الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

السبت, 20 ديسمبر 2025 | 29 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.27
(-0.84%) -0.07
مجموعة تداول السعودية القابضة151.8
(-1.56%) -2.40
الشركة التعاونية للتأمين115
(-1.71%) -2.00
شركة الخدمات التجارية العربية120.3
(-0.66%) -0.80
شركة دراية المالية5.41
(2.08%) 0.11
شركة اليمامة للحديد والصلب31.3
(-1.26%) -0.40
البنك العربي الوطني21.18
(-0.24%) -0.05
شركة موبي الصناعية11.2
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.4
(-1.23%) -0.38
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.84
(-0.55%) -0.11
بنك البلاد24.77
(-0.72%) -0.18
شركة أملاك العالمية للتمويل11.33
(0.18%) 0.02
شركة المنجم للأغذية53.85
(0.19%) 0.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.58
(0.87%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.75
(0.67%) 0.35
شركة سابك للمغذيات الزراعية112.7
(1.62%) 1.80
شركة الحمادي القابضة27.58
(-2.75%) -0.78
شركة الوطنية للتأمين12.98
(-0.61%) -0.08
أرامكو السعودية23.65
(0.21%) 0.05
شركة الأميانت العربية السعودية16.37
(-0.12%) -0.02
البنك الأهلي السعودي37
(1.09%) 0.40
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات28.16
(-0.78%) -0.22

إنه ركب الطاغوت و جيش الظالم مدعي الألوهية و الجبروت ،

مائة ألف فارس على مائة ألف أدهم بخلاف العبيد و الخدم ،

إنه ركب فرعون .

ابتسامة عريضة تعلو شفتيه الغليظتين و قد بدا له مبتغاه من بين سحائب الغبار التى تثيرها سنابك خيله و رجله ،

ها هو الجمع يظهر من بعيد على ضفاف بحر بلاده ،

ليس لهم من ملجأ منى الآن ؛

هكذا قال لنفسه ،

الآن حان وقت الخلاص من أولئك المتمردين الذين يشككون فى ربوبيته ، و يزعزعون ركائز أسطورته ،

آن الأوان ليكونوا عبرة لمن يأتى خلفهم و تسول له نفسه أن يحذو حذوهم ،

ازدادت ابتسامته اتساعا و هذه الأفكار تتردد فى ذهنه متذكرا أحداث الساعات و الأيام السابقة ،

نشوة رهيبة تملأ صدره العريض حين استرجع قدرته على تشويه موسى و من معه ببعض كلمات استخف بها قومه فأطاعوه ،

إن هؤلاء لشرذمة قليلون ،

هكذا حقرهم و سفه من شأنهم أمام قومه ،

إنها بضع كلمات خدع بها شعبا من المستخفين استحقوا أن يكونوا بذلك من الفاسقين ،

و ها هو قد دنا من بغيته و اقتفى أثر عدوه و اقتربت المواجهة التى اشتاق إليها منذ أعوام أذله فيها موسى مرة تلو أخرى،

نعم أذله ،

حتى ولو لم يعترف بذلك أمام أحد ، لكنه كان يوقن بذلك فى قرارة نفسه،

لقد هزمه فى كل تحدٍ ،

علا عليه فى كل مفاصلة ،

و هل ينسى يوم النيروز ؛

يوم الزينة حين ألقى سحرته ساجدين و آمنوا برب موسى و هارون ،

يا له من يوم محرج و وصمة عار فى تاريخه ،

صحيح أنه أطاح بأولئك السحرة المتمردين المتآمرين لكن المرارة لم تفارق حلقه قط ؛

مرارة الهزيمة و فزع المشهد حين رأى عصا موسى تلقف أفاعى أتباعه ،

و المرارة الأكبر حين اضطر أن يبعث لموسى يرجوه أن يدعو ربه ليكشف الرجز و المجاعة و الآفات التى حلت بقومه ،

ها قد حانت لحظة الانتقام ،

سيذكر التاريخ طويلا هذا اليوم و سيجعل عاشوراء عيدا يحتفل به المصريون و يتذكرون كيف نكل إلاههم بهؤلاء المتمردين الذين يبدون قليلى الحيلة من بعيد،

لكن .. ما هذا ؛

ما هذا الذى يحدث للبحر ؛

ما هذا الصوت الهادر الذى يصم الآذان ؟!

تسمر الجيش فى مكانه ، و جفلت الخيل ، و كادت أن تسقط براكبيها لهول المشهد ،

إنه الموج يتعالي ،

ما يحدث وتراه العين شيء مستحيل ؛

لقد صار الموج يصافح السحاب و كأنه طود شاهق !

هلموا أيها الرعاع ،

تحركوا،

أدركوهم ،

لا يمكن أن يفلتوا هذه المرة ،

أسرعوا فلقد كادوا يغيبون عن البصر و تطويهم ظلال جبلى الماء ،

هيا اقتحموا ، ما لكم تترددون ؟

إن كان موسى قد عبر فما يمنعنا من العبور خلفه ؟!

إنها مجرد ظاهرة طبيعية لعلنا فقط لم نسمع بها من قبل ،

هيا أيها الجبناء ،

ها أنا أتقدمكم و لا يرهبنى هدير الماء و لا ظلال متجول الحيتان ،

تقدم الجند على مضض حين رأوا قائدهم الأحمق يقتحم تلك المخاضة المرعبة ،

إنهم يعلمون جيدا أن هذه معجزة جديدة من معجزات موسى فكيف يأمنون ألا تسلط عليهم ؟

يا لكبر قائدنا و غروره !

هلموا أيها الجبناء ،

رددت جبال الموج صيحة قائدهم يستحث خطاهم للحاق به فى قعر البحر المشقوق ،

بدأ القلق يخبو شيئا فشيئا و قد صاروا فى منتصف المسافة تقريبا ، و ظهرت أ ضواء الضفة الأخرى على مرمى البصر ،

ها قد اقتربنا و يبدو أنه قد صدق قائدنا ،

أسرعوا الخطي فهاهو موسى و قومه يظهرون على الضفة الأخرى و قد عبروا بسلام ،

وفرعون يحث الخطي و يكاد يطير بفرسه ،

هل هو قلق ؟

هل هو خائف أن نكون وحدنا بين جبلى الماء ؟

أين ثقته التى كانت تقطر من حروفه منذ قليل حين حمسنا للدخول ؟!

فجأة : التأم البحر، انطبق ،

هكذا وبدون مقدمات ،

عاد البحر لسابق عهده و ارتطم جبلا الماء !

غاب الجند فى الأعماق و كتمت الأمواج صرخاتهم فلا تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ،

" فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون" ،

صوت مكتوم منفرد هو المسموع الآن ؛

صوت يغرغر مختنقا بعبرات تختلط ملوحتها بملح البحر و طميه الذى يدسه جبريل فى فمه الفرعونى المنعم ،

" آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ " ،

يا لها من عبارة طويلة بالنسبة لهذا الموقف العصيب ،

كل تلك الحروف و الكلمات و ليس فيها الكلمة الأعظم ،

ليس فيها اسم الله !

ألهذه الدرجة ثقل لسانك الأثيم عن النطق باسم الله ؟!

تدعى الإيمان الآن ؟

" آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" ،

و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن .

ازداد الاختناق و توالت السكرات و الحسرات و الندم على ما فات ،

لكن هيهات هيهات ،

لقد هلك ،

مات أفجر طاغية عرفته البرية ،

مات من قال أنا ربكم الأعلى و ما علمت لكم من إله غيرى ،

مات الذى قال أليس لى ملك مصر و هذه الأنهار تجرى من تحتى،

ها هى تجرى من فوقه البحار و لات حين مناص ،

ها هو يغيب رويدا رويدا تحت الأمواج ،

و لكن كلا ،

لابد أن يكون آية ،

لابد أن يعرف الخلق أنه قد هلك لا يقولن أحدهم إله علا فى سماء ،

لابد أن يروه و الطين فى فمه و الرعب على قسماته ،

" فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ" ،

اليوم ،

يوم عاشوراء ،

الذى ظننت يا فرعون أنه سيكون يومك وعيدك الذى سيتحاكى فيه الناس عن بطولاتك و أمجادك ،

لقد ظل يوما مشهودا ،

يوما من أيام الله الذى جحدته و استكبرت على عباده ،

يوما أظهر الله فيه عبده عليك ، و تركك آية لمن خلفك ،

و صدق الموقن الكليم فى حرفه الواثق ؛

كلا ،

إن معى ربى سيهدين ،

فها هو قد هداه و نصره ،

لم تزل الرحلة طويلة ، ولم يزل الطريق شاقا ، و الله ينظر كيف يعملون ،

لكنه سيبقى اليوم المشهود ،

يوم ظهر الحق و زهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا ،

" إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" .

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية