الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 14 ديسمبر 2025 | 23 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.5
(-0.58%) -0.05
مجموعة تداول السعودية القابضة153.7
(-3.88%) -6.20
الشركة التعاونية للتأمين121.9
(-0.89%) -1.10
شركة الخدمات التجارية العربية126.8
(-0.39%) -0.50
شركة دراية المالية5.35
(0.19%) 0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب32.2
(-4.73%) -1.60
البنك العربي الوطني21.8
(-3.54%) -0.80
شركة موبي الصناعية11.3
(3.67%) 0.40
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.82
(-5.75%) -1.88
شركة إتحاد مصانع الأسلاك20.91
(-3.46%) -0.75
بنك البلاد25
(-3.47%) -0.90
شركة أملاك العالمية للتمويل11.29
(-0.27%) -0.03
شركة المنجم للأغذية53.15
(-1.21%) -0.65
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.86
(1.37%) 0.16
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54
(-1.19%) -0.65
شركة سابك للمغذيات الزراعية115
(-0.95%) -1.10
شركة الحمادي القابضة28.46
(-1.11%) -0.32
شركة الوطنية للتأمين13.3
(1.92%) 0.25
أرامكو السعودية23.89
(-0.04%) -0.01
شركة الأميانت العربية السعودية16.65
(-2.80%) -0.48
البنك الأهلي السعودي37.58
(-1.78%) -0.68
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات29.34
(-1.41%) -0.42

منذ فترة ليست بعيدة تعرف القارئ العربي على العبقرية اليابانية "الهايكو" كشكل فريد وخاص من الشعر. "الهايكو" الذي يتكون من بيت واحد لا أكثر هو تجسيد للبساطة والشاعرية التي تصف اللحظة كما هي، وتدون المشهد بصورته كما انفعل به الشاعر وتوقف بتأملها الزمن من حوله، هذا النوع من الشعر ارتبط في بدايته بـ "الزن" أحد مذاهب البوذية في اليابان في القرن الـ 17. كان المذهب الذي يعتمد محاكاة الطبيعة قد انتشر وقتها بين الأوساط المثقفة والحاكمة، وتعود أصول هذا الفن الشعري إلى فن آخر قديم هو فن "الرنغا" وهو منافسة ومباراة يقوم فيها شخص بإلقاء البيت الأول "هوكو" والذي يتشكل من 17 مقطعا صوتيا، على أن يقوم البقية بتكملته ببيت آخر.

يقول المترجم محمد عيد إبراهيم المتميز في ترجمة هذا الفن إن "الهايكو" هو أكثر شكل متبلور ومركب ومثير للذكرى والعاطفة، ويجسد اختراقا مباشرا ومتصلا بالحدس في الطبيعة والحياة التي هي بسيطة ومحيرة في آن، الشعر الياباني الذي يجد قداسته من قداسة اللغة اليابانية حيث تقول الأسطورة إن أول من كتب الشعر هو من أبناء الآلهة، و(أوتا) التي تعني القصيدة في اللغة اليابانية هي تعني أيضا النشيد والأغنية، وهذا مايؤكد أن القصيدة تعتمد على الموسيقا اللفظية وإن لم تعتمد على القافية والوزن بل على المقاطع التي تميزها عن الكلام العادي، قصيدة الهايكو هي ومضة البرق وهي الشكل الشعري الذي يقدم روح اليايان حيث العناية بالتفاصيل ودقتها تماما كما في فن الزخرفة، هذه القصيدة التي اربتطت في بدايتها بفلسفة "الزن" وتعريفها "الزن ليس شيئاً متميزاً، إنه الطبيعة بحد ذاتها ولذاتها" ومن هنا تحضر الطبيعة كموضوع ثابت لـ "الهايكو" الذي تتضمن شروط كتابته ذكر فصل من فصول السنة أو اسم نبات أو حيوان أو ظاهرة طبيعية.

"الهايكو"، القصيدة الحرة القصيرة التي عبرت الثقافات واللغات، تعيش محاولات جديدة لخلقها في اللغة العربية من قبل مجموعة من الشعراء الشباب في تماس فني لحالة إبداعية خاصة، وفيما حضرت المدنية كموضوع لـ "الهايكو" عندما كتبها شعراء أوروبا وأمريكا بقيت الطبيعة تزاوج المدنية، لكن السؤال الذي يمكن للشعراء العرب أن يجترحوا أجوبته عند كتابة هذا النوع من الشعر، هو الموضوع الذي سيشكل شرطا في كتابة "الهايكو" العربي، هل ستكون المدنية والطبيعة أم سيتدخل موضوع آخر لإنتاج هذا الفن.

عشب صيفي / كل ماتبقى / من أحلام جندي عجوز. هذه القصيدة لـ "باشو" هي مثال لقدرة "الهايكو" على التعبير عن قضايا مصيرية ومواضيع كبيرة دون أن يفقد التقليد الذي يطبعه كفن، فالطبيعة هنا تأتي في شكل حلم شخصي لرجل متورط بقضية وطنية، هذه السعة التعبيرية لفن الهايكو تتجلى في القصائد العديدة التي لم يتعمد الشعراء تدوين أسمائهم عليها وتركوها لنفسها تعيش بصورتها وحسها لا باسم شاعرها.

القصيدة القصيرة والحرة هي ابنة كثير من الثقافات ولكنها تصدرت العالم باسم "الهايكو"، ربما لأنه الشكل الأكثر انغماسا في اللغة المحكية والأكثر وضوحا من حيث الشروط الفنية، وفي العالم العربي اليوم محاولات جادة لإنتاج هذا الفن، كقصيدة لؤي درغام: رغم برودة الشتاء / تمنحني بعض الدفء/ رعشة خوف.

الصعوبة التي يجدها البعض في تقبل هذا النوع الجديد من الفن هو التقليد العربي أو الغربي الذي طبع الشعر الحديث، فـ "الهايكو" يتجنب التشبيه والمجاز وتجريد الملموس وتجسيد المجرد، فهذا الفن يتمسك بموضوع الخبرة الشعورية مباشرة وهو يتجنب التشخيص أو أنسنة الأشياء، فالإنسان ليس مركزا بل هو خيط في شبكة وكذلك بقية الكائنات والموجودات من تراب وحيوان ونبات ونجوم وسديم.

أول أيام الربيع/ أستمر في التفكير / بنهاية الخريف. هذه القصيدة لـ "باشو"، الشاعر الأهم في تاريخ قصيدة "الهايكو"، والمعلم الأول لهذا الفن، وقد برعت فيه أسماء أخرى مثل يوسا بوسون في القرن الـ 18، ومن ثم في القرن الذي يليه ظهر كوباياشي إسا، الذي تميز أسلوبه بالبساطة الشديدة، ثم كان للشاعر المعروف شيكي في القرن الـ 19 تأسيس "الهايكو" كشكل شعري جديد وقد كرس نفسه لتطويره، فيما يحضر الشاعر المعاصر تاكاها ما كيوشي كأحد أهم عمالقة هذا الفن الذي اعتمد التقاليد مع تركيز أكثر على الشؤون الإنسانية والفكرة المعقدة في القصيدة.

"الهايكو" شكل شعري قديم نجح في تصدر أحدث تقنيات الاتصال والنشر، إنه العبقرية الإنسانية التي تغرق في اللحظة كأنها الأبدية، وتهجرها في اللحظة التي تليها كأنها العدم الذي لم يكن، لناريهيرا: لقد سمعت عن الطريق / الذي سوف يأخذه الجميع / في نهاية المطاف / لكنني لا أفكر اليوم أن ذلك قد يكون غداً.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية