«الإسكان» والسبعة العجاف
قبل أشهر عدة وعد وزير الإسكان بتسليم المواطنين وحدات سكنية، ثم ما لبث أن تراجع عن وعده المسمى "وعد شوال" دون توضيح لسبب التراجع، ولا ندري ما المانع من حل مشكلة السكن بالنسبة للمواطن السعودي في وطن لا تنقصه أراض، وفي أرض النفط والمليارات، ورغم الدعم السخي من الملك والتوجيهات الواضحة في كل ما يخص مصلحة المواطن. هيئة الإسكان لم تنجح في حل معضلة السكن وغلاء العقار رغم وجود ملايين الهكتارات من الأراضي البيضاء في وطننا الواسع المترامي الأطراف .. ثم أنشئت وزارة الإسكان منذ ما يقارب الثلاث سنوات وحتى هذه اللحظة لم تنجح هي الأخرى في حل المشكلة ذاتها على الرغم من الدعم والميزانية الضخمة والتسهيلات التي حصلت عليها.
أتقبل أن يتأخر مشروع ما أو تؤجل مناقصة كبيرة بسبب خلاف بين الأطراف المتنازعة على الحصص رغم وجود مكافحة الفساد! ولكن لا نقبل أن تثمر الجهود والأموال الطائلة والأحلام الكبيرة عن لا شيء ولا حتى مشروع سكني للفقراء ولا وضع حد لارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، فهذا الخلل انتقل مع تحول هيئة الإسكان إلى وزارة الإسكان والسبب في رأيي بسيط وهو انتقال الموظفين أنفسهم (كماً وكيفاً) من الهيئة للوزارة دون إضافة دماء وقيادات جديدة بأفكار ورؤى مختلفة، والسبب الثاني، وهو الأهم، أن من يتحكم في الأسعار من الهوامير والحيتان – دون ذكر أسماء – وهم معروفون لن يرضوا بتدخل الحكومة في التسعير ولن يرضيهم أي حل يأمله المواطن.
فأين الأرض بمساحة (300م) والوحدات السكنية التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين. هذه هي مسؤوليتكم الأولى حتى لو رفض الخازن أو تعلل ببعض الأسباب أو قام بالخصم المعتاد، ومتى تصرف القروض التي دون أرض! وقروض قبلها ينتظرها أصحابها منذ ما يزيد على عشر سنوات؟
لم لا يكون لكم يا وزارة الإسكان قدوة في وزير التجارة عندما تصدى لبعض الشركات عند رفع الأسعار والتشهير بها وقد أيده الجميع، وكذلك قرار وزارة العمل برفع تكلفة العمالة الوافدة بدفع 2400 ريال عن كل عامل، وقبل ذلك برنامج نطاقات. لا داعي للذهاب بعيداً لنرى حال المواطنين في الدول الكبرى والمتقدمة، فكل ما علينا هو النظر لدول الخليج العربي وسنجد أن المواطن الخليجي من دون استثناء ينعم بالمسكن المناسب كل حسب إمكاناته، فالمواطن لديهم يحصل على الأرض والقرض بعد استيفاء الشروط (المنطقية) أما نحن فليس هناك من شروط لأن الأصل أنك لن تحصل على أرض مجانا، ولو حصلت على منحة بعد تفاعل الواسطات مع المحسوبيات، فستحصل على أرض خارج النطاق العمراني ومن دون خدمات، ستصلها أول خدمة في العقد المقبل، أما القرض فليس له إلا شرط واحد وهو أن تجيره للورثة. العقار في ارتفاع بلا هوادة، حتى مع محاولات هوامير الأسهم جذب الأموال لسوق الأسهم الرث إلا أن العقاريين ورجال الأعمال يعلمون أن الكسب أسهل وأوفر ربحاً في العقار لعدم وجود رقيب في ظل تحكم طبقة متنفذة على هذه السوق المغرية، فأين هي وزارة الإسكان؟ ومن لا يستطيع مجابهة هوامير العقار والحيتان فليتراجع ويترك الكر والفر لمقدام لا يهاب.