الوجه .. علامة تاريخية في الجزيرة العربية وكنز آثار يعود لآلاف السنين
تحتضن محافظة الوجه كبرى محافظات منطقة تبوك على ساحل البحر الأحمر معالم أثرية تعود لآلاف السنين ودونت المصادر التاريخية عمر المكان الموغل في القدم ودروها في الحضارات المتعاقبة وحضورها في مؤلفات عدد كبير من الرحالة المسلمين وغير المسلمين والمستشرقين الذين زاروها فيما بعد ووثقوها بصور فوتوغرافية. وجاء ذكر الوجه في قواميس اللغة العربية ومعاجمها بمعنى القليل من الماء أو منهل الوادي الذي به المياه.
#02#
#03#
ويظل ميناء الوجه الأبرز والأكثر حضورا على مستوى التاريخ من خلال الدور الكبير له في التنشيط التجاري والسياحي قبل وبعد الإسلام بين موانئ البحر الأحمر وزادت أهميته في العصور الإسلامية, إذ تشير الدراسات التاريخية إلى أن الوجه كانت الميناء البحري لثمود قوم النبي صالح عليه السلام في الحجر وميناء بري لحجاج بيت الله الحرام بعد ظهور الإسلام وذكرت في زمن الخليفة العباسي أبو العباس السفاح (عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله ابن العباس بن عبد المطلب) عام 135 هجري وذكرها الرحالة المسلم اليعقوبي (أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح) في كتابه البلدان عندما زارها ف العام 284 هجري علاوة على زيارات العديد من الرحالة المسلمين أمثال العذري الأندلسي والحافظ العسقلاني والجزيري وإبراهيم رفعت باشا. وفي العهد السعودي كان للوجه دور مهم عند توحيد إقليم الحجاز على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن "رحمه الله" ومن ذلك الوقت وحتى هذا العهد الزاهر والمحافظة تعيشة نهضة شملت مختلف المجالات.
#04#
#05#
ومن الآثار التاريخية الموجودة في محافظة الوجه, البلدة القديمة وبواباتها وسوق المناخة الذي يقع على الشاطئ الشمالي للميناء وأسفل الهضبة تقع عليها محافظة الوجه الحديثة، وشهدت البلدة القديمة وسوق المناخة حركة تجارية كبيرة في العصور الماضية إذ كان الحجاج القادمين من المناطق المجاورة والمتجهين إلى الأراضي المقدسة يعبرون محافظة الوجه كما كان لموقع الوجه الاستراتيجي والبحري دور مهم في سهولة اتصالها مع غيرها من الدول والمدن الأخرى الواقعة على ساحل البحر الأحمر خاصة مصر والسودان. وتضم محافظة الوجه عددا من القلاع التاريخية والأثرية ومنها قلعة الوجه وتسمى قلعة السوق ولا تزال آثارها قائمة إلى الآن حيث شيدت عام 1276 هجري وتكشف جميع نواحي البلدة والمناطق المحيطة وهي عبارة عن بناء مستطيل الشكل مزود ببرج مراقبة ومدخل وفناء تطل عليه الحجرات والمرافق وقلعة الزريب وتقع في وادي الزريب شرق الوجه على بعد 20 كيلو مترا وشيدت في عام 1026 هجري على طريق الحج المصري لتكون حصنا لحماية قوافل الحجاج والمواد المخزنة كمؤونة في أثناء عودتهم من الأماكن المقدسة وهي مستطيلة الشكل لها 4 أبراج ومدخل يقع في الضلع الغربي منها.
#06#
#07#
وتتكون من حجرات تحيط بفناء القلعة ومصلى ووحدات سكنية أما فنار الوجه فشيد في العام 1292 هجري لترشد السفن القادمة لميناء الوجه من الجهة الجنوبي منه وهو ما يطلق عليه في الوقت الحاضر برج الملاحة البحرية وشكل هذا الفنار علامة بارزة في تراث محافظة الوجه العمراني وربما تراث البحر الأحمر بأسره. وقصر الإمارة بالوجه من القلاع التاريخية والأثرية وكان مقرا للإمارة في عهد الملك عبدالعزيز "رحمه الله". ومن أشهر آثار الوجه ميناءها القديم ويتكون من رصيف واحد يسمح برسو سمبوكين أما السفن الكبيرة فكانت ترسوا بعيداً عن الرصيف كذلك الصهاريج وهي عبارة عن بناء مستطيل ذو فتحات سفلية تسمح بدخول مياه الأمطار بهدف جمعها داخل البناء بطول 12 مترا وعرض 5 أمتار ويصل عمقه 5 أمتار واستخدامها للشرب عند نقص المياه إذ كان 20 صهريجا تغذي السكان بالمياه ولم يبق منها حاليًا سوى واحد تعود ملكيته لأسرة السنيور.
#08#
#09#
وعن الآبار المتبقية في وادي الزريب بالوجه فتوجد 17 بئرا تنقسم إلى قسمين : الأول يقع فيه 11 بئرا تقع حول قلعة الزريب وهي الأقدم أما الآبار المتبقية فقد حفرت في نهاية العصر العثماني وتقع بالقرب من مصب وادي الزريب وتعرف الآن بآبار وادي السيل ومن أهم هذه الآبار المويلحة وبئر المقومة الجنوبية وبئر العمارة والتجارية والعجوة والشادوف والمنزلاوي والمقرنة والقلعة. أما آبار القسم الثاني التي تقع في وادي السيل فهي بئر سبيل هداج والمنشية وبئر المعلم وبئر النقيعة وبئر السنوسي بالإضافة إلى وجود مواقع للآثار في محافظة الوجه منها في بدا التي تقع شرق الوجه وهي قرية يوجد بها موقع أثري تنتشر على سطحه كسر الفخار والخزف الإسلامي الذي يعود تاريخه إلى القرنين الثالث والرابع الهجري ويوجد إلى جانب هذا الموقع بركة وآثار قنوات للري. إضافة إلى وجود كتابات كوفية منقوشة على الصخور, وكانت بدا محطة رئيسية على طريق الحج الداخلي.
#10#
#11#
موقع النهدين من الأماكن الأثرية بمحافظة الوجه وهي جبلان صغيران يفصل بينهما ممر ضيق يمر عبره مسار طريق الحج المصري وتقع على مقربة من وادي العرجاء وتظهر في ممر النهدين آثار تمهيد وتسوية لمسار طريق الحج بالإضافة إلى وجود كسر فخارية من أنواع الفخار العثماني المتأخر وآثار وادي العرجاء التي تقع على بعد 25 كيلو مترا جنوب شرق مدينة الوجه تضم آبار سلطانية عثمانية دفنتها السيول الأخيرة كما توجد بالوادي صخور عليها كتابات تذكارية كوفية مبكرة وأخرى بالخط من عمل الحجاج. وفي أعلى وادي العرجاء توجد مستوطنات تعدينية قديمة وآثار مناجم وآثار أكراء أو بركة أكرا التي تقع على بعد 50 كيلو مترا جنوب شرقي محافظة الوجه وتضم بركة وبئر بطريق الحج يعود تاريخ إنشائها إلى العصر العثماني. وذكرت أكرا في المصادر الجغرافية العربية منزلا من منازل طريق الحج ومثلها آثار القصير التي عرفت موقعا لبقايا مستوطنة ساحلية يعود تاريخها إلى العصر النبطي وأقدم من ذلك السفن الرومانية التي رست على ضفاف شواطئ الوجه عام 24 قبل الميلاد ضمن الحملة الفاشلة للاستيلاء على المملكة السبئية باليمن بقيادة أوليوس جاليوس آنذاك.
#12#