خالد الفيصل .. 44 عاما من الإنجازات في عسير ومكة
بعد 37 عاما قضاها الأمير خالد الفيصل أميراً لمنطقة عسير، جعل من خلالها تلك المنطقة وجهة سياحية مشرفة، تستقطب السُّياح من كل دول العالم، وبعد سبعة أعوام قضاها "دايم السيف" أميرا لمنطقة مكة المكرمة، قاد من خلالها تطويراً للمنطقة عبر العديد من المشاريع التنموية والاستثمارية، تُوِّج أمس خالد الفيصل بأمر ملكي وزيرا للتربية والتعليم خلفا للأمير فيصل بن عبد الله بن محمد.
نشأته
ولد خالد الفيصل في مكة المكرمة عام 1940، وهو نجل الملك فيصل بن عبد العزيز ثالث ملوك السعودية، وعمل في رعاية الشباب في وزارة الشؤون الاجتماعية في الفترة ما بين 1387-1391هـ، وإليه تعزى فكرة إقامة بطولة كأس الخليج لكرة القدم، ثم عين أميراً لمنطقة عسير عام 1971، وفي 16 أيار (مايو) 2007 عين أميراً لمنطقة مكة المكرمة، وهو عضو في هيئة البيعة السعودية، وفي 22 كانون الأول (ديسمبر) 2013 عين وزيرا للتربية والتعليم.
درس القرآن الكريم والسنتين الأولى والثانية الابتدائيتين في الأحساء، ثم التحق بالمدرسة النموذجية التي افتتحها والده الملك فيصل في الطائف، وأكمل فيها دراسته الثانوية، حصل على دبلوم الثانوية الأمريكية من مدارس برنستون في عام 1961، ثم التحق بجامعة أكسفورد البريطانية لدراسة العلوم السياسية والاقتصادية في عام 1962، وأنهى دراسته فيها بعد أربعة أعوام، ويعرف بأنه فنان تشكيلي وشاعر، ويلقب بـ "دايم السيف".
المناصب التي تولاها
تقلد عددا من المناصب خلال وجوده في منطقتي عسير ومكة المكرمة، حيث تولى منصب مدير عام لمؤسسة الملك فيصل الخيرية وهو أحد مؤسسيها، ورئيس لجنة البرامج والإنفاق الخيري في مؤسسة الملك فيصل الخيرية، ورئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية، ورئيس لجنة التنشيط السياحي في منطقة عسير، ورئيس فخري للشركة الوطنية للسياحة في عسير، ورئيس جمعية البرّ في الجنوب، وعضو بالهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وعضو مجلس أمناء معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية التابع لجامعة فرانكفورت في ألمانيا، ورئيس شرف جمعية فاس سايس للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في المملكة المغربية، ورئيس مؤسسة الفكر العربي وأحد مؤسسيها التي تهتم بالهوية العربية وتعزيزها.
نشاطاته الثقافية والشعرية
يعرف عن الأمير خالد الفيصل أنه شاعر وأديب وفنان، له مساهمات شعرية وثقافية متنوعة، حيث صاحب ثاني منتدى أدبي ثقافي في الرياض، وكان يعقد في منزله إبان عمله في رعاية الشباب، وأسس مجلة "الفيصل" وأهداها لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، وصدر له أول ديوان شعري شعبي بعنوان قصائد نبطية في عام 1406هـ وضم نحو 100 قصيدة، وعشر لوحات بريشته، وصدر له الديوان الثاني بعنوان "الديوان الثاني" في عام 1412هـ، وضم 53 قصيدة، وثماني قصائد لأغنيات وعدداً من رسوماته، واختير ديوانه الأول ضمن ثمانية كتب عالمية بيع منه أكثر من 50 ألف نسخة، وفي عام 1419هـ أصدر كتاب "مسافة التنمية وشاهد عيان" عن تجربة التنمية في منطقة عسير، وتم تحديث الكتاب لتتولى طبعه ونشره باللغتين العربية والإنجليزية دار برزان للنشر في بيروت ولندن، وفي عام 1424هـ صدر عنه كتاب "سياحة في فكر الأمير".
قدم العديد من الأمسيات الشعرية داخل المملكة وخارجها، وحظيت بتغطيتها وسائل الإعلام العربية، وكتب قصائد "أوبريت التوحيد" الذي قدم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، ونشيد "نشوة العز" بمناسبة الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، وتُرجم شعره إلى الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والفارسية والأردية والدنماركية.
وقد أسس جائزة أبها التي تمنح سنوياً للمتفوقين في مجالات الثقافة والتعليم الجامعي والعام والخدمة الوطنية، وأشرف على إنشاء نادي أبها الأدبي الذي نال المركز الأول من الرئاسة العامة لرعاية الشباب عدة مرات تقديراً لنشاطه الثقافي المميز، كما أشرف على إنشاء مركز الفيصل لتربية الصقور، وأنشأ مسرحاً حديثاً لمختلف النشاطات الثقافية والفنية، كما يعد الأمير خالد الفيصل رساما وفنانا تشكيليا له لوحات فنية متعددة، وأقام معارض فنية من أهمها المعرض المشترك الذي أقامه مع الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني ضمن مبادرة عرفت بمبادرة "رسم ورعاية" في عام 1999، أسس جريدة الوطن السعودية عام 2000.
إلغاء المخيمات الدعوية
كانت المخيمات الدعوية من الأنشطة المهمة التي تقوم بها المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد في مناطق المملكة، لكن الأمير خالد الفيصل كانت له وجهة نظر أخرى إذ قام بإلغائها في جميع محافظات المنطقة، لأن هذه المخيمات تقيم أنشطة لتدريب المشاركين على السلاح والإرهاب، الأمر الذي لاقى قبولا واسعا لدى المجتمع.
الواقع إلى حقيقة
ترجم خالد الفيصل العديد من الأحلام إلى الواقع، بدءا من مدينة أبها ومنطقة عسير ووصولا إلى جدة ومنطقة مكة المكرمة، إذ شهدت الأولى قفزة حضارية وسياحية واستثمارية بعد أن كانت مدينة متواضعة لم تستقطب أحدا بموقعها الاستراتيجي وأجوائها الخيالية ومناظرها الخلابة، حتى حوّلها خالد الفيصل إلى أهم معلم حضاري وسياحي في السعودية عبر كم هائل من المشاريع التي جعلتها الوجهة الأولى للسياح، وأما جدة فقد شهدت العديد من المشاريع الاستثمارية والتنموية والبنى التحتية، فتحولت من كونها مجرد مدينة ساحلية إلى مدينة حضارية تنموية ورمزا للإبداع.
ويحظى خالد الفيصل بتأييد واسع من المجتمع السعودي على كافة شرائحه، إذ نال ثقة العامة عبر العديد من القرارات التي ضرب بها ضد من يحاول المساس بأمن الوطن والمواطن على حد سواء، فقد أعفى العديد ممن تورطوا في قضايا فساد إداري ومالي، ووجه بتشكيل لجنة من الجهات المختصة لمكافحة الفساد الإداري في المنطقة للعمل على دعم ما من شأنه مكافحة الفساد الإداري، وكارثتي جدة خير مثال على ذلك.
كما كان الأمير خالد الفيصل حريصا على التنمية في جميع الجوانب، كان له موقف حاسم تجاه من يتهاون في أداء دوره في مسيرة التنمية، ويبرز ذلك في عدة جوانب، فالجانب الأول يأتي من خلال محاسبته ومساءلته المقصرين في الأداء أو المتعثرين في تنفيذ المشاريع التنموية في المنطقة، التي على أثرها وجه بإقامة ورش العمل لمعرفة أسباب تعثر المشاريع ووضع الحلول لها، وفي جانب آخر إبعاد كل مسؤول يحدث منه تقصير تجاه العملية التنموية في المنطقة أو يتسبب في قصور الخدمات، خاصة تلك الموجهة لخدمة ضيوف الرحمن، ومن زاوية أخرى يظهر الحرص في متابعته الشخصية جميع المشاريع في مكة المكرمة.
الحج والمشاعر المقدسة
شهدت منطقة مكة المكرمة، وتحديداً في المشاعر المقدسة في عهد الأمير خالد الفيصل، الكثير من المنجزات الحضارية بلغت تكلفتها الإجمالية مليارات الريالات دون أن تلتفت إليها الحكومة السعودية وتبحث عن مخرجاتها وعوائدها، فجل ما أنفق عليه تم توجيهه لخدمة ضيوف الرحمن، لتحقيق أكبر مستوى من الراحة والاطمئنان لهم عند تأدية نسكهم، حيث رفعت تلك المشاريع التي من أبرزها مشروع منشأة جسر الجمرات، وإنجاز المرحلة الأولى من مشروع قطار المشاعر المقدسة، جودة الخدمات المقدمة للحجاج القادمين من مختلف بقاع الأرض، وأسهمت في بث روح الطمأنينة في أنفسهم أثناء تأديتهم مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام. وتأتي المنجزات التنموية العملاقة، التي بادر أمير مكة بالإعلان عن تدشينها، أو تلك التي تبنتها الحكومة السعودية، التي منها توسعة الحرم المكي الشريف - التوسعة الأكبر على مر التاريخ - أو المشاريع العمرانية العملاقة التي باتت تلامس السحاب، لتضع مكة المكرمة كرقم جديد في خريطة مدن العالم المتقدم، مع الحفاظ على الثوابت الإسلامية والقيم الدينية والأخلاقية والاستمرار على النهج القويم الذي أرساه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وخالد الفيصل يتحول في الحج إلى غرفة عمليات متحركة ولا يتمتع إلا بلحظات بسيطة من النوم، فهو يقوم في جولته السنوية على المشاعر المقدسة قبيل بداية موسم الحج، بالاطلاع على كل الخدمات التي ستقدم لضيوف الرحمن خلال الموسم، وكذلك يقف على جاهزية جميع الإدارات الحكومية والخاصة لمعرفة أدق التفاصيل ومتابعة آليات العمل التي يوجه فيها بضرورة أن تقدم الخدمات لحجاج بيت الله العتيق بأرقى جودة وأعلى مستوى يتواكب مع مكانة المملكة الإسلامية والعالمية.
ليس جديداً على التعليم
لم يكن الأمير خالد الفيصل جديدا على قطاع التعليم، فهو دائما ما يعقد مؤتمرات واجتماعات مع الطلبة والطالبات في منطقة مكة المكرمة، ويحرص كثيرا على التواجد معهم والاستماع إلى إنجازاتهم وأيضا مطالبهم واحتياجاتهم والعمل على تذليل كافة الصعوبات لهم، ليخرج جيل جديد متسلحا بالعلم ونابضا بالحماس للعمل والإنجاز.
ورغم الجهود التي بذلها الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد في وزارة التربية والتعليم، إلا أن تعيين خالد الفيصل لهذه الوزارة تحديدا جعل العديد من المفكرين والكتاب والمسؤولين في التربية والتعليم يشعرون بالراحة والحماس لما سيقدمه خالد الفيصل لهم.