هل يبلغ الإنترنت أشده؟

يقول تايلر بروفيسور في علم النفس في موقع "سايكولوجي توداي": بمناسبة عيد ميلاد الإنترنت العشرين من الجيد العودة إلى الوراء لنعرف الدور الذي لعبته التكنولوجيا في حياتنا الحاضرة، والدور الذي ربما تلعبه في أيامنا المقبلة. فالتطور التقني في العقدين الماضيين فعل المستحيل: في المواقع الإلكترونية، الهواتف الذكية، البريد الإلكتروني، الرسائل النصية، والشبكات الاجتماعية، وغيّر أسلوب حياتنا بشكل كبير، طريقة عملنا، تواصلنا، وبشكل عام الكيفية التي نقضي فيها أوقاتنا.
هناك العديد من المبشّرين بالتقنية يؤمنون بأن التقنية حتماً تصنع لعالمنا حياة أفضل. وفي الوقت نفسه هناك آخرون ممن يعتبرون النمو التقني شراً محضاً كالشيطان وينذر بنهاية الحضارة!
أما الواقع الحقيقي فهو يقع بين الرأيين المتناقضين، فمهما كانت الفوائد العظيمة المجنية من التقنية لا بد من وجود ضرائب وعواقب سلبية غير مقصودة، وكما هو الحال مع الكثير من الابتكارات على مر التاريخ، فكيفية استخدام التكنولوجيا هي فقط التي تحدد إذا كانت مفيدة أو ضارة.
الثورة التكنولوجية الآن في مرحلة حرجة قد تحدد بشكل جيد إذا كان لها تأثير إيجابي أو سلبي عموماً في أجيال المستقبل.
يرى تايلر أن التكنولوجيا في مرحلتها الحرجة أشبه ما تكون بمرحلة المراهقة ووضع الانتقال من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ. فقد امتلأت هذه السنوات العشرون الأولى للإنترنت مع التطور السريع، بالوفرة، ونضحت بالاندفاع، ونفاد الصبر، وانعدام الحكمة، وعثرات أخرى عديدة. وهو لا يرى أن هذه المراهقة مرحلة غير صحية؛ بقدر ما هي مرحلة لا مفر منها للوصول إلى طريق النضج.
ويشبّه المشهد الجديد للتقنية بالأطفال الذين يُتركون وحدهم في المنزل فيكتشفون ثلاجة مملوءة بالآيسكريم. في البداية، سيتناولونه بنهم شديد لذيذ المذاق ومن دون قلق لأن الكميات كبيرة! بعدها قد يؤثر ذلك في شعورهم وصحتهم وقد يصلون للتخمة. بغض النظر عن مقدار حبنا للآيسكريم، فهذه الوفرة تصل إلى نقطة تفقد فيها جاذبيتها حينها لا يمكن أن تأكل أكثر من ذلك مهما كان الصنف الذي تحب. علامة النضج بالنسبة للأطفال أنهم سيدركون أن الكثير من الشيء - حتى لو كان جيداً - لا يجعله أمراً جيداً بالفعل.
وهذه بالضبط هي النقطة التي نحن مقدمون إليها مع الإنترنت. فكل من التكنولوجيا والمستخدمين الرقميين يعانون آلاماً في النمو. والمقلق لو أن التكنولوجيا - سواء من مبدعيها أو مستهلكيها - ستتعثر في مرحلة المراهقة تعثراً دائماً يمنعها من تحقيق إمكاناتها لإحداث تغيير حقيقي في العالم للأفضل، فمن خلال السنوات القليلة المقبلة سيتحدد ما إذا كانت التكنولوجيا في تشكيلها الآن ستعاني التقزم أم أنها ستتطور إلى النضج والرشد.
يعتقد تايلر أن هناك تراجعاً واضحاً في التنمية الأخلاقية، وأن العديد من التقنيين كانوا يعملون على تطوير شيء ذي "قيمة" كبيرة للبشرية. لكن مركز الثقل للمجتمع في التكنولوجيا قد تحول من كونه شأناً اجتماعياً إلى التركيز فقط على الاستثمار المالي. أما شعور الجدّة فقد بدأ بالتضاؤل، وبالتالي قل الحماس، فما كان مثيراً من قبل لم يعد كذلك، بل إن الحماسة الاستهلاكية في تضاؤل مستمر فما يعد كبيراً أو مشوقاً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي