخرزها، والمِخْصَف أي المِخْرَز وهو خَصَّاف – إشارة إلى مهنة الخَصْف، وهو قول عربيٌ صحيح – كما في المعاجم اللغويَّة، فهكذا نطقت العرب، جاء في المختار: "(خَصَفَ) النَّعْل: خَرَزَها". وفي المصباح: "خَصَفَ الرجلُ نَعْلَه خَصْفا... فهو خَصَّاف، وهو فيه كَرَقْع الثوب" وفي الوسيط: "وخَصَفَ النَّعْل: خَرَزَها بالمِخْصَف، وفي الحديث: أَنَّه كان صلى الله عليه وسلم يَخْصِفُ نَعْلَه..." وما زالت الكلمة مستعملة عند العامَّة، لذا فهي من فصيح كلامهم؛ لأنَّ لها أصلا في العربيَّة الصحيحة. وجاء الفعل المضارع (يَخْصِفُ) في القرآن الكريم مُسْنَدا إلى ألف الاثنين، قال الله تعالى: " وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ" سورة (الأعراف)، من الآية (22). أي يُلْزِقان بَعْضَه ببعض لِيَسْتُرَا به عَوْرَتَيهُما.
فالخَصْفُ إذنْ: خَرْزٌ ولزق، وأصاب الكلمة تطوّر دلاليّ عبر العصور فخرج المعنى من دلالته الضيِّقة التي هي خصف النعال إلى الكذب فكأنَّ الكذَّاب يَخْرِز القول على القول وينمِّقه.
