Author

مشروع الدمج التربوي لذوي الاحتياجات الخاصة وضرورة التوعية

|
يُعد مشروع دمج التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية من المشاريع التربوية والأكاديمية التي تبنتها السياسة التعليمية في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية ،وقد خضع هذا المشروع الضخم لمراحل عديدة مابين دراسات وتجارب إلى أن وصل لمرحلة التطبيق الفعلي على أرض الواقع. وقد شكل مشروع الدمج التربوي نقلة نوعية على مستوى الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك على أُسرهم. حيث أصبح الطالب ذو الحاجات الخاصة يذهب لمدرسته في الصباح الباكر ويعود مع نهاية اليوم الدراسي كسائر طلاب التعليم العام ،بعد أن كان في يوم من الأيام يرتاد مركزا للإقامة الدائمة أو المراكز النهارية التي كان أبرز سلبياتها العزل الاسري والاجتماعي. وكذلك من أبرز النقلات النوعية التي قدمها مشروع الدمج ،الخدمات المقدمة لبعض الطلاب في مدارس التعليم العام كبرامج صعوبات التعلم والاضطرابات السلوكية واضطرابات النطق والكلام ،والتي استطاعت أن تعالج جزء كبير من الفجوة بين العمر الزمني للطالب والمستوى المتوقع منه في هذا العمر. فحين يتوفر لذوي الاحتياجات الخاصة بيئة تربوية وتعليمية في مكان واحد مع أقرانهم العاديين فهذا في نظري كفيل بأن يحقق أهم مبادئ العدالة والمساواة. وهذا بلا شك يرفع من مستوى الحقوق المفروضة والتي يجب أن ينالها ذوي الاحتياجات الخاصة. وبرغم ما يعانيه مشروع الدمج التربوي من بعض السلبيات والتي من أبرزها بعض القصور في مستوى الخدمة والتجهيز في البرامج الملحقة بالمدارس ،إلا أنه يمكن تلافي ذلك مع الوقت ،خاصة أن المملكة العربية السعودية تعد حديثة عهد في عالم رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. وأعتقد أن السلبية التي قد نغفل عنها أو لا نوليها جل الاهتمام ،تتمثل في عملية التوعية حول مشروع الدمج التربوي والخدمات التي يقدمها. فعملية التوعية تعد محور رئيس يُكسب مشروع الدمج يد العون ابتداء من أسرة المعاق وانتهاء بعامة المجتمع المحيط . فحين نجد أسرة تتفهم حاجات ومتطلبات ابنها ،ومجتمع يستطيع أن يتعامل بالشكل الطبيعي مع ذوي الحاجات الخاصة ،حتما سيشعر حينها المعنيين بمشروع الدمج بأنهم جزء لا يتجزأ من بناء هذا المجتمع. وأتمنى أن نتبنى كمختصين البدء الحقيقي لعملية توعية مكثفة توصلنا لتحقيق كافة أهداف مشروع الدمج التربوي وذلك من خلال التوعية بمجالات الإعاقة ونشر الوعي بحقوق وواجبات ذوي الحاجات الخاصة وبيان ماهية الدور الحقيقي لأفراد المجتمع تجاه هذا المشروع الذي ستعود ثماره على شخص سيخدم دينه ووطنه حين يتم تأهيله بالشكل الصحيح. فمثل هذه المشاريع التربوية تحتاج لوعي مجتمعي كي تؤتي أُكلها ،ولا يمكن أن ينجح مشروع كهذا في مجتمع يفتقد الوعي بخدمات التربية الخاصة. وللأمانة لا أنكر تحسن مستوى المعلومة لدى المجتمع حول برامج التربية الخاصة ،ولكن الحقيقة حسب ما أشاهده في الميدان أن التوعية لم تصل لمستوى يكفل لنا نجاح مميز لمشروع الدمج التربوي.
إنشرها