الصحويون الماسونيون
حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين يتبع نهج معلمه الماسوني الشيعي الإيراني "جمال الدين الأفغاني"، مؤسس جمعية وصحيفة "العروة الوثقى" الباريسية المنبثقة بشكل غير مباشر عن المحفل الماسوني في باريس والموجهة للعالم العربي، الباكستاني أبو الأعلى المودودي يلحق به، الملحد السابق سيد قطب يتبعهما، وتقارير مؤكدة تتحدث عن سفره للغرب، قبل أن يعود متديناً، وليؤصل لمفهوم "ولاية المرشد"، مروجا لنهج الإخوان "التكفيري"، قائلاً إن المجتمعات العربية والإسلامية في وضعها الحالي هي مجتمعات "طاغوتية"، "جاهلية"، كجاهلية العرب الأولى! ومؤسّساً ما يسميه هو وصاحبه "البنا" ـمشروع "الصحوة الإسلامية"، و"الثورة ضد الطواغيت"، وفي التوقيت ذاته، يتم تجنيد الشاب الشيعي الأصفهاني الطموح "مجتبى مير لوحي" العامل في شركة النفط "الإنجلو ــ إيرانية"، ليختفي عن أقرانه ومجتمعه فترة من الزمن، قيل إنه توجه فيها للغرب، ومر بالقدس التي كانت تلك الفترة لا تزال تحت الانتداب الإنجليزي، حيث باشر يهود تأسيس نواة دولتهم الصهيونية، ثم ليعاود الظهور باسم جديد، وبهيئة جديدة، ومال كثير، إنه الآن "الملا محمد نواب الصفوي"، إنه الأب الروحي – رسميا - للنظام الإيراني الحالي، إنه الأب الروحي لـ "الثورة الإسلامية في إيران" ولنظام "الخميني"، إنه يعود لإيران ليعيب على الشيعة سلميتهم، يعيب "مظلوميتهم"، ويعيب "الانتظار" لحين خروج "المهدي المنتظر"، ويعيب على علماء الشيعة "اعتزال السياسة"، ويدعو إلى دخولهم بقوة لمعترك السياسة، و"مجابهة الطغاة"، و"الحكم"، إنه "الإسلام السياسي"، إنها الراديكالية السياسية الإسلامية الحديثة، إنها "الصحوة الإسلامية"، إنها "الثورة الإسلامية ضد الطواغيت" إنها "ثورة الشعوب"، فـ "المستقبل لهذا الدين"، و"الإسلام هو الحل"، و"لا شرقية ولا غربية، إسلامية.. إسلامية" عدد من المصطلحات والشعارات التي أبدعها تلاميذ الماسوني جمال الدين: "البنا" و"المودودي" و"قطب" بالإضافة إلى "نواب الصفوي" الذي زاد ليسوق لمفهوم شبه جديد عند الشيعة، إنه مفهوم "التعجيل لخروج المهدي" وليس مجرد "الانتظار"!
وها هو نواب الصفوي يحول الأقوال والشعارات لأفعال، فيؤسس تحت هذه الشعارات الرنانة، تنظيمه الإرهابي القذر المسلح، باسم الدين، إنه القتل باسم الله، تعالى الله، إنه الاستخدام الرخيص لاسم الإسلام، إنه تنظيم "فدائيو الإسلام"، ليقوم باغتيالات وعمليات إجرامية غادرة، جماعة الإخوان سبقت "صفوي" بتأسيس تنظيمها السري المسلح للقتل باسم "الله" - تنزه الله وتقدس - والمعروف بـ "التنظيم الخاص"، وكانت قد باشرت هي الأخرى عددا من عمليات القتل الغيلة، الصفوي يكرر زيارته لمصر والأردن للقاء قيادات إخوانية مصرية وأردنية وسورية، إخوان سورية يشتكون له من شباب سورية الشيعة كون ميولهم "علمانية" و "قومية" بعيدة عن التدين، ليخطب صفوي في جمع من الشباب السوريين الشيعة مروجاً للإخوان بينهم وحاثًّا لهم للالتحاق بعضوية الإخوان المسلمين: "من أراد أن يكون جعفريّا حقيقياً فلينضم إلى الإخوان المسلمين"، قطب والبنا يتبعان وصية المعلم الأول، و"البنا" الأول، و"الماسون" الأول في المنطقة، "جمال الدين الأفغاني"، ها هم يرفعون شعارات الماسونية، "الحرية، المساواة، الإخاء، والثورية" ويدعون – كما أوصاهم الأفغاني- لتنحية الخلافات العقدية بين الشيعة والسنة جانباً، في سبيل تحقيق هدفهم، وليزرع تلاميذ الماسونية عبارتهم الماسونية الشهيرة داخل أدبيات المسلمين: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه"، وبناء عليه روجوا للقول إن "الجعفرية" ليست سوى مجرد مذهب فقهي خامس، وأنه ينبغي أن يتحدوا لمواجهة "الصهيونية" و"الماركسية" و"الإمبريالية الغربية"، وتحت غطاء هذه الدعاوى يتم الترويج للمشروع الماسوني "الثوري، الصحوي" الإرهابي بالمنطقة، ظاهره فيه الرحمة، وباطنه من قبله العذاب، إنها "الماسونية" بنسختها الإسلامية التي أسس لها الأفغاني من خلال جمعية "العروة الوثقى" وسابقتها جمعية "حيدر أباد" أول جمعية للماسونيين الشرقيين. يتساءل "محيي الدين اللاذقاني" في مقالة له في الشرق الأوسط، عن السر "وراء سكوت كتّاب عصر النهضة العربية الأوائل عن تفسير "الماسونية" أو الإشارة إليها، فالدور الغامض لهذا المفكر الإسلامي – الأفغاني - كان معروفاً بالإشارات، والحصيف لا يحتاج إلى دحمة قطار ليدرك أنه أمام تنظيم سري عالمي الطابع أخاف ولا يزال الأكاديميين والمؤرخين، وهيئات البحث العلمي شرقا وغربا". ويستطرد: "ومن مضحكات أبحاثنا النهضوية والتنويرية، أننا إلى اليوم ندرس "العروة الوثقى" كصحيفة عربية – أدبية سياسية - في باريس دون أن نقف عند أصلها وهي الجمعية السرية التي شكلها الأفغاني قبل قدومه إلى العاصمة الفرنسية، مما يعني أن ماسونيته أصيلة وقديمة وليست وليدة المحيط الباريسي الذي وجد نفسه فيه مع شلته وتلاميذه." ويضيف "أخبار تلك الجمعية السرية موجودة عند أخلص تلاميذ الأفغاني وهو الشيخ محمد عبده الذي نشر له الباحث الجاد المرحوم علي شلش في سلسلة الأعمال المجهولة نصاً يعترف فيه بجمعية (حيدر أباد) تلك المدينة التي ستكون بعد قرن ونصف القرن من الأفغاني مقرًّا لأسامة بن لادن، فانظر، وتفكر ولا تأخذ أحداث الدنيا بالسطحية التي يقترحونها عليك لتريح رأسك، وتترك لهم إدارة شؤون الكون لمصلحة جمعيات سرية ذات أهداف شديدة الغموض والالتباس، ومغرقة في سريتها"!
يقول محمد عبده في رسالة إلى أستاذه جمال الدين الأفغاني، عضو المحفل الماسوني في باريس، وتحمل تاريخ الرابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) 1884 م، وقد كتبها من تونس: "استطعت أن ألتقي هنا العلماء ورجال الدين، وقد عرفتهم بنا، وقلت لهم: إن العروة ليست اسم الصحيفة، وإنما اسم جمعية أسسها السيد – يقصد الماسوني الأفغاني- في حيدر أباد ولها فروع في كثير من الأقطار لا يدري أحدها عن الآخر شيئاً، ولا يعرف هذه الفروع إلا الرئيس وحده، كما قلت لهم إننا نرغب اليوم بتأسيس فرع جديد في هذا البلد".
في هذه الأثناء اكتشف عدد من الشباب الشيعة الصادقين، المخلصين، والمنضوين تحت لواء "فدائيو الإسلام"، اكتشفوا عمالة "صفوي" و"الإخوان"، ليعلنوا انشقاقهم عنه، يقول أحدهم: «لقد انفصلت عن الفدائيين لأنهم كانوا يتصلون بالبريطانيين، ويتواصلون مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي أنشأها البريطانيون قبل عدة سنوات".
انتشرت بعد ذلك دعوة العميل "صفوي" في الشارع الإيراني، وثار الشعب ضد حكم "الشاه" تحت شعارات تتحدث عن "عمالته للصهاينة"، وليأتي "الخميني" من باريس ليحكم إيران .. مهلا!! هل قلت "باريس"؟! وهل لذلك علاقة بمحفل الماسونية في باريس، الذي يعد الشيعي الأفغاني العضو الشرقي الأبرز فيه؟!
ونختم هنا بأنه وقبل ثورة الخميني ببضع سنين نجحت جماعة الإخوان المسلمين في الثورة على "الملك فاروق" تحت غطاء ثورة "الضباط الأحرار" – لا تنسوا أبدا أن كلمة السر الماسونية هي "الأحرار" - والذين كان عدد منهم أعضاء في هذه الجماعة بمن فيهم جمال عبدالناصر نفسه، الذي اكتشف عمالة هذه الجماعة كما اكتشفها عدد من الشباب الإيرانيين، إلا أن ناصر استطاع بحنكته أن يقلب على هؤلاء الخبثاء ظهر المجن، بحسب اعتراف تنظيم الإخوان نفسه.
كانت مقالة اليوم ترتيبا للتسلسل التاريخي لعدد من الحقائق التي أوردت أدلتها في المقالات الخمسة الماضية، ونكمل الأسبوع المقبل، لنصل في تسلسل الأحداث سويًّا إلى سر انفصال "داعش"، ربيبة إيران والأسد، عن "النصرة"، ربيبة الإخوان، وأنه انفصال مؤقت.