ثقافة الأبراج خدعة .. و«حامل الحية» يكشف خداع المنجمين

ثقافة الأبراج خدعة .. و«حامل الحية» يكشف خداع المنجمين

المستقبل، ذلك الزمن الذي يثير فضول الجميع ويتمنى أن لو كانت بيده مفاتحه ليضمن راحة باله وسعادته، ما دفع البعض إلى أن يدخل للفضوليين لإشباع رغباتهم من باب التنجيم والحسابات الفلكية لإشباع رغباتهم التي تصدى لها بعض الباحثين والفلكيين ليؤكدوا أنها ليست إلا (خدعة). وعلى الرغم من أن التنجيم انفصل عن علم الفلك في القرن الثامن عشر حين ميز الأخير نفسه بأنه متخصص في دراسة الأجرام الفلكية والظواهر دون اعتبار لمفاهيم ظواهرها، إلا أن المنجمين ما زالوا يعرفون أنفسهم للعالم بأنهم علماء فلك، وتراهم يتسابقون في وسائل الإعلام المرئية والمطبوعة عاماً بعد عام لإثبات حاجة المجتمع إليهم بتوقعات خرجت من أفواههم ونالت حظاً من المصداقية إما صدفةً أو ادعاء، على الرغم من أن التحذيرات منهم لم تصدر من الدين الإسلامي فقط بل تبعتها الكنيسة بأن كذبت مزاعمهم وعلمهم بالقول "وحده الشيطان من يستطيع مساعدتهم".
تلك الخدعة بحسب الفلكية رباب القديحي كُشفت لأن الأبراج القديمة والأبراج الحقيقية ليست 12 برجاً بحسب ماهو متداول ومعروف للجميع، كما أن هذه الأبراج تبلغ من العمر أكثر من ألفي سنة ما يعني استحالة بقائها على ما كانت عليه بعد مضي كل هذه السنين، مضيفة أن الحمل في ذلك الزمان كان أول الأبراج والحوت آخرها، فيما أن الحوت اليوم هو أول الأبراج والحمل ثانيها.
وكشفت القديحي أن التنجيم يجزم بمكوث الشمس في كل الأبراج فترات متساوية وهذا شيء خاطئ، فالنجوم كالبشر منها الكبير والصغير، والطويل والقصير والعريض، والشمس تمكث في بعضها أكثر من 30 يوما وبعضها أقل من ذلك، لافتة إلى أن هنالك برجا يحمل الرقم 13 بين الأبراج وهو برج الحاوي أو الحواء أو حامل الحية، وهذا البرج لا يجرؤ المنجمون على ذكره وينكرون وجوده مستغلين جهل الناس به فلم هذا التجاهل؟
وأبدت القديحي استغرابها ممن ينجرف حول التوقعات مع علمهم بأن التوقعات شيء موجود عند الكل وأنها قابلة للتحقق من عدمه وهذا تناقض كبير وخطير، فعندما يصادف تحقق التوقعات يقولون إنها صحيحة ومؤثرة، ولكن في حال عدم تحققها يقولون إننا نتابع الأبراج للتسلية لا أكثر، قائلة "اليوم الذي ولدت فيه وولد فيه أكثر من 1000 شخص في العالم هل يعقل أن تكون حظوظنا واحدة وحياتنا ومصيرنا واحد؟".
وأشارت إلى أن الجهل الحقيقي بعلم الفلك عند عامة الناس دفع بالمنجمين للسيطرة عليهم باستغلالهم وهو ما أشعر الناس بالهلع من أبسط الأشياء كالتفريق بين النجم والكوكب، كما أن اضطراب العالم لكثرة الحروب والصراعات في الوطن العربي تسبب في انتشار الشائعات المنسوبة لمنظمات عالمية وأسماء معروفة هم منها براء، ولنتذكر معاً حين قامت الدنيا ولم تقعد حين وقت البعض نهاية العالم في عام 2012 بسبب وجود كوكب نبيرو وظهرت الإشاعات وانتشر الرعب وأصبح الكل يترقب النهاية كيف ستكون فهل حدث شيء من ادعاءاتهم؟! مضيفة أن المشاكل والأحداث ما زالت تتوالى والشائعات ما زالت تكثر. وهناك اعترافات من بعض المنجمين الذي أصبحوا من أغنى الأغنياء بعد جمع ثروتهم وأعلنوا توقفهم عن هذا العمل مثبتين بذلك أن هذا الأمر ليس إلا خدعة وتسلية بالنسبة لهم لا أكثر، فالمنجمة الأمريكية التائبة جوليا باركر تقول "ليس بإمكان المنجم التنبؤ بالمستقبل لأنه لا يستطيع ذلك، ولكننا نخبر الزبون بما يريده هو أن نخبره به، نعرف ذلك من وجهه أو صوته أو كلامه، فليس بوسع أحد أن يخبر عن شيء سيقع مستقبلا لأنه في ضمير الغيب. بينما تقول المنجمة البريطانية بيتابيشوب "إنني أعلم أن الكثير من الناس يستمتعون بقراءة الطالع وزاوية الأبراج كل صباح ولكن هذا لا يعدو أن يكون مجرد نوع من الهذيان والهراء، لأننا لا نستطيع أن نقول لأحد ما إن شيئا سيحدث في المستقبل اعتمادا على تأثير كوكب معين في حياته وتصرفاته" وبناء على ذلك فإن فريقا من علماء جامعة ستانفورد الأمريكية اقترحوا نشر تحذير في زاوية الأبراج أشبه ما يكون بالتحذير الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية على علب السجائر، ارتأت أن يكون نَصّه "أن الأبراج هي للتسلية فقط وللمتعة" وأنها محض هراء لا يستند إلى أي حقائق علمية، كما أجرت الجمعية البريطانية للبحوث الروحانية اختباراً علمياً للتأكد من حقيقة التنبؤات المستقبلية بإشراف العالم البريطاني ويست، فانتهت إلى نتيجة مفادها أن أدعياء التنبؤ لم يتمكنوا من معرفة المستقبل ولم يوفقوا في معرفة الحظ والطالع ولو على سبيل التخمين.
كما أجرى العالم شون كارلسون من جامعة باركلي الأمريكية وبالتنسيق مع الجمعية الرئيسة للمنجمين في أمريكا اختبارا علميا للتنجيم، فخلص إلى أن المنجم إنما يتوصل إلى ما يتوصل إليه بالحظ المجرد ليس غير، ولا يوجد فن تنجيمي على الإطلاق، ولم يتمكن المنجمون من الاعتراض على نتائج البحث على الرغم من نشر نتائجه في المجلة العلمية الشهيرة "نيتشر".
وعن التنجيم يقول الفلكي سلمان آل رمضان "هو موضوع طويل وله تاريخ مترافق مع علم الفلك واتخذ عدة أسماء، وكان له وجود في الحضارات المختلفة، وترافقه مع الفلك ليس مستغربا، فالمنجم لابد له من الفلك، والفلكي لابد له من معرفة أسس التنجيم، لذلك فبداية القصة ترافقت مع بداية الفلك وحاجة الناس إلى معرفة السماء". وأضاف آل رمضان أن الفلكي اليوم سواء كان متخصصاً أو هاويا فلديه رصيد معرفي بمستجدات الفلك، ومعرفة وتفسير التشكيلات النجمية ومعطيات المقابلة والاقتران ووجود كوكب في مكان ما، بينما المنجم ما زال يجري حساباته على وضع ما قبل القرن العشرين، وهو كما يخطئ في تحديد موقع الكواكب فهو لا يتحدث عن الكواكب الجديدة التي تم اكتشافها بعد ظهور المناظير، ولا يزال " محلك سر".
وأبان الرمضان أن الشمس تنزل سنوياً في 14 برجا منها وليس 12 فقط من بين الـ 88 برجاً أو كوكباً سماوياً، كما أن البروج ليست متساوية لتكون كل شهر في فترة مساوية للشهر الذي يليه أو أي شهر آخر، كما أنه قد يبدأ في أي جزء من اليوم لا عند منتصف الليل كما هو متداول، منوهاً إلى إمكانية اختلاف الأبراج لشخصين ولدا في اليوم نفسه، هذا إذا كان للبروج أو النجوم تأثير أصلا في حياة الإنسان، موضحاً أن أبحاثاً ودراسات مختلفة أجريت على القمر وهو أقرب الأجرام السماوية للأرض كشفت أنه لا يملك أي تأثير يذكر في البشر.
وعن المنجمين قال آل رمضان " إن الدين يحارب التنجيم، والآيات القرآنية تؤكد أن الغيب بيد الله ولا يعلمه إلا هو ومن اصطفى، بل إن الدين ينهى عن إتيان المنجمين، ولا علم لي بمن صدقت توقعاته وإن حدثت فربما هي من المصادفة وكل حادثة تحتاج إلى تفصيل مستقل".
الإخصائي الاجتماعي جعفر العيد شخّصَ حال من يعول حياته على التنبؤات الفلكية بمن لا يود تحمل المسؤولية، وهذه الفئة لديها بعض التخوفات أو لنقل توهمات عن الأجرام السماوية، تدفعه إلى أن يصدقها هرباً من واقعه لرغبته في إراحة نفسه من التفكير وترجيح بدائل مناسبة، فالمنجمين يريحونه بتنبؤاته كمنفذ يتخلص منه ومن مشاكله.
فيما ترى الإخصائية النفسية خلود الحمود أن إدمان مطالعة الأبراج وترقب حصول التنبؤات يومياً لا يختلف عن إدمان ارتشاف الشاي، إلا أن التنجيم مرتبط بالطبيعة وهو مشكوك فيه لربطه الأحداث الطبيعية بالتوقعات، ولا بد أن يقتنع متابعوه بمقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا"، مشيرة إلى أن البعض قد يصل به الأمر إلى أن يصاب باضطرابات نفسية وسلوكية جراء هوسه الشديد بها والتسليم بأنها حقيقة، قائلة "على سبيل المثال لو قرأ أحد المؤمنين بالأبراج أن هنالك من يتربص به ويريد أذيته فستجد القلق والخوف قد أصابه ولن يكون على طبيعته حال مقابلته أي شخص"، مضيفة أن الكثير من الحالات التي تردنا في المستشفى تتناسى كلام الله عز وجل وقوله سبحانه "وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ"، وهذه هي أكثر الفئات التي تؤمن بالسحر والشعوذة وتلاحق المشعوذين لتعلقها بالتنبؤات.

الأكثر قراءة