الشركات العائلية ومفهوم الحوكمة وممارساتها
تنطلق فعاليات ملتقى حوكمة الشركات العائلية في يومي 25 و26 من شهر رجب في فندق "جدة هيلتون"، وذلك بحضور وزير التجارة والصناعة. ومشاركة الدكتور الربيعة وزير التجارة في هذا الملتقى لها دلائل كثيرة، أهمها أن موضوع الشركات العائلية يهم الحكومة السعودية كثيرا، خاصة أن الاقتصاد السعودي بدأ رحلته مع هذا النوع من الشركات قبل إنشاء الشركات المساهمة، وقد لعبت هذه الشركات ولم تزل تلعب دورا كبيرا جدا في توظيف الاستثمارات وتشغيل العمالة، وتوفير السلع والخدمات للمجتمع، كما أن بعض هذه الشركات مساهمة يتم تداول ملكيتها في السوق المالية السعودية، لتشارك المجتمع في التمويل والاستثمار والأرباح، وهذا عزز من التوزيع العادل للثروة في البلد، وخلق فرصا استثمارية واعدة في السوق السعودية، ووفر الأموال للشركات لمزيد من التوسع والتطور لم تكن العائلة وحدها قادرة على ذلك.
إذًا، فهذه الشركات تمثل قضية اقتصادية مهمة، وتحتاج إلى ضمان نموها بالطريقة الصحيحة، وتحولها إلى شركات مساهمة في الوقت المناسب، وهذا يحتاج إلى تأهيل واسع لهذه الشركات سواء من ناحية طرق الإنتاج، والتخطيط الاستراتيجي، ونظم الرقابة والحوكمة. ولعل الحوكمة في المرحلة الحالية تمثل أولية كبرى، فهي النظام الشامل الذي يفرض نماذج للحكم من خلال فصل السلطات عن بعضها وعدم تركيز القرار في يد شخص واحد، كما تفرض القواعد تطبيق نماذج في الإفصاح والشفافية، وتطبيق نظام فعال للرقابة الداخلية. فالسبب الغالب لفشل بعض الشركات العائلية في الاستمرار بعد وفاة أو عجز المؤسس، يعود إلى فشل في تطبيق نظم حوكمة فاعلة خلال حقبة المؤسسين، فلما جاء الجيل الثاني أو الثالث انهارت المؤسسة تحت ضغوط اختلاف وجهات النظر والخطط والأهداف الاستراتيجية بين الأبناء مع ضعف النمو. ولأن الشركات العائلية تتأثر بالبيئة الاجتماعية سواء في تركيبتها أو في علاقاتها، وكذلك تعاني عقلية الرجل العصامي في قراراتها الاستراتيجية، لذلك نحن قي حاجة إلى استكشاف أفضل الممارسات في الشركات العائلية السعودية، وفي مجال الحوكمة التي تضمن بناء نظام للقرار والحكم الرشيد يساعد على بقاء الشركة، بل يعزز من فرص تحولها إلى شركات مساهمة، مما يمنحها البقاء بعيدا عن وضع العائلة ونزاعاتها، وهو الذي سيدعم الاقتصاد السعودي في نهاية الأمر.
لذلك يأتي الملتقى المزمع عقده في مدينة جدة ليأخذ الشركات العائلية بجميع أشكالها وأحجامها، وبجميع أجيالها، في رحلة مع مفهوم الحوكمة، وأفضل الممارسات يعرضها مختصون من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى، كما يهدف إلى عقد اجتماعات وجلسات استشارية خاصة ستعقد مع قيادات الشركات العائلية السعودية مع عدد من مختصين عالميين في مجال حوكمة الشركات العائلية؛ بهدف تطوير أعمال الشركات العائلية.