«الإخوان» يتحركون تحت غطاء «الأدب الإسلامي»

«الإخوان» يتحركون تحت غطاء «الأدب الإسلامي»
«الإخوان» يتحركون تحت غطاء «الأدب الإسلامي»
«الإخوان» يتحركون تحت غطاء «الأدب الإسلامي»
«الإخوان» يتحركون تحت غطاء «الأدب الإسلامي»
«الإخوان» يتحركون تحت غطاء «الأدب الإسلامي»

"الأدب الإسلامي" مصطلح لا يخلو من إثارة، سواء كان ذلك على مستوى الطرح الأدبي، الفني البحت، أو على مستوى التوظيف "الحركي" لدى بعض الجماعات والأحزاب. فتتبُّع ظهور هذا المصطلح تاريخيًا وظروف نشأته، لا يخلو من ضرورة استدعاء محورين أساسيين؛ "الإخوان المسلمين"، إضافة إلى الحاضن المؤسسي لهذا الأدب، اليوم، الرابطة العالمية للأدب الإسلامي.

#2#

ظهور المصطلح ونشأة الرابطة أول ظهور لمصطلح "الأدب الإسلامي" كان علي يد أبي الحسن الندوي، فهو أول مَن كتَب في هذا الموضوع ونبّه إليه. ثم تلاه سيد قطب؛ إذ بادر إلى فكرة الأدب الإسلامي من خلال جريدة "الإخوان المسلمين" تحت عنوان: "منهج للأدب" في سنة 1952، ثم استفاض في شرح مفهوم الأدب الإسلامي في كتابه "في التاريخ، فكرة ومنهاج". وفي عام 1961 أصدر محمد قطب "أخو سيد قطب" كتابه "منهج الفن الإسلامي"؛ استجابةً لدعوة شقيقه، ونشرًا وتركيزًا لفكرته.

#3#

#4#

ولتقديم فكرة الشيخ أبي الحسن علي الندوي عن الأدب الإسلامي؛ عُقد مؤتمر باسم: "الندوة العالميَّة للأدب الإسلامي"، في دار العلوم عام 1981. وفي هذه الندوة، اتخذت توصية مهمة تتضمـن إقامة رابطة عالمية للأدباء الإسلاميين. وتعزّز هذا الاتجاه في ندوة الحوار حول الأدب الإسلامي التي عُقدت في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1982، ثم في ندوة الأدب الإسلامي التي عُقدت في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1985.
نلاحظ من خلال هذا الاستعراض التاريخي أن ظهور المصطلح باقتراح من الندوي قابلهُ تبنٍ كامل وعملي من قادة الفكر الإخواني، تحديدًا، حتى قبل ظهور الرابطة ككيان مؤسسي واضح. فكان من البديهي أنّه بمجرد إقرار هذه المؤسسة فإنها ستعتمد على مفاهيم منظري الإخوان وكوادرهم. الذي سينتشر حول العالم الإسلامي مستقبلا وفقا لأطروحات ومفاهيم سيد قطب ومن ثم أخوه محمد. وهذا يقودنا إلى سؤال بديهي حول مدى علاقة أبي الحسن الندوي بجماعة الإخوان المسلمين؟

#الندوي والإخوان
لا يَخفى على أي قارئ لأطروحات الندوي وسيد قطب مدى التقارب الكبير بين فكرهما. لكن هذا الأمر كان من الممكن تجاوزه على اعتبار أنه توافق أفكار، لا أكثر، لولا ما خصّ به الندوي جماعة الإخوان من رسالة مواسية وداعمة إبّان قرار حلّ الجماعة في ذلك الوقت "منشورة في موقع الإخوان الرسمي"، التي جاء فيها الكثير من الاستبشار العظيم بهذه الجماعة، وبأهدافها ودعوتها، فيما يلي نصه:
"كان سرورنا عظيمًا لما رأينا نورًا جديدًا على أفق العالم العربي ظهرت دعوة الإخوان من مصر- زعيمة العالم العربي ومصدر الخير والشر للشرق الأدنى- فتجدد الأمل في مستقبل الإسلام واعتقدنا أنها هي الدعوة المنتظرة لإحياء المسلمين وهي التي ستحقق آمال المصلحين وأحلامهم وتتدارك هذا العالم المنهار وتمسك به وما لبثت أن تحولت هذه الدعوة إلى سيل متدفق وتيار جارف فأمسك سيول الإباحية والتحلل والإلحاد واللادينية وصد تيارات المدنية الغربية التي كانت تجرف بالبقية الباقية من الغيرة الإسلامية والحياة الدينية وأصبحت تؤثر في حياة البلاد تأثيرًا قويا كاد يغير اتجاه البلاد".
وفيما يبدو اطلاعًا من الندوي على تفاصيل تنظيم الجماعة، فإنه لا يُخفي إعجابه بتنظيم العمل وتوزيع الأدوار في الرسالة ذاتها بقوله: "اجتمع لهذه الدعوة ما قلما تجتمع للحركات الدينية من قوة الإيمان وقوة العمل والعلم العصري والتنظيم الحديث والأدب والصحافة والصناعة والتجارة، ما جعل هذه الدعوة دعوةً شعبيةً عصريةً عامةً يجتمع فيها العالم الديني مع المثقف المدني مع التاجر الكبير مع العامل الصغير مع الكاتب الأديب مع الصحافي البارع مع الصانع الماهر مع الفلاح القوي مع الطالب الشاب مع المعلم الوقور مع الموظف المسؤول مع الطبيب النطاسي مع المحامي الكبير مع السياسي المحنك، تجمع بينهم رابطة الإخوان وتربطهم شخصية الداعي الكبير".

#5#

##الرابطة وأخونة الأدب الإسلامي
في صحيفة "الحياة"، كتب عبد الواحد الأنصاري مقالا عن "أخونة الأدب الإسلامي" ومما جاء فيه: "ليس جديداً أن تخرج أطروحات الأدب الإسلامي من العباءة الإخوانية، إذ إن من أوائل النقاد المعنيين بنظرية الأدب الإسلامي سيد قطب، ومن بعده أخوه محمد قطب الذي كتب عن الحداثة، ويأتي في مقدم المسيرة شوقي ضيف الذي ظلت كتاباته النقدية مقررة في الجامعات الإسلامية، وتوارثها "أساطين" الأدب الإسلامي في السعودية مثل حسن الهويمل وغيره".
وفي المقال ذاته، يعتب الأنصاري على "مجلة الأدب الإسلامي" العدد 79 الصادرة عن رابطة الأدب الإسلامي العالمية ومن أرض المملكة، إبراز شخصية أدبية متعصبة للإخوان هي الدكتور جابر قميحة، بنشر ثلاثة عناوين على الغلاف كلها عن جابر قميحة. ليتساءل: "هل أصبحت "مجلة الأدب الإسلامي" فرعاً أدبياً لموقع "إخوان أون لاين"؟ أم أنه اتحاد الهوى والتقاء المشارب؟ وهل يصح مع هذا أن نحوّر المقولة "الفرزدقية" فنقول: إن "مجلة الأدب الإسلامي": قلوبها مع الخليج وأقلامها مع الإخوان؟"
ففي رأي الأنصاري أنّ انحسار المد الإخواني، سياسياً وفكرياً في المجتمعات الخليجية، يجب أن يرافقه فك لـ "الارتباط السيامي" بحسب تعبيره، بين هذا الأدب وبين التوجه الإخواني أو الكوادر الإخوانية والنظر للأدب الإسلامي "بوصفه نظرية إسلامية غير مرتبطة بحزب". وإذا ما اتفقنا مع الأنصاري جدلا، يبقى السؤال عن مدى جدوى تفكيك هذا "الارتباط السيامي" ملحًا. أي هل بالإمكان تحرير مصطلح من صانعيه وممن وضعوا مفاهيمه وأهدافه؟

##التعليم وأخونة الأندية الأدبية
في مقال بعنوان "أخونة الأدب والأندية الأدبية في السعودية"، نُشر في صحيفة "الشرق"، يوّضح عبد الرحمن الواصل، مدى تغلغل "الفكر الإخواني" في التعليم العام والجامعات السعودية من خلال ما سُمي "الأدب الإسلامي"، الذي "لا يعدو كونَه شعراً جهاديا وتحريضيّا أو صاهراً للوطن في كيان الأمَّة أو نظماً إخوانيا في المبادئ والقيم الإسلاميَّة ليس إلا، مُقصين الأدبَ السعوديَّ وبخاصَّة منه الشعر في أغراضه القوميَّة والوطنيَّة والرومانسيَّة والمسرحيَّة، ومهمِّشين الأدباء السعوديِّين وبخاصَّة شعراء الحداثة ونقَّادها ودارسيها". فكانت النتيجة أن "تضمّنتْ مقرَّرات المحفوظات والنصوصِ في التعليم العام أناشيد جهاديَّة إخوانيَّة وقصصاً عن كراماتهم الجهاديَّة، بل حفزوا كتَّابهم وشعراءهم ونقَّادهم لينشروا أفكارهم وتوجُّهاتهم في مقالاتهم وأشعارهم في صحفنا ومجلاَّتنا، وفي الدوريَّات الجامعيَّة والمطويَّات التعليميَّة ليهيمنوا على النشاط الطلاَّبي في التعليم العام والجامعي".
وبحسب الواصل، فإن تأثير هذا الفكر امتد تأثيره ليسيطر على الأندية الأدبية، حيث "تصادف إنشاء الأندية الأدبية السعودية عام 1395هـ مع بدايات ظهور السعوديِّين المؤدلجين بالفكر الإخواني بدراسة الأدب في جامعاتنا أو في جامعات مصر على أيدي الإخوان المسلمين، فقد وجدوا في الأندية الأدبيَّة حواضن لأدبهم وفكرهم وتوجُّهاتهم الإخوانيَّة فكان لهم تأثير في أنشطتها وبرامجها وإصداراتها". كما عملوا في المقابل على الوقوف ضد أنشطة أخرى لا تتفق مع أفكارهم، إذ يضيف الواصل في المقال ذاته "إن ما حدث مراراً في نادي جدَّة الأدبي مثال على ذلك (…) ومواقفهم من ملتقى نادي القصيم الأدبيِّ الذي عُني برصد التحولات الثقافية في السعودية (…) نماذج لإرجافاتهم الأدبيَّة".

##خطاب سياسي ساذج
وفي حديث لـ "الاقتصادية الثقافية" مع الناقدة الدكتورة لمياء باعشن والباحث محمد على المحمود حاولنا طرح بعض النقاط التي يعتد بها أصحاب هذا النوع من الأدب فنيا وحركيا. فحول نشوء "المقصد النفعي" في الأدب تقول الدكتورة لمياء: "منذ أن استبعد أفلاطون الشعراء من مدينته الفاضلة متهما إياهم بالكذب والتضليل وإضعاف الهمم، والأدب يجاهد كي يبرئ نفسه ويثبت أن مهمته أعلى وأسمى من مجرد الصدق والتصوير الواقعي للأشياء. لكن أفلاطون أيضاً كان قد استثنى بعض الشعراء من قرار النفي من المدينة، وهم أولئك الذين يخدمون قضايا المدينة ويتولون شحذ الهمم وإشاعة روح الوطنية في المواطنين، ومن هذا الاستثناء نشأ المقصد النفعي من الأدب".
وتعليقاً على من يعتبر الأدب الإسلامي "خطابًا ثقافيًا" كغيره من الخطابات العالمية يقول المحمود: "خطاب الأدب الإسلامي ليس خطابا ثقافيا، بل أيديولوجي، ولا يمكن عدّه ثقافيا إلا من باب الثقافة بمفهومها الأوسع الذي يشمل كل أنواع النشاط الإنساني، بما في ذلك الفلكلور الشعبي والعادات والأعراف والتقاليد. لكن، من حيث الثقافة العالِمة، ثقافة الفكر، فهو بعيد عن ذلك. بل هو لا يعدو ـ في أحسن أحواله ـ أن يكون خطابا سياسيا ساذجا".
وعما إذا كان هناك تعارض بين خطاب التنوير الإنساني وتخصيص الأدب أو توجيهه يقول المحمود: ليس هناك تعارض بينه وبين التخصيص فحسب، بل بين مُكوّنات هذا الذي يُصنّفه أدعياؤه: "أدبا" وبين خطاب التنوير الإنساني. خطاب التنوير يرتاد معالم الواقع الإنساني لخلق واقع إنساني أفضل، فالإنسان هو الغاية في خطاب التنوير، بينما هو وسيلة في الخطابات الأيديولوجية التي تسعى إلى هدف خاص، هدف "سياسي" لا يعود بالنفع ـ إن عاد ـ إلا على فئة خاصة، وعلى حساب الفئات الأخرى.

##سفينة الإنقاذ
من جهة أخرى، وفي كتاب "إشكالية الأدب الإسلامي" لا ينكر الدكتور وليد قصاب "أحد منظري الأدب الإسلامي" "أيديولوجيا" الأدب الإسلامي، بل يدافع عنها باعتبار الأطروحات الأدبية الأخرى ليست إلا "انعكاسًا لفلسفات وأيديولوجيات وعقائد وتصورات فكرية عن الحياة والإنسان والكون والدين والإله وما شاكل ذلك، فهي ليست محايدة أو نزيهة، بل هي منغمسة في الأيديولوجيا، منحازة للتصورات الفكرية التي صدرت عنها، وهي تصورات يفترض فيها أنها مخالفة للتصورات الإسلامية. أما الأدب الإسلامي فهو أدب هذه الأمة الحقيقي، وهو "سفينة الإنقاذ" لأدبنا العربي، بل للأدب العالمي .. تسدّده إذا ما انحرف، وتعيده إلى شاطئ الحق والجمال وإسعاد الإنسان".
وهنا يتفق المحمود جزئيًا بقوله: نعم، قد يكون الأدب أيديولوجيا، بل إن كثيرا من الأدب العالمي لا ينفك من الأبعاد الأيديولوجية التي تحكم منطق الفكرة فيه. لكن، في كثير من هذه الآداب تُستلهم الأيديولجيا في قوالب فنية تنطوي على كثير من الإبداع. فأدب نجيب محفوظ في الأربعينيات، كان يصدر عن رؤية اشتراكية واضحة، لكنه -وهنا الفرق- كان أدبا فنيا بكل معنى الكلمة. بينما لا تجد فيما يتم تقديمه اليوم على أنه أدب إسلامي أي إبداع، بل هو كتابة خطابية، دعوية، وعظية، وأحيانا توجيهات حركيّة. نعم قد توجد الفنية/ الأدبية، لكنها خافتة، بل ربما تافهة، بجانب الحضور الدعوي/ الوعظي.
وأيضًا لا تنفي الدكتورة لمياء "وجود أدب إسلامي له ملامح وموتيفات وتقنيات تصويرية ولغة وأسلوب ورسالة توجيهية مستمدة من أساسيات الدين الإسلامي، وكذلك هو الحال مع الأدب المسيحي والأدب اليهودي وغيرهما، كما أن هناك أدبا اشتراكيا وآدابا يسارية أخرى. حيث التوجه الفكري لأي رواية ما هو إلا بذرة في أعماق النص وغاية من كتابته. وتضيف: لن يستطيع أحد أن ينفي جماليات قصائد المديح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-، أو العمق الدرامي لمسرحيات وروايات أحمد على باكثير. الجزء الإسلامي هو النواة، لكن القيمة الأدبية تكمن في التناول والصياغة والتكوين".
لكن، ماذا لو تجاوزنا فكرة الأيديولوجيا للسؤال عما يعتقد به الكثير من الإسلاميين حول "المواجهة" الحتمية بين ثقافة وأخرى، فالأدب الإسلامي بالنسبة لهم "سفينة إنقاذ". وبالتالي هذا ما يبرر"حركيته" وليس الهدف السياسي.
على هذا النسق، يقول المحمود: "وهذا يؤكد أنه مجرد أداة للمواجهة، أداة للصراع، وليس إنتاجا جماليا يحتفي بالمُكوّن الجمالي أولا. ودعاة الأدب الإسلامي هم كوادر في تنظيم احترابي صراعي، حتى إن لم يكن بعضهم واعيا بأبعاد هذا الصراع. الأدب فن في الدرجة الأولى، فيما التخصيص هنا قائم على أساس فكري خالص، وهنا تأتي الأسئلة الإشكالية: ما الخصائص الفنية التي تميزه عن غيره؟ الجواب: لا شيء، فالخصائص المميزة التي يتقدم بها دعاة هذا الأدب هي خصائص فكرية، وهي حتى على هذا المستوى ملتبسة".

##أسلمة الأدب
يستدرك المحمود موضحًا أن "الذين يرفضون "الأدب الإسلامي" لا يرفضون الإسلامية في الأدب، بل يرفضون هذا التخصيص العبثي فنيا، ويعون حقيقة أنه مجرد وسيلة دعائية، بل آلية حركية لتسييج الذهنية العامة للأتباع، أي توفير أدب بديل لهؤلاء الأتباع حتى لا ينهمكوا في قراءة الآثار الفنية الأخرى فيتأثروا بها، ومن ثم يتمردوا على الحراك الإسلاموي".
وحول ما يخشاه البعض من شرعنة لقداسة قد يضيفها هذا النوع من الأدب، عليه وعلى أصحابه، يؤكد المحمود: "إنه آلية شرعنة ابتداء، فهم لم يطرحوا هذا الذي يسمونه أدبا إلا على اعتبار أنه هو الأدب المشروع، هو الأدب الخالي من المخالفات الشرعية، وبناء على ذلك يُصبح ما سواه أدبا غير إسلامي، ومن ثم غير مشروع. إنه يُدين ابتداء كل النتاج الأدبي المغاير/ المخالف. ثم عن أية أسلمة نتحدث، هل عن الأسلمة السنية، أم الشيعية، أم الصوفية، أم العقلانية...إلخ، وهذا يدل على اضطراب الرؤية في كل هذا الادعاء الإسلاموي العريض".
وعن مقولة "الفن للفن" التي يحتج بلا أخلاقيتها أصحاب الأدب الموجّه تقول الدكتورة باعشن "مقولة الفن للفن جاءت كتعبير عن رفض الضغوط التي يمارسها أصحاب الرأي الواحد على الأدباء والفنانين واتهامهم بالسقوط الأخلاقي أو تكفيرهم أو الحجر على فكرهم لو خالف نتاجهم الأدبي والفني العرف السائد. لذلك أراد الأدباء أن يتخلصوا من قيود الرسائل الموجهة والوعظ المباشر، وكذلك من ضغوط الأحكام الجائرة التي تُلصق بهم. فالكاتب الموهوب ينادي بالفن للفن، لأنه يريد أن يكتب بحرية، كما يقول سارتر، ويطمح لأن يستفز في القارئ حريته في الفهم والتأويل والتفاعل، ولا يحاصره بقناعات محددة تجبره على اختيار مقيد".
وأخيرًا، لا يرى المحمود وجود أثر لهذا المسمى أدبا إسلاميا في شبابنا، "من حيث هو أدب". لكنه أيضًا لا يخفي قلقه من "تأثيره كخطاب وعظي حماسي، كما في الأناشيد الإسلامية التي ازدهرت في فترة انتشاء الصحوة الغفوية، وكانت تمارس الشحن الأيديولوجي الحماسي. فهذا ما قد يغتر به بعض الشباب، لكن ما إن ينفتح الشاب على الأدب الحقيقي حتى يعلم أن كل ما أصدره دعاة هذا الأدب ليس إلا مواعظ هزيلة سرعان ما تلتهمها ذاكرة النسيان".
تَأمُل الكثير من التداعيات التاريخية، سياسيًا واجتماعيًا، ما قبل "الربيع" وما بعده، إضافة إلى الشهادات والآراء الوارد ذكرها سابقًا، يُثير الكثير من الجدليات حول "الأدب الإسلامي" بوصفه غطاءً "حركيًا" لأغراض سياسية.
فهل هو أدب إسلامي أم "أدب إخواني" موجّه، تمت أسلمته لأغراض سياسية تعبوية، كغيره من المجالات، الطبية والعلمية، التي يبرع الإخوان في "أسلمتها" دائمًا، لأغراض جماهيرية أممية، حتى لو أضر ذلك بمنهجياتها وفنياتها؟ هذا تحديدًا ما يُقلق الآخرين الذين لا يحملون التصور ذاته للأدب، فالاتفاق أو الاختلاف وارد حول توظيف الأدب "إبداعيًا" لخدمة قضية ما. لكنه غير وارد حول بشاعة توظيفه "حركيا" للإضرار بمصلحة وطن أو لقمع حرية إبداع آخرين.

الأكثر قراءة