الملك .. يقود الحرب ضد الإرهاب
التحذير الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين من تنامي الإرهاب قوة وسرعة واتساعا دون حدود، ينبع من دراية وحكمة وإنسانية. وهو يتفق مع نهجه التنموي الذي أساسه التعايش السلمي، ومبدؤه الحوار والانفتاح على الآخر. ولذا كانت ردة فعله واقعية جدا نحو ما يجري من قتل وتدمير بطريقة وحشية همجية من بعض المحسوبين على الإسلام والمتسمين باسمه. وهو أمر لا تجيزه الديانات السماوية ولا حتى المذاهب الوضعية فضلا عن تعاليم الإسلام الحضارية الإنسانية التي جاءت رحمة للعالمين. وأشار- حفظه الله- في كلمته التي وجهها لسفراء الدول في المملكة العربية السعودية إلى أن عدم تدارس تنامي هذه الظاهرة النشاز والتصدي لها والقضاء عليها في مهدها، سيتحول إلى طود كبير، وسيصعب عندها التعامل معها، وعندما تقع الفأس في الرأس سيكون الوقت متأخرا ولات حين مناص. وأكد بعين الراصد للأحداث بحسه السياسي وتجربته العسكرية، أن الإرهاب لا حدود له، وسيصطلي بناره الجميع دون استثناء. ومن يعتقد- على حد قوله حفظه الله- أنه بمنأى عن هذا الشر المستطير الذي يجتاح منطقة الشرق الأوسط فهو مخطئ. فالإرهاب لا يحده زمان ولا ينتسب لمكان، وحذر أنه سيصل إلى أوروبا، ويحط رحاله في أمريكا، ومنها إلى كل زوايا المعمورة. وأكد في سياق حديثه أن السعودية جادة في مسعاها، وتتضامن مع جميع دول العالم ضد ظاهرة الإرهاب والشر. ودعوته- حفظه الله- لم تكن مجرد أحاديث وخطب تحذيرية للاستهلاك الإعلامي كما يفعل كثير من زعماء الدول، ولكن نية خيرة وعزيمة صادقة والتزام جاد، تمثل- إضافة إلى الجهود السياسية- في دفع المملكة العربية السعودية 100 مليون دولار، ما يعكس جديتها والتزامها الفعلي بدفع وتحريك دول العالم إلى التكاتف والتفاعل والتعاون في القضاء على هذا الإرهاب السرطاني الذي انتشر في جسد العالم، ينشر الفوضى، ويحصد أرواح الأبرياء بالقتل والتدمير. لقد قالها الملك عبد الله صيحة مدوية تحذيرية بكل شفافية ووضوح، إن على دول العالم "محاربة الإرهاب"، وإن محاربته "تحتاج إلى السرعة والعقل والقوة". ويبدو أن الملك عبد الله استشعر تراخي كثير من أمم العالم تجاه هذه الظاهرة الشريرة، وأنها لم تعرها الاهتمام الكافي، فما كان منه- حفظه الله- إلا أن استدعى سفراءها، ليوجه تحذيره مباشرة وبقوة بصراحته الأبوية المعهودة؛ لأن الوضع لا يحتمل المداهنة والمجاملة، وكأن لسان حاله يقول استفيقوا من غفلتكم، واعملوا على محاربة الإرهاب،
الآن من هذه اللحظة وليس غدا بنهج جماعي تعاوني. ولعلمه وفطنته أنه لا يمكن لدولة واحدة أو اثنتين أو حتى مجموعة دول مواجهته، بل إن الأمر يقتضي بالضرورة مشاركة جميع الدول خوض غمار هذه المعركة الشرسة ضد الشر دون استثناء. كان الغرض من الاجتماع بالسفراء لفت النظر وإرسال رسالة واضحة لزعماء العالم، فقد اختتم حديثه- حفظه الله- "هذه الرسالة أرجوكم تنقلونها حرفياً لزعمائكم...". والسعودية التي اكتوت بنار الإرهاب واستطاعت القضاء عليه- بفضل من الله ثم بقيادة الملك عبد الله- لديها الخبرة في مواجهة الإرهاب. والملك عبد الله الذي قُدر له أن يقود السعودية في بعض المواقف الحرجة، استطاع بما يملك من حكمة الاتزان وتحقيق العدل وقوة الحق أن يقضي على الإرهاب ويجتثه من جذوره، وتجنيب السعودية خطره وتأثيراته السلبية. فالملك عبد الله بقدر ما لديه من مشاعر الإنسانية والرحمة وبذل الخير، إلا أنه لا يتهاون مع من يخطئ في حق وطنه ومجتمعه، وضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد وأهلها. هذه السلطة الأبوية للملك عبد الله تمثل نموذجا في تأمين الأمن والاستقرار والازدهار حتى لا يكون للإرهاب مجال أن يترعرع وينمو، وإذا ما كان هناك من يريد أن يبغي ويتطاول على أمن البلاد وأهلها، فلا بد من مواجهته بقوة وحزم. ولذا يجب ألا يفهم من دعوته - يحفظه الله - أنها تقتصر على الزعماء، بل هي تشمل عموم سكان المعمورة؛ لأن المسؤولية تقع على عاتق الجميع بمستويات متفاوتة، ومن الحكمة أن يعضد بعضنا بعضا أفرادا وجماعات ومؤسسات، ويتشارك الجميع في تحقيق نداء الملك عبد الله، وسعيه الحثيث إلى مواجهة هذا الداء العضال الذي أصاب العالم، حتى اختلط الحابل بالنابل، ولم يعد يعرف الحق من الباطل، وانتشرت الغوغائية وعمت الفوضى. فكان لزاما على رجل حكيم محنك مثل الملك عبد الله أن يصدح بقول الحق. إنه نداء ملك يحب الخير ويكره الشر، ويعمل على نشر المحبة والسلام والتعايش السلمي العالمي، ويتخذ من الحوار منهجا وأسلوبا لمعالجة الاختلاف.. فهل من مجيب؟