منطقة الشرق الأوسط ستبقى قلب الصناعة النفطية العالمية في عام 2040
استمرار تحسن مستويات المعيشة في جميع أنحاء العالم سوف يبقي الطلب على الكهرباء ووقود النقل في تزايد حتى مع التقدم الحاصل في مجال تحسين الكفاءة وقيام الحكومات بفرض ضرائب عالية على انبعاثات الغازات الدفيئة، وفقا لتوقعات شركة إكسون موبيل الأخيرة.
توقعات الطاقة لشركة إكسون موبيل السنوية طويلة الأجل، والتي صدرت في وقت مبكر من هذا الشهر، تشير إلى أن الطلب العالمي على الطاقة من المتوقع أن ينمو بنحو 35 في المائة بحلول عام 2040 عن مستوياته الحالية، مدعوما بإيصال الكهرباء وأنواع الوقود الحديثة إلى مليارات الناس في العالم النامي الذين يعيشون حاليا دون كهرباء أو يحرقون الخشب أو أنواع الكتلة الحيوية الأخرى لأغراض الطهي والتدفئة. هذا الطلب المتزايد على الطاقة من الدول النامية إلى حد ما سوف يعوض عن الانخفاض البطيء في استهلاك الاقتصاديات الأكثر استهلاكا للطاقة في العالم المتقدم. تشير النشرة إلى أن الناس في الدول الأكثر فقرا في العالم بحاجة إلى منزل دافئ، ثلاجة، جهاز تلفزيون، يوما ما سيارة وهاتف محمول.
وفقا للتقرير، العالم يمتلك موارد طبيعية وفيرة من الطاقة لتلبية الطلب العالمي المتزايد، ويخلص التقرير إلى أن متوسط نمو سنوي في الطلب العالمي على الطاقة قدره 1 في المائة يمكن لشركات الطاقة في العالم التعامل معه وتوفيره.
يقول المسؤولون في الشركة أن تقريرهم الذي يتوقع الطلب العالمي على الطاقة إلى عام 2040، هو موضع دراسة وتحليل من قبل المستثمرين وصناع القرار في العالم، ويستخدم من قبل شركة إكسون نفسها لاتخاذ القرار بشأن استثماراتها المستقبلية. آخر شيء تريد أن تفعله الشركة هو خداع نفسها بشأن المستقبل، حيث إن الشركة تتخذ قرارات باستثمار مليارات الدولارات في هذا الشأن.
في هذا الجانب تجدر الإشارة إلى أن استنتاجات التقرير تتفق إلى حد كبير مع تلك التوقعات التي توصل إليها غيرهم بشأن مستقبل الطاقة على المدى الطويل، بما في ذلك التقارير الأخيرة الصادرة عن منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية .
تتوقع النشرة أن يستمر نمو الطلب العالمي على النفط والغاز الطبيعي بصورة مطردة لأن شركات الشحن البرية، الجوية والبحرية سوف تحتاج إلى المزيد من وقود الديزل لنقل المزيد من السلع محليا وحول العالم، كما أن مرافق توليد الطاقة سوف تحتاج إلى كميات إضافية من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء لعدد متزايد من الناس .
استخدام الفحم، الذي يعتبر اليوم الوقود رقم واحد في العالم في مجال توليد الطاقة الكهربائية، والوقود الثاني من حيث الأهمية في العالم بعد النفط، سوف يستقر في العقود القادمة، وينحدر إلى المركز الثالث مع تحول دول العالم إلى الغاز الطبيعي الأكثر نظافة. مصادر الطاقة النووية ومصادر الطاقة الكهربائية المتجددة مثل طاقة الرياح، الطاقة الشمسية والوقود الحيوي سوف تنمو أسرع من كل أنواع الوقود الأخرى، لكنها سوف تبقى تمثل جزء صغيرا من مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2040 لأنها ستبقى مكلفة.
تتوقع النشرة أن تقوم الحكومات بفرض تكاليف إضافية على استهلاك الوقود الأحفوري، في الوقت نفسه سوف تقوم بدعم الطاقة المتجددة في محاولة منها للحد من انبعاثات الغازات التي يعتقد البعض بأنها السبب وراء تغير المناخ. حسب النشرة تلك التكاليف قد تصل إلى نحو 80 دولارا للطن الواحد من ثاني أوكسيد الكربون، وهذا السعر قد يفرض على شكل ضريبة على الكربون أو قد يكون محسوبا ضمن تكلفة التقنيات الجديدة والمعدات اللازمة لتلبية الحدود الصارمة من الانبعاثات. حسب المسؤولون في الشركة فإن الحكومات سوف تقوم بطريقة أو بأخرى بتنفذ سياسات من شأنها أن تزيد من تكلفة المواد الهيدروكربونية على المستهلك، سواء كان ذلك على جانب الإمدادات أو الاستهلاك.
هذه الإجراءات، جنبا إلى جنب مع الدوافع لخفض التكاليف سوف تؤدي إلى زيادات كبيرة في كفاءة استخدام الطاقة. على سبيل المثال الحد الأدنى من متطلبات الاقتصاد في استهلاك الوقود في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم سوف يجعل من السيارات أقل استهلاكا للوقود، كما أن قوانين البناء ومعايير الأجهزة المنزلية الأكثر صرامة سوف تساعد على جعل المنازل والشركات أكثر كفاءة. إن التحول التدريجي من الفحم إلى الغاز الطبيعي في محطات توليد الطاقة، الذي ينبعث منه نحو نصف كمية ثاني أوكسيد الكربون مقارنة بالفحم، سوف يساعد أيضا على إبطاء نمو الغازات التي يعتقد البعض بأنها مسؤولة عن تغيير المناخ. في هذا الجانب تشير النشرة إلى أن انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون المتعلقة باستخدام مصادر الطاقة من المتوقع أن تستمر في النمو حتى عام 2030، من ثم تستقر بعد ذلك وتبدأ بالانخفاض البطيء.
يتوقع التقرير أن تظل أنواع الوقود الأحفوري التقليدية وفيرة، وذلك بفضل التحسينات في تقنيات الحفر. لقد تعلمت الشركات النفطية استخراج النفط والغاز من التكوينات الصخرية في المياه العميقة، من الصخر الزيتي والصخور واطئة النفاذية الأخرى، التي كان من المستحيل استغلالها في السابق. كما أن كميات النفط التي يمكن استخراجها بالتقنيات المتوافرة اليوم آخذ في النمو، على الرغم من أن العالم يستهلك نحو 90 مليون برميل من النفط كل يوم. بحلول عام 2040، يقول تقرير شركة إكسون أن 65 في المائة من مصادر النفط الخام القابل للاستخراج في العالم سوف تظل في باطن الأرض.
لكن مشكلة شركات النفط، هو أن إنتاج الموارد الجديدة من النفط أكثر تكلفة، ما قد يضع ضغوطا هائلة على صناعة الطاقة العالمية التي تعمل على تطوير حقول جديدة لتلبية الطلب المتزايد على النفط وأيضا لتعويض انخفاض الإنتاج من الحقول الحالية.
ويخلص التقرير، إلى أنه على الرغم من الطفرة الحاصلة في إنتاج النفط في أمريكا الشمالية، سوف تبقى منطقة الشرق الأوسط مركز إنتاج النفط الرئيسي في العالم وقلب الصناعة النفطية العالمية. حيث تتوقع إكسون أن تنتج دول منظمة أوبك نحو 45 في المائة من إنتاج النفط العالمي بحلول عام 2040 - ارتفاعا من نحو الثلث الآن.