القبيلة في المدرسة

طالبت مرات عديدة بالتصدي لظاهرة دعم الانتماءات العنصرية داخل المجتمع. ترتفع - مع ذلك - حدة تلك التوجهات البغيضة بشكل يومي. أصبح من النادر أن ترى برنامجا أو يمر يوم دون أن تبرز هذه المظاهر السيئة، بل إن كثيرين تبنوها بعد أن كانوا يزدرونها من قبيل تحديد الهوية والرد على الآخرين.
يلاحظ أن التفاخر بالنسب أو القبيلة أو المنطقة أو المذهب أوجد إشكالات حقيقية في تعامل الناس مع بعضهم. أصبح كل شخص يربط بين سلوكيات الآخرين وأسلوب تفاعلهم وردود أفعالهم والفئة التي ينتمون إليها، أو يخيل إليه أنهم ينتمون إليها.
نظرة خطيرة حاولت الدولة لسنين أن تحاربها في ظل الصراعات التي نراها عن يميننا وشمالنا. جهود استمرت سنين ولكنها اليوم تواجه تبني رموز كثيرة في المشهد العام لتلك العنصرية والتمحور حول شيء ما، مهما كان هذا الشيء.
الأكيد أن المملكة مكونة من مزيج جميل من الثقافات والانتماءات والتاريخ المضيء. كل عنصر من هذه المكونات له جماليته وتأثيره الإيجابي في تاريخ الوطن، فلماذا ينظر أي منا للآخر بفوقية؟
هذه المنظومة لها من المزايا ما لا يمكن حصره، لكنها في الوقت نفسه لا بد أن تكون جامعة للمواطنين وحامية لهم، ولا بد أن يتبناها كل واحد منا. نتبناها لنقاوم الأزمات وما يمكن أن تسببه تفضيلات الأجزاء على الوطن بشموليته.
هنا لا بد أن نتذكر أن العنصرية التي أحذر منها هنا، هي الوسيلة الأهم في محاولات التشكيك في الوطن والتفريق بين مكوناته ونشر العداوات بينهم ومن ثم تأزيم الحياة ونشر الصراع والكراهية، ليتمكن أضعف الأعداء من تحقيق أهدافه بكل سهولة. لنا في العراق وسورية واليمن وليبيا - بالذات أمثلة واقعية.
عندما نشاهد تأزم العلاقة بين طلبة من قبيلتين تصل إلى حد الدخول في عراك وحدوث إصابات واستدعاء لقوات الأمن لمن كانوا بالأمس أطفالا لا يعرفون العنصرية، ثم تحولوا إلى وحوش كاسرة تدافع عن تاريخ لا تعرف عنه شيئا. نحن أمام أزمة لا بد من التعامل معها والتصرف بقوة ضد كل المكونات المؤدية لنشر العنصرية مهما كان نوعها في جيل لم يكن له أن يتبناها لولا تلك المكونات المرئية والمسموعة والمحسوسة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي