مسؤول إماراتي: «جبل علي» ليس ممراً للبضائع المغشوشة .. المشكلة في التجار السعوديين

مسؤول إماراتي: «جبل علي» ليس ممراً للبضائع المغشوشة .. المشكلة في التجار السعوديين

وجه مسؤول حكومي إماراتي رفيع انتقادات للإجراءات الحمائية التي تمارسها بعض الدول الخليجية تجاه المستثمرين الإماراتيين في بلادهم، في الوقت الذي يطالبون فيه بالمعاملة كمستثمرين إماراتيين داخل الإمارات، وهو ما أسهم في إبقاء الاستثمارات الخليجية محصورة في إمارة دبي على حد قوله.
وقال سامي ظاعن القمزي، مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية بحكومة دبي، في حوار خاص مع “الاقتصادية” على هامش قمة الأجندة العالمية التي تختتم أعمالها في دبي اليوم، “هناك بعض الدول الخليجية التي تعطل أو تعيق وجود المستثمر الإماراتي في بلدها، ولكنها تطالبنا بمنح مستثمري دولها تسهيلات كاملة، وهذا غير منطقي ولا يتوافق وطبيعة مشاريع التعاون الاقتصادي بين دول الخليج”. من جهة أخرى نفى القمزي أن يكون ميناء جبل علي ممرا للبضائع المغشوشة التي ترد من الصين ودول أخرى إلى السعودية وبقية دول الخليج، مؤكدا أن المشكلة تكمن في فهم السلطات والتجار السعوديين لطبيعة عمل الميناء، وتطرق القمزي خلال الحوار إلى النشاط الاقتصادي والتجاري الراهن لإمارة دبي، وأهداف قمة الأجندة العالمية، والمكاسب التي تجنيها الإمارة من عقد مثل تلك المؤتمرات.. وهنا بقية التفاصيل:

في البداية نود أن نسأل عن المسار الاقتصادي والتجاري لدبي.. وهل يمكن القول إنها تجاوزت أزمة 2008 ولن تعود لتكرارها؟
هناك حقيقة يجب فهمها وهي أن مدينة دبي ليست بمعزل عن العالم لكيلا تتأثر بأي هزات اقتصادية مقبلة، دبي نجحت في القضاء على تعثر المشاريع الحكومية من خلال تسليم مهمة تنفيذها لشركات القطاع الخاص، كما أن حكومة دبي قامت بجهود حثيثة للحد من تأثيرات الأزمة الاقتصادية المقبلة في ظل انخفاض نمو اقتصادات الدول النامية، خصوصا بعد أن أصبحت لاعبا عالميا ومنصة عالمية للاستيراد والتصدير تخدم المنطقة كلها، ووجود عدد من الاستثمارات الأجنبية التي قد لا تستهدف سوق دبي وحدها لكنها تستهدف تقديم خدماتها لأكثر من ملياري نسمة في سوق المنطقة المحيطة.
من جهة أخرى علينا التفكير بمنطق أن تاريخ الاقتصاد بشكل عام يمر بارتفاع ثم تباطؤ؛ لكن الخوف يكون في حال وجود نزول حاد، على غرار ما حدث في 2008، وهو ما يتطلب التصرف بحكمة بعيدا عن الارتباك والقلق، وتأثر دبي بالأزمة العالمية جعلها تشرع في عدد من الأمور الهدف منها طمأنة المستثمرين والتجار، منها إصدار بعض القوانين لتخفيض مضاربة التجار في سوق العقار، وضخ الاستثمارات في مجالات أخرى غير العقار منها قطاع النقل مثلا، ففي وقت الأزمات يبدأ القطاع الخاص بالانكماش وتبدأ الحكومات بضخ الأموال".

هل يمكن إعطاؤنا فكرة عن حجم الديون المتبقية على إمارة وشركات دبي؟
ليس لدي فكرة كاملة عنها الآن، لأن هذا الموضوع هو من اختصاص جهات أخرى، لكن هناك حقيقة يعلمها الجميع وهي أن حكومة دبي نجحت في عزل الديون عن الأداء الاقتصادي للإمارة لتحقيق التطور والتنمية المطلوبين، دون النظر للأعباء المالية التي يمكن حلها.

يتهم بعض مسؤولي وتجار المنطقة موانئ دبي وخصوصا جبل علي بأنها المصدر الرئيس للبضائع المغشوشة التي تدخل إلى المنطقة والسوق السعودية تحديدا.. ما تعليقكم؟
منع دخول البضائع المغشوشة أو المقلدة مسؤولية الجميع ويمر بمراحل متعددة، منها زيادة الوعي لدى المواطنين حول أضرار البضائع المقلدة سواء تجار التجزئة أو المستهلكين، مشيرا إلى أنه وخلال السنوات الخمس الماضية زادت حملات التوعية بشأن أضرار البضائع المقلدة والمغشوشة في الإمارات وبقية دول الخليج بشكل مكثف مما أثر في حجم مبيعات تلك المنتجات، وأثر في حجم دخول تلك البضائع للأسواق الخليجية.
كما أن هناك جهودا دولية في عدد من الدول المتقدمة لمحاربة هذه الظاهرة، فمثلا في فرنسا وبالرغم من جهودها لمحاربة الظاهرة، إلا أننا نجد البضائع المقلدة موجودة في شوارع باريس، وأعتقد أن القضاء على هذه الظاهرة أو التخفيف من آثارها السلبية يعد أمرا معقدا للغاية، ولا يكون إلا بزيادة الوعي، وتوضيح أضرارها وحقوق المستهلك بعد شراء هذه السلع، وزيادة ثقة المستهلك في قطاع التجزئة، وانعكاس ذلك على زيادة المبيعات".
اليوم في دبي التي تشهد تعدادا سكانيا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، خلال ساعات النهار، وتستهدف الوصول إلى 20 مليون سائح سنويا، وبما لهم من أثر كبير على قطاع التجزئة، إن لم تكن هناك ثقة عالية من قبل السياح والمستهلكين بالسوق المحلي، فستعاني الإمارة كثيرا، إذ إن جودة البضائع تتعلق بسياسة الإمارة في جذب السائحين".
أما بالنسبة للحديث عن دور ميناء جبل علي والمنطقة الحرة هناك في دخول البضائع المقلدة والمغشوشة للإمارات وبقية دول الخليج مثل السعودية، فهذا غير صحيح، إذ إن تلك البضائع لا تمر أبدا من هناك بشكل رسمي، وإن حدث فيكون ذلك بنسب ضئيلة جدا، "كونتينر أو اثنين"، أو جزء بسيط، ويتم ضبطها، لأن البضائع هناك تخضع للفحص والتدقيق.
دخول البضائع المقلدة أمر حساس وقضية مهمة في الإمارات، ولكن للإمارات موانئ كثيرة ومنافذ حدودية كثيرة منها البرية التي قد يصعب السيطرة عليها، "أما عن طريقة دخول البضائع المقلدة، فهذا سؤال يوجه للجمارك"، وهم يقومون بعمل كبير جدا في هذا الجانب، ويشمل التحري، والتوعية.
وأما الحديث عن تسرب البضائع المقلدة من الإمارات للسعودية، فإننا في الواقع وكجهات مسؤولة في دبي نجد صعوبة في فهم التجار السعوديين، والسلطات السعودية، أحيانا، لحركة البضائع، وعلى سبيل المثال واجهتنا مشكلة في مسألة إعادة تصدير شحنات من البضائع لأحد المصانع المتخصصة في صناعة الشوكولاتة، إذ عوملت معاملة البضائع القادمة من السوق الحرة، وفي ميناء جبل علي عدد من المناطق الحرة وغيرها، مشيرا إلى أن "التجار السعوديين بحاجة إلى توعية حول طبيعة عمل الموانئ في دبي".
عمل تلك الموانئ، كقطاع خاص، هو خدمة قطاع الأعمال، كما أن دائرة الاستثمار الأجنبي بحكومة دبي تعمل كمستشار لأصحاب الأعمال لمساعدتهم على تنمية استثماراتهم، وحل المشكلات والتحديات التي تواجههم بطريقة عملية وتوصيل مشكلاتهم لأعلى سلطة في الدولة لحلها".

وجه الكثير من المستثمرين السعوديين أموالهم إلى دبي وأسهموا في تطويرها.. لكن بعضهم يشتكي من عدم معاملته كمستثمر خليجي له كامل حقوق المستثمر الإماراتي.. كيف ترد؟
أستغرب من بعض دول مجلس التعاون الخليجي التي تطالب بالمعاملة بالمثل بالنسبة للمستثمرين الخليجيين في الإمارات ودبي تحديدا، والمطالبة بمعاملتهم معاملة المواطنين، إلا أنها تتخذ بعض الإجراءات الحمائية ضد المستثمرين الخليجيين والإماراتيين في بعض القطاعات، "نحن نحب هذا المبدأ الذي يجعلهم يمنعون التجار الإماراتيين من الاستثمار لديهم فيما يسمحون لتجارهم بالاستثمار في الإمارات، وهو ما يسهم في رفع عدد المستثمرين الخليجيين في دبي على حساب بقية دول الخليج، لكنه أيضا غير عادل".

كيف استطاعت دبي تنفيذ مشاريعها العملاقة دون ظهور ظاهرة تعثر المشاريع التي يعانيها بعض الدول الخليجية الأخرى سواء في السعودية أو الكويت؟
مدينة دبي تدار على أنها شركة خاصة، فيها 18 مديرا تنفيذيا هم أعضاء مجلس إدارة الشركة ورؤساء الدوائر الحكومية، وهؤلاء المديرون ليس لديهم مطلق الصلاحيات، بل لديهم خطة استراتيجية خاصة لهم ويعملون على تنفيذها، بحيث توضع الأهداف في كل قطاع لتعمل الدوائر على تنفيذها.
أعتقد أن أسهل أمر في دبي هو استكمال تنفيذ المشاريع الخاصة بالبنى التحتية الصلبة، مثل الطرق والمواصلات، وذلك يعود للطريقة التي تدار بها المشاريع في الحكومة، بطريقة الشركات، لكن الصعوبة تكمن في تطبيق الاستراتيجيات بين عدة طبقات من القطاعات، التي تتنافس بين بعضها بعضا لتنفيذ تلك الخطط".
ما جعل دبي مختلفة عن بقية مدن العالم هو وجود القائد المميز صاحب الرؤية المختلفة، إضافة لوضع الأهداف الواضحة مع التأكد من إمكانية تطبيقها، وجدوى الأهداف والمشاريع اقتصاديا، كما أن حكومة دبي استثمرت كثيرا من الأموال في البنية التحتية بغرض استقطاب الكوادر البشرية، والمشاريع الاستثمارية المميزة، سواء الأجنبية أو المحلية.
وإني أتعجب من أداء بعض حكومات الدول المجاورة لدبي، التي "أنفقت كثيرا من الأموال على البنية التحتية وإعطاء مميزات وحوافز لاستقطاب استثمارات وشركات كثيرة، في حين أن دبي ركزت على اقتصاد المعرفة، وجودة الحياة باستقطاب العقول وأشخاص ذوي كفاءة عالية أكثر من الاستثمارات، ليكونوا موظفين أو يتحولوا بعد ذلك لمبادرين ناجحين في السوق، عن طريق إيجاد بيئة الاستثمار والابتكار في الوقت نفسه.
أغلبية الناس تعتقد أن القطاع الخاص يتطور أكثر من القطاع الحكومي، إذ أن دبي بدأت قبل 15 سنة في وضع برامج للتميز في حين إن كثيرا من الدول العربية إلى الآن تفتقر لمثل تلك البرامج، وهو ما دفع كثيرا من المؤسسات الحكومية في إمارة دبي تسعى لتنافس القطاع الخاص، وهو ما يؤكد أن بعض القطاعات الحكومية في دبي اليوم تقدم خدمات أفضل من تلك التي يقدمها القطاع الخاص، فاليوم الخدمات الحكومية تقدم خدماتها بطريقة أرقى من القطاع الخاص.
في دبي ليس هناك مكان للبيروقراطية بمفهومها الموجود في العالم العربي، بل يوجد شيء من القوانين والقواعد، إذ لا يوجد مؤسسة بلا إجراءات حكومية، ففي النهاية تلك المؤسسة تدير مالا عاما، ولا يمكن تركه سائبا، وهناك قواعد عمل يجب أن تحترم للرقابة على جودة تقديم الخدمة، وللرقابة على المال العام، وحكومة دبي تعمل على تسهيل الإجراءات وتقليلها والتحول للمدينة الذكية من خلال ربط جميع الخدمات ببرامج سهلة للقضاء على البيروقراطية. وطموحات حكومة دبي التطويرية والتنموية ليس لها سقف محدد، فبحسب رؤية الشيخ محمد بن راشد فإن سقف طموحات دبي يقف عند حد السماء، فنحن لا نستطيع التوقف عن العمل من أجل جذب الاستثمارات واستقطاب الكوادر البشرية المؤهلة للعمل".

تستضيف دبي هذه الأيام قمة الأجندة العالمية، التي يحضرها مختصون وقادة في مؤسسات دولية كبرى.. ما الفائدة التي تنعكس على الإمارة من وراء تلك التجمعات؟
الهدف من استضافة دبي للاجتماعات يأتي لإيجاد ترابط بين حكومة دبي وأبوظبي مع منتدى دافوس، لنتعلم من المختصين المشاركين، وللمشاركة في المنتدى بعرض النموذج الإماراتي، والترويج لدبي من خلال استقطاب مجموعة من المختصين في الأمور المرتبطة بالاقتصاد والأمور الاجتماعية، ودمج الشباب الإماراتي في مجموعات ورش العمل مما يزيد من فهم التجارب الخارجية وتطبيقها في إمارة دبي لنشرها في المدن الأخرى والبلدان العربية المجاورة.

الأكثر قراءة