يا تجار العقار.. انخفاض الأسعار واقع
لا أجد حرجا في التماس العذر، بل ألف عذر لتجار العقار عندما يغضبون من الإعلام وهو يتحدث عن انخفاض أسعار العقارات في السعودية، أو المطالبة بخطوات تسهم في خفضها أكثر وفي مقدمتها سن قانون رسوم الأراضي، فلا أحد يشعر بالغبطة عندما يمس ماله وتجارته.
ومع التماسنا لهم العذر فعليهم أن يلتمسوا العذر للإعلاميين أيضا وهم يسعون لنقل واقع السوق العقاري بكل مهنية ومصداقية، وعليهم أن يفرقوا بين نقل ما يحدث أو التوصية والضغط تجاه أمر يرغبون في أن يحدث.
الإحجام عن الشراء أمر واقع وهو أمر يمكن أن تلاحظه من خلال الاطلاع على مؤشر وزارة العدل وتقاريرها التي تبثها أسبوعيا ومقارنتها بالأعوام السابقة، فالسيولة في القطاع العقاري تتناقص شهرا إثر شهر، والأسعار تنخفض تدريجيا وكل من يزور مكاتب العقارات في مدينته سيلاحظ هذا التراجع.
يا تجار العقار يا من تشككون دوما في تقارير وسائل الإعلام وتصفونها بغير المنصفة، والهادفة إلى إيقاع الضرر بالسوق العقاري، ماذا عن تقارير الجهات الرسمية.. هل تقبلون بها وتنصفونها أم ستشككون فيها أيضا؟
تقرير مهم صدر من الغرفة التجارية في مكة المكرمة تحدث عن واقع السوق العقاري في السعودية وركز في أغلبه على مدينة مكة، يقول التقرير في إحدى جزئياته إن السيولة في السوق العقاري في العاصمة المقدسة انخفضت بنسبة 30 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الهجري الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
الجزئية تلك تؤكد تراجع التداول العقاري وهو ما وصفه البعض بالإحجام عن الشراء أو "الركود".. وهناك نقطة مهمة ذكرها التقرير تعطي مؤشرا قويا على تراجع أسعار العقارات في السعودية وتتمثل في انخفاض متوسط سعر متر الأرض في مكة المكرمة خلال الفصل الأول من العام الحالي بأكثر من 86 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
انخفاض أسعار العقارات في السعودية أمر واقع ويمكن مشاهدته على الأرض وليس في أعمدة الصحف، والأسعار المبالغ فيها التي أضرت بالسوق العقاري في السنوات الماضية لن تعود مع تكفل الدولة بإسكان مواطنيها من خلال منتجات وزارة الإسكان، التي بدأت في توزيع بعضها.
على تجار العقار الرضوخ للواقع والتعايش مع الوضع الراهن، فهم من استفاد من الارتفاع المبالغ فيه في أسعار العقارات في السنوات الماضية، ولا بأس لو لحقهم بعض الضرر من الانخفاض الحالي والمقبل، فكما أعطاكم السوق عشرا فلم الغضب وهو يأخذ منكم واحدا!