ثلاجات في القصور

يشكو أغلب الناس من الإسراف الذي يمارسه كل من يدعو إلى حفل أو حتى إلى لقاء بسيط. لعل السائد في مجتمعنا هو تقديم أكثر مما يتطلبه الوضع لأسباب مختلفة.
أبسط الأسباب هو انعدام مفهوم الاعتذار قبل الدعوة. يتصل البعض قبل موعد الدعوة بساعة أو أثناء موعدها للاعتذار، فيضطر حتى المحافظ لإعداد أكثر مما يستلزم الموقف من الطعام والشراب.
لو خضنا في هذه الجزئية لاستغرقنا مساحة المقال "النحيلة"، فهناك من يؤكد الحضور وهو لا ينوي ذلك، وآخر يؤكد الحضور ثم يتذكر ارتباطاً آخر، وثالث يريد أن يترك احتمالاته مفتوحة ليذهب لأفضل الاختيارات المتاحة.
سبب آخر هو تسلط التفكير التنافسي بين الداعين، فليس من المعقول أن يكون حفل زواج ابني أقل من حفل زواج فلان، أو لا يمكن أن أولم لفلان إلا بمثل ما ضيفني به عندما زرته، حتى وإن حضر عنده أكثر ممن سيحضرون عندي. هذه التنافسية ليست منطقية، الأسوأ منها هو محاولة الرد على الوليمة "بأدسم" منها، ما ينتج حالة من الإسراف المتنامي.
السبب الأكثر انتشاراً والأسوأ عاقبة هو محاولة استغلال حالة الفرح أو الحزن، لإبراز عضلات الشخص "المالية"، وهو أمر يختص به الأقل علماً ومالاً في كثير من الأحيان، وهو ما يسمى "الهياط". والهياط هو محاولة إظهار الذات بما يفوق واقعها، ويقع على مستويات كثيرة، أكبرها حالة الدعوات والهبات.
حاولت كل وسائل النصح والتوعية أن تدعو الناس للبعد عن الإسراف الذي وصل إلى مستويات نخشى أن تكون كفراً بالنعمة، وهو أحد مسببات غضب الرحمن، وتحول الحال وسوء المآل، لم يفلح الجميع لأن الرؤوس لم تقتنع، والناس يتبعون رؤساءهم.
يتجاوز كثير من التجار وشيوخ القبائل المنطق في التنافس المحموم على إبراز ماهيتهم، فبدل أن يصرفوا الأموال على من يعرفون عوزهم، والجمعيات التي تنفق عليهم، يستمر الإسراف والبذخ الذي ما أنزل الله به من سلطان.
أدعم الدعوة التي انتشرت مطالبة بوضع ثلاجات لحفظ المواد الغذائية في قصور الأفراح. أضيف أهمية أن تقوم القصور بتحديد وقت مبكر لتقديم الوجبات، لتتمكن الجهات الخيرية من جمع الغذاء وتوزيعه على المستحقين ليستفاد منه في اليوم نفسه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي