يصلي معنا شخص من أكثر الناس مواظبة على الصلاة. أراه كل يوم مصلياً وداعياً وقارئاً للقرآن. يعيب الرجل أنه يحضر بثوب تعارف الناس على تسميته "ثوب النوم". صحيح أنه يهتم بنظافة ملابسه، لكن ذلك لا يحقق مفهوم احترام المسجد. هنا تقابل الرحمن - جل جلاله، لن تستطيع أن تقابل ضيفاً أو مسؤولاً بتلك الهيئة.
صاحبنا هذا خير من كثيرين غيره. مشكلة عدم العناية بالهندام أصبحت مقلقة في أغلبية المساجد. لعل الإشكالية أكثر انتشاراً في المدن التي يكثر فيها المتسولون والنازحون والمجهولون. لكن تبقى هناك مسألة اهتمام الساكنين الثابتين في الأحياء بما يلبسونه عند الذهاب للمساجد.
أذكر أن كثيرين كانوا يخصصون ملابس للصلاة. هذا السلوك يمكن اعتباره من سلوكيات الماضي، لكننا في حاجة إلى إعادته. ذلك أن معظم شبابنا اليوم لا يستخدمون "الثوب" في الغالب. استخدام البنطلون وملابس الرياضة أصبح منتشراً لدى كثير من رواد المساجد.
يؤذي المصلين أكثر أولئك الذين يأتون مرتدين الأنواع المنتشرة في السنين الأخير من بنطلونات تكشف العورة، رغم أن أغلبيتهم يلبس تحتها ما يستر عورته إلا أن ما تبثه هذه الملابس من فكر ومفاهيم وأسلوب لبسها لا يلائم بتاتاً حالنا في المسجد. أغلبية من يذهبون إلى الكنائس أو المعابد في الدول التي أنتجت هذه التقليعات لا يمكن أن يدخلوها بتلك الملابس، فكيف بنا ونحن نمارس صلاتنا ونتحرك في السجود والركوع بما يستدعي ستر عوراتنا؟
يضاف إلى هذا استخدام المسجد من قبل عمال يمارسون وظائف شاقة تجعل العرق والروائح تخرج منهم بشكل طبيعي. هذا لا يعني ألا يُسمح لهم باستخدام المسجد، إنما يلزم مسؤولي المسجد باتخاذ وسائل تحافظ على قدسية المكان وتمنح الجميع الفرصة لاستخدامه والتمتع بالوقت الذي يمضونه فيه.
مع طفرة الاهتمام بالمساجد، وكثرة المحسنين الراغبين في الأجر، وتوافر الإمكانات، خصوصاً مساحات المساجد الخارجية. قد يكون من الملائم التفكير في تخصيص منطقة للملابس بحيث يستطيع الشخص الذي يحتاج إلى الملابس أن يستحم ويغير ملابسه فيها.
يضاف إلى هذا أن يُذكِّر الأئمة دائماً بأهمية الهندام والعناية به أمام رب العالمين. بل يمكن أن توضع لوحة على مدخل المسجد تنبه لعدم السماح بالملابس غير الملائمة لمن يحضرون لأداء الصلاة.
