مشاعرك بالألوان
حينما تنتابك حالة من الفرح أو الحزن، أو تسيطر عليك مشاعر الحب تجد جسمك يتفاعل معها بشكل مختلف، ويدل على ذلك ما نستخدمه من عبارات لوصف ردة فعل أجسامنا وتفاعلها مع هذه المشاعر، فنقول مثلاً (قلبي سيقفز من الفرح)، وعند الخوف (قدماي لا تستطيعان حملي).
ولكن هل فكرت يوماً هل هذا الكلام صحيح؟ وكيف يبدو جسدك؟ وما الأعضاء التي تتأثر بحالتك العاطفية؟! لأننا نعتقد دائما أن حالتنا النفسية فقط هي التي تتأثر بعواطفنا!
للإجابة عن هذه الأسئلة قام الباحثون في "جامعة أولتو" بدراسة نُشرت في المجلة الوطنية الأكاديمية للعلوم، واشترك فيها أكثر من 700 شخص من الغرب والشرق، وشملت فنلندا والسويد وتايوان، واستخدموا كاميرا حرارية تظهر الأجزاء الأكثر نشاطاً في جسم الإنسان باللون الأصفر الفاقع والأجزاء الخاملة باللون الأزرق السماوي. ووجدوا أن هذه العواطف لا يقتصر تأثيرها في حالتنا النفسية والعقلية فقط، وإنما تؤثر في جميع أجزاء الجسم بدرجات مختلفة وحسب الحالة، ففي حالة الخوف مثلاً وجدوا أن أكثر منطقة تتأثر هي القلب، حيث يظهر بلون أصفر فاقع، وفي الفرح نجد أن المشاعر تملأ الجسد بأكمله، وأكثر منطقة تتهيج وتنشط القلب والدماغ، ويصطبغ الباقي باللون الأحمر، أما الحزن فيبدو القلب بلون أحمر، والأطراف تكون زرقاء باهتة دليلاً على كبت نشاط الجسم والإصابة بالخمول واليأس، وهذه بوابة إلى الأمراض والجلطات الدماغية وحتى الموت، لذلك نهانا ديننا عن الحزن، وأمرنا بالصبر على المصائب كي لا تتملكنا المشاعر السلبية ونكون فريسة سهلة للمرض.
أما مشاعر الحسد فتصيب الإنسان بالبرود وقلة النشاط، وكثرته تؤدي إلى الاكتئاب، وحين الغضب تجد أن نشاطاً زائداً يصيب القلب والدماغ واليدين ويشبه ما يحدث وقت الفرح ولكن بصورة أشد تخرج الإنسان عن السيطرة على نفسه فقد يتهور ويضرب أو يقتل، وقد يصاب بالضغط والسكري والجلطات المؤدية إلى الوفاة.
وبعد دراسة أكثر من حالة عاطفية صبغت الجسد بألوان مختلفة، تمكّن الباحثون من معرفة أكثر المناطق تأثراً سواء سلباً أو إيجاباً، ومن ثم إمكانية تشخيص الضرر الواقع على الفرد، وتسهيل التعامل معه وعلاجه، وتجعلنا نحن كأشخاص عاديين نحد من شدة انفعالاتنا، ونخفف الضغط على قلوبنا وأدمغتنا لحياة أكثر صحة.