تصنيفات و«تصنيفات»

صرح المتحدث الرسمي باسم هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، بأن المعلومات الواردة في التصنيف العالمي لأكثر الدول نمواً من حيث سرعة الإنترنت غير مهمة بالنسبة للهيئة.
أذكر أن الكلام نفسه صدر عن الجامعات السعودية عندما انتشرت نتائج التقييم العالمي للجامعات في الإعلام السعودي لأول مرة. استغربنا في تلك الأيام أن تتحفظ الجامعات على أهمية التصنيف العلمي لكفاءة المخرجات ومستوى الكادر الأكاديمي ومتطلبات التخرُّج وعدد البحوث المنشورة وغيرها من عناصر التقييم المهمة، لأن كل المسؤولين في الجامعات كانوا يعلمون أن "التصنيفات" موجودة، ويبني عليها الطلبة والآباء والجهات الوظيفية ومؤسسات الدعم وغيرها من الجهات قراراتهم في كل دول العالم.
هناك تصنيف في كل دولة لجامعاتها، وهو غير موجود لدينا. كما أن هناك تصنيفات تنشرها جهات محكِّمة مستقلة للدول وجامعاتها، منها الـ "سهل" التحليل والتعديل بمجرد تعبئة نماذج من قِبل الجامعة، وأخرى أكثر دقة وتطالب بالوقوف على البرامج وزيارة الجامعات والتعرُّف على أنشطتها لتقييمها.
اختارت أكثر من جامعة سعودية النوعية الأولى، فعبأت النماذج وأرسلتها لتظهر في السنة القادمة في ترتيب تحت الخمسمائة ثم تحت المائتين، وهناك من حقق نتائج تحت الخمسين في التصنيف العالمي!
فئة أخرى أرادت أن تكون عادلة وتحصل على معلومات تقييم منطقية فاختارت النوعية المعقدة من التقييم، طبعاً هؤلاء لم يظهروا في أي مكان من التصنيف، ولا يزال البحث عنهم جارياً، لكنني معجب بشجاعتهم.
تستمر الجامعات من الفئة الأولى في التفاخر بأرقام التصنيف "البريدية" التي لا يعلم مصنفوها شيئاً عنها سوى الرسوم التي تدفعها الجهة التعليمية. لتتحول إلى رمز كبير لمفهوم الهاشتاق "هلكوني" ونحصل على المزيد من الـ "غزالات".
إذاً لماذا نستغرب ردة فعل هيئة الاتصالات تجاه التصنيف العالمي الذي برزت فيه دول عربية، خصوصاً الإمارات والكويت، في التصنيف نفسه مع دول تعد نشطة ومنافسة في مجالات الاقتصاد والعلوم والنمو مثل كوريا وسنغافورة؟
وجه الغرابة هو أن المملكة تستطيع أن تحقق نتائج أفضل بكثير مما هي عليه اليوم من خلال خفض القيود على الشركات المشغلة وتطوير البنية التحتية ودعم التقنيات التي تحسّن كفاءة المخرجات وتخدم العلوم والإدارة والخدمات، وتدفع بالتعاملات الإلكترونية إلى المقدمة، وهو أمر ممكن.
فليته قال موقعنا لا يلائم إمكاناتنا، ونعدكم بنتائج أفضل في المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي