الصبر على الجهل
لا يصبر على تصرفات الجهلة ونزقاتهم إلا ذوو الأحلام العظيمة والأخلاق الرفيعة. فالكبار يتفاءلون دائما بعودة المخطئين إلى جادة صواب العمل والفكر. وحين يتمادى المخطئ في خطئه ونزقه، ظنا منه أن الكبار عاجزون عن التصرف بحزم وقوة تضمن تأديبه وردعه عن الأذية والمشاغبة، تظهر قدرة الكبار على إدارة مثل هؤلاء المخربين طمعا في عودتهم إلى جادة الصواب من تلقاء أنفسهم وعن قناعة منهم، وهذا ما يميز الكبار.
بلادنا وولاة أمرنا الأعظم صبرا، والأرحم قلبا حتى على من يصدر منه السفه والجهالة، ويثبت التاريخ أيضا أن ولاة الأمر الأقدر دائما على تحويل المسيء إلى محسن، والمشاغب إلى مصلح، والكاره الحاقد إلى محب. ويشهد التاريخ أيضا أن بلادنا وقادتها الأقدر والأكفأ على ردع أصحاب المؤامرات والنفوس الشيطانية وأصحاب الأجندات الخفية الذين لا ينفع معهم نصح ولا رشد.
لا يمكن اعتبار ما حدث في العوامية قبل أيام من إطلاق النار على سيارة فيها دبلوماسيون ألمان، سوى تصعيد خطير من المشاغبين والمجرمين الذين ألحقوا الأذى بضيوف بلادنا الذين جاءوا إليها مؤمَّنين. وحتى في العصور الجاهلية السحيقة لم يكن يسمح أحد لنفسه أن يعتدي على الضيف مهما بلغت حدة الخلافات والنزاعات، وهذا أمر معروف وموثق في الأعراف والتقاليد التي سادت حتى في عصر ما قبل البعثة المحمدية العظيمة. وتأتي الحادثة كتأكيد "سبق أن كتبت عنه" أن المسألة ليست مسألة مطالبات حقوقية، بل مسألة تقصد الإجرام وإثارة الفتنة والفوضى، وبطريقة مدروسة ولمصلحة أطراف خارجية لا تخفى على أي مراقب.
إطلاق النار على رجال أمننا وضيوف بلادنا تصرف مجرم وسلوك منحرف لا يصدر إلا من قطاع طرق وأصحاب أجندات يعملون لمصلحة خارجية لا تريد لبلادنا سوى الفوضى والخراب. إن سلامة مواطنينا وضيوفنا خط أحمر لن تسمح بلادنا لأحد بتجاوزه، فبلادنا نبع السلام وموطنه ومن دخلها أمن على عرضه ونفسه وماله ــــ بإذن الله وبعونه ــــ. لن ينجح أصحاب الأجندات في إدخال بلادنا في نفق مظلم مهما حاولوا ومهما سعوا. وعلى من قام بإطلاق النار في العوامية ومن يساندهم ويمولهم ويخطط لهم، أن يعلموا أن عقارب الساعة تشير إلى اقتراب حتف كل من يسعى إلى الإخلال بأمن بلادنا وأمانها.