الحشرات طعام المستقبل في الغرب على خطى آسيا وأمريكا اللاتينية
هل يمكن أن تكون الحشرات هي طبق السوشي التالي وهمبرجر الحشرات هو شريحة لحم البقر الجديدة؟ بات كرولي، مؤسس تشابول، الذي يصنع قطع الطاقة من الصراصير المطحونة ناعماً، يأمل في ذلك.
كرولي أطلق صناعة قطاع غذاء الحشرات، الذي يمزج بروتين الصراصير المسحوقة مع مكونات مثل الزنجبيل والشكولاتة والتمور، من بلدته الأم سولت ليك سيتي في عام 2012.
من هناك بدأ القلي السريع لليرقات والصراصير في الحفلات، ولاحظ أنه في حين إن بعض ضيوفه كانوا يمضغونها بلا خوف، إلا أن آخرين قد توقفوا عندما وجدوا أمامهم عين الحشرة.
لذلك بحث عن طرق لجعل الحشرات مقبولة. يقول "بعد ستة أشهر من التجارب استقرّ رأينا على القطعة الغنية بالبروتين المُصممة من أجل (المتحمسين للياقة البدنية)".
قرار كرولي الانطلاق بقطعة الطاقة استفاد من الاتجاه الصحي للحميات الغذائية عالية البروتين. محتوى البروتين والمعادن من الصراصير يُقارن جيداً بمحتوى لحم البقر، لذلك كان تشابول يملك قصة جيدة ليرويها.
باعتباره مختص المياه وعمله بدوام جزئي كدليل تجمّع المياه البيضاء، كان قد أمضى بداية حياته المهنية في البحث عن طرق لتخفيف الإفراط في الاستخراج من مياه النهر، لريّ المحاصيل من أجل تغذية الماشية.
في صباح أحد الأيام سمع عن عالم بيئة هولندي يُجادل في ملف صوت رقمي أنه لحماية أنهار العالم، وخفض انبعاثات الكربون وتحسين صحة الناس، ينبغي للغربيين أكل لحم أقل وتقليد المليوني شخص الموجودين في كافة أنحاء آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، الذين تعتبر الحشرات بالنسبة إليهم طعاماً عادياً، مشيراً إلى أنها تتطلب قليلا من المياه أو المساحة، من الأطعمة الشهية والأساسية "كان الأمر كما لو أنه تم إشعال النور".
اليوم، فإن "تشابول" -المشتقة من لغة الأزتك تعني صراصير– موجود على رفوف السلسلة الأمريكية ناتشورال جروسرز ويدخل محال هول فودز.
لقد بدأ غيره من منتجي الأطعمة القائمة على الحشرات في الظهور، بتشجيع من مؤيدي الحشرات - الثروة الحيوانية المُصغّرة - في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة باعتبارها بديلا مُستداما عن الماشية التقليدية.
هل المستهلكون في الغرب مستعدون لرؤية الحشرات، الأكثر ارتباطاً في العادة بنشر الأمراض، كوجبة عشاء؟ في عام 2014، وجد بحث أجرته منتيل، شركة أبحاث السوق، أنه من بين المستهلكين الذين لم يتناولوا البروتين من مصادر الحشرات، فإن البعض قد يهتم بتجربتها: في ألمانيا، الرقم كان 21 في المائة، و26 في المائة في الولايات المتحدة و27 في المائة في المملكة المتحدة، لترتفع إلى 52 في المائة في الصين.
جابي لويس، مؤسس إكزو، الشركة الناشئة في نيويورك لصناعة قطع الصراصير، يرى طحين الصراصير أنه البوابة لظهور مطعم للحشرات. تماماً كما تمنح لفائف كاليفورنيا، وهي نسخة غربية من السوشي، الأمريكيين نقطة انطلاق لتناول السمك النيئ، يتوقّع أن "قطع الصراصير ستعمل على تمهيد الطريق لمجموعة أوسع من أطعمة الحشرات".
التفكير هو أنه بمجرد أن يتناول شخص ما قطعة الصراصير، فقد حطّموا نفسياً محرّمات الحشرات: قريباً قد يمضغون همبرجر الحشرات أو كباب اليرقات.
من بين ما يُقدّر بنحو 1900 نوع من الحشرات التي تؤكل في كافة أنحاء العالم، هناك مجموعة صغيرة فقط قد تعمل على إغراء الأذواق الغربية، على الأقل في البداية. كرولي فكّر في اليرقات وحشرة الجندي الأسود من أجل قطعته، لكن مظهرها الزاحف المُقرف وأسماءها غير الجذابة، جعلتها أكثر إثارة للاشمئزاز من الصرصار، الذي يشبه الروبيان المألوف.
من خلال إبقاء العلامة التجارية لعوبة -التورية بكلمة حشرة يعتبر أداة مُفضلّة- يأمل أصحاب مشاريع الحشرات، في وضع الحشرات في أطباق الأشخاص بدون اعتبارها نزوات.
وتقول روز وانج، -المؤسِسة المُشاركة لشركة سيكس فودز- (أي ما يشبه الحشرات ذات الأرجل الست) التي تصنع "شيربز" وكريسب صراصير على غرار التورتيلا، الذي طوّرته المؤسِسات في جامعة هارفرد.
#2#
يقول الطاهي آندي هولكروفت، "إنه من المهم جعله جذابا للأذواق عند تقديم الأطعمة الجديدة". وهو يُخطط لافتتاح مطعم جراب، لتقديم الأطباق الشهية مثل كباب الحشرات بالبهارات المغربية، في مكان يجذب زوّار الحشرات في ويلز.
ويضيف "إن الوصفات المُقرمشة، مثل المقلية، تبدو مُثيرة للشهية أكثر من المغلية قليلاً أو المسلوقة... (التي تبدو) مسحوقة وإسفنجية". وكان مشروعه قد تبع خطوة من قِبل واهاكا، سلسلة المطاعم المكسيكية الراقية، لوضع الصراصير ضمن قائمة طعامها المميزة.
حتى لو كان بالإمكان تحييد "عامل القرف"، فهل سيرقى بروتين الحشرات إلى مستوى التوقعات؟ تيموثي لانج، الأستاذ في مركز لندن لسياسة الطعام في جامعة سيتي، يحذر من "التسرّع إلى الاستنتاج أن الحشرات التي تتم تربيتها في مزارع صناعية، سيكون لها نفس القيمة البيئية مثل الحشرات التي تعيش في المناطق الاستوائية". الثقافات التي تمارس الإنتوموفاجي بشكل تقليدي -أكل الحشرات- تقوم بجمع الحشرات من الغابة. في الغرب ستتم تربية الحشرات في مزارع وستتطلب التغذية والتدفئة.
ثم إن هناك مسألة التنظيم. لقد كانت التنظيمات المعنيّة بالحشرات تركّز بشكل تقليدي، على وصف حدود وجود فتات الحشرات بطريق الخطأ في الطعام.
هذا هو ما شكّل مُعضلة بالنسبة لتشابول: كيف يمكن إقناع تجار التجزئة بأن قطع الصراصير كانت متوافقة، في حين إنه لا توجد أي معايير خاصة بالصراصير يمكن أن تتوافق معها.
لذلك، طلب التوجيه الرسمي، الذي قاد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى التصريح بأن الحشرات التي تتم تربيتها في مزارع من أجل الطعام -وليس كطُعم للأسماك أو تغذية الزواحف– يجب أن تتم تربيتها خصيصاً للاستهلاك البشري. وحيث إنها في انتظار وضع مزيد من المتطلبات، تعمل الشركات الناشئة مع مزارعي الصراصير لتطوير بروتوكولات للصراصير خاصة بالاستهلاك البشري. مثال على ذلك هو حمية الصراصير الغذائية -عضوية، غير مُعدّلة جينياً ونباتية بالكامل.
يقول لويس، "إن هذا أفضل بكثير مما تتم به تغذية معظم الأبقار". كذلك أبحاث الحساسية جارية. الحشرات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقشريات، الأمر الذي يُثير المخاوف -التي استجابت لها الشركات الناشئة، من خلال التحذيرات على علبها– من أن الأشخاص الذين يعانون الحساسية ضد المحار، ينبغي أيضاً أن يتجنبّوا الحشرات.
في الاتحاد الأوروبي، فإن التغييرات المُخططة لتوضيح نطاق ونية تنظيمات الأطعمة الجديدة، تعد بإنهاء النزاعات القانونية بين الدول الأعضاء، حول ما إذا كان يجوز تسويق الحشرات، أو أجزاء من الحشرات، كطعام دون إذن مُسبق، وجعل من السهل أكثر الحصول على موافقات الطعام للحشرات، التي يتم تناولها منذ مدة طويلة بدون آثار سلبية، من قِبل الناس خارج أوروبا. في غضون ذلك، تشتكي شركات تصنيع أطعمة الحشرات، من أن الارتباك في القوانين التنظيمية يعوقها.
يقول داميان هايسمانز، مؤسس شركة ذات جرين كاو البلجيكية لإنتاج مآدب اليرقات اللذيذة، "في هولندا وبلجيكا (التي وافقت على عشرة أنواع من الحشرات لاستخدامها في الطعام)، لا توجد مشكلة، لكن (في أماكن أخرى) أنت لا تعرف إذا كانت منتجاتك ستكون مسموحة".
مع ذلك، هناك دلالات على أن المستثمرين يأخذون بروتين الحشرات على محمل الجد. حيث جمعت شركة إكزو أخيراً 1.2 مليون دولار كتمويل تأسيسي لتوسيع عملياتها، وفي نفس الوقت ظهور في برنامج التلفزيون الأمريكي، شارك تانك، الذي يُركّز على الاستثمار في المراحل المبكرة، قد ضمن لشركة تشابول ضخا لحقوق الملكية بقيمة 50 ألف دولار، وجاء دعم الشركات الناشئة من المساهم مارك كوبان.
يقول كرولي "يظن الناس أننا نحاول فعل شيء جديد تماما – لكن من الناحية التطورية، نحن نأكل الحشرات منذ فترة أطول بكثير مما كنا نأكل المزروعات ولحم البقر، التي نظن أنها تقليدية".