عجز يعلن نهاية طفرة .. دعوة إلى زيادة ترشيد الإنفاق
صدرت ميزانية 2015 بعجز متوقع قدره 145 مليار ريال، مقارنة بفائض نقدره بـ50 مليار ريال للعام المنصرم 2014.
تتوقع الدولة إيرادات بنحو 715 مليار ريال، وتتوقع إيرادات غير نفطية بنحو 120 مليارا، ويتبقى قرابة 600 مليار ريال إيرادات نفطية، وهو رقم يعني أن الجهات المعنية بإعداد ومراجعة واعتماد الميزانية رأت أو قدرت سعر برميل النفط في حدود 50 دولارا للعام المقبل، إيراد نفطي 600 مليار يقارب نصف متوسط الإيراد النفطي الفعلي للأعوام 2012 و2013 و2014.
وحتى ساعة كتابة هذا المقال أمس، لم يصدر بيان وزارة المالية عن نتائج 2014، ولكننا نتوقع أنها لا تختلف كثيرا عن الوضع في العام الأسبق 2013، وتشكل إيرادات النفط نحو 90 في المائة من مجموع الإيرادات العامة الذاهبة أو المحولة إلى الميزانية، ذلك لأن هناك دخولا للدولة (كأرباحها في شركات)، لا حاجة لتحويلها إلى الميزانية خلال سنوات الطفرة والفائض.
بلغت الإيرادات النفطية عام 2013 نحو 1050 مليار ريال، وهو رقم يقل بنحو 100 مليار ريال عن العام الأسبق 2012، ويتوقع أن تكون إيرادات النفط عام 2014 أقل من إيرادات النفط العام الماضي بنحو 10 في المائة، أما نفقات عام 2014 فيتوقع أن تبلغ قرابة 1000 مليار ريال، خلاف النفقات الممولة من فائض الميزانيات السابقة، ومن ثم فالمتوقع تحقيق فائض لا يقل عن 50 مليار ريال لعام 2014.
ماذا عن عجز ميزانية 2015 المتوقع؟
العجز المقدر بـ 145 مليار ريال يساوي قرابة 40 مليار دولار، ويمثل نحو 5 في المائة من الناتج المحلي، هذا العجز كبير نسبيا، واستمراره بهذا الحجم يقضي على الاحتياطي خلال عقد من الزمن تقريبا، ومن المهم الإشارة إلى أن الأرقام السابقة هي توقعات، والغالب أن الواقع يأتي مخالفا لها، ذلك لأن عمليات الميزانية تتسم وباستمرار بوجود فروقات بين المخطط والمنفذ، أي بتحقيق إيرادات ووقوع نفقات تختلف عما جرى توقعه في بيانات الميزانية السنوية المقرة من مجلس الوزراء، والصادر بها مراسيم ملكية.
أتوقع أن تنتهي سنة 2015 بتحقيق عجز أقل من 145 مليار ريال، اعتمادا على توقع إيرادات نفطية وغير نفطية أعلى مما جاء في بيان الميزانية بنحو 100 مليار، وتوقع مصروفات لا تزيد كثيرا عما جاء في الميزانية.
مع ذلك، يهم كثيرا أن نولي موضوع معالجة العجز اهتماما أكبر، ويستند هذا إلى تحسين جوهري في بنية وفعالية إدارة الإنفاق العام والرقابة عليه، هناك أوجه إنفاق يمكن القول إنها تحت وطأة هدر، ومطلب الترشيد فيها واضح، هناك ضعف واضح في ضوابط الالتزامات، تتسم عمليات الميزانية بإنفاق أعلى من المبالغ المقرة في الميزانية عند اعتمادها من مجلس الوزراء، وهناك عوامل خلف ذلك من أهمها تذبذب الإيرادات مصحوبة بضعف نسبي في الضوابط الحاكمة للالتزامات، مطلوب بناء نظم وآليات أكثر تقدما في مراقبة الالتزامات وتوزيع المخصصات.
وتعمل رغبات الناس الآنية دون تفكير عميق بالمستقبل البعيد على زيادة حدة المشكلة، تلك قضية مهملة من المجتمع، الناس إلا قليلا تطلب ما لها، لكنها تتجاهل ما عليها، بل تتجاهل عمليا الخلاصة التي انتهت إليها عدة دراسات تقول إن وفرة الموارد لا تعني تحقيق نمو اقتصادي متين.
مطلوب زيادة الاهتمام برسم وتطبيق سياسة مالية عامة تعمل على توزيع/ تخصيص allocate الموارد المالية بصورة تتصف بأنها أكثر توازنا، وأقوى في تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي الوطني، وأكثر فعالية في تحقيق النمو الاقتصادي القابل للاستدامة sustainable economic growth، وأشد قوة في قابلية الرسوخ sustainable، والتكيف مع الظروف الاقتصادية بأفضل ما يمكن. وبالله التوفيق.
* كاتب اقتصادي