الحضن اليومي .. صيدلية الطفل
يجهل كثير من الآباء والأمهات القيمة النفسية والصحية المثبتة علميا للحضن اليومي المتكرر للطفل، رغم تأكيدات أطباء نفسيين وباحثين تربويين أنه يقوي الجهاز المناعي ويداوي عديدا من العقد النفسية ويشعره بالدفء والحنان والأمان.
يقول الدكتور رضا عبيد اختصاصي الطب النفسي في مستشفى الملك عبد العزيز، "إن الحضن الدافئ اليومي يعتبر من أكبر وسائل العلاج الجسدي والنفسي بما يمثله من الشعور بالأمان وبث الثقة الذاتية للطفل بطريقة تنعكس على نشاط جهازه المناعي، الذي بدوره يقي الطفل من الأمراض عموما".
وأضاف أن للأم دورا كبيرا في تربية الأطفال ولها أثرها البين في تكوين شخصيته وبناء أفكاره، مشيرا إلى أن حضن الأم وبخاصة أكثر من مرة يوميا لهو أعظم مدرسة يربى فيها الطفل.
وتابع "إن حضن الأم اليومي للطفل يساعد على بناء إنسان سليم بدنيا ونفسيا وخاليا من أي عقد نفسية قد تؤثر في حياته لاحقا". واختتم الدكتور عبيد حديثه"، مردفا: إن حضن الأم مدرسة تسامت بتربية البنين والبنات، وأخلاق الوليد تقاس حسنا بأخلاق النساء الوالدات".
في السياق ذاته، قال عبد الرحمن الصالحي الباحث التربوي المختص في "الإدارة التربوية"، "إن نحو 1 في المائة من الأطفال في كل بلد يعانون "التأتأة" وعدم القدرة على الكلام بطلاقة"، لافتا إلى أن التعامل التربوي المناسب مع الأطفال المصابين باضطرابات النطق قد يقيهم كثيرا من المعاناة النفسية.
وأشار إلى أن بعض الدراسات أثبتت أن حضن الطفل لعدة مرات في اليوم يسهم بدرجة كبيرة في علاجه وتحسن النطق لديه بدرجة كبيرة، مسديا نصيحة للوالدين بضرورة الاهتمام باحتضان الطفل يوميا عدة مرات، مؤكدا أنه يشبع رغبته من الحنان ويزرع ثقته في نفسه.
وذكر الصالحي أن ما يقرب من 800 ألف شخص في ألمانيا يمثلون نحو 1 في المائة من السكان تبدأ التأتأة لديهم في سنوات الطفولة الأولى، أي ما بين عمر الثالثة إلى السادسة، مبينا أن الدراسات النفسية تؤكد افتقارهم إلى حنان الوالدين وبعض الممارسات الخاطئة من الوالدين والأسرة.
وزاد "إن الطفل في عمره المبكر يكون في مرحلة نمو، ومنها النمو اللغوي وأي سلوك سلبي يمارس من قبل الوالدين في تلك المرحلة يؤثر سلباً في سلامة النطق لدى الأطفال"، فيما تشير بعض الدراسات إلى أنه توجد أسباب عضوية تؤثر في سلامة النطق وتسبب التأتأة لدى الأطفال".
وأشار إلى أن اضطرابات النطق قد لا تظهر في مرحلة الطفولة، وتبرز عند البلوغ، جراء ممارسات وضغوط شديدة في التربية، وإهمال الجانب العاطفي للطفل واحتضانه وإشعاره بالأمان والحنان.
وأبان أن من سبل علاجات اضطرابات النطق، تكثيف الحضن اليومي للطفل، وكذلك يكون بالتركيز على تصحيح النطق عبر استخدام التمارين المختلفة، التي تساعد كثيراً على تقويم التهجئة، مثل التحدث ببطء وغيرها، أو عن طريق التخلص من التوتر بتخليص الطفل من التوتر بشكل نهائي، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين حالته.
وأكد الصالحي أن دراسات حديثة خلصت إلى أن حضن الأم طفلها عشر مرات يوميا يحل بعض العقد النفسية، ويشبع رغبات الطفل في الأمان والحنان ويقوي الجهاز المناعي، فيما احتضانه أربع مرات في اليوم، يساعده على تكوين شخصيته كطفل سوي، واحتضانه ثماني مرات يعني تطويره لطفل مبدع، وإذا زاد العدد فهذا يعني أنه سيكون طفلا قويا مقاوما للصدمات.
ولفت إلى أن الشحن العاطفي للطفل له أهمية أعظم من الغذاء نفسه، وأن الحضن الدافئ أرخص دواء لعلاج قلق الأطفال وآلام المعدة ويقي الإنسان من أمراض السرطان، مشيرا إلى أن الكبت العاطفي الذي يعانيه أطفال الشوارع بسبب الانفصال عن أمهاتهم يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب خلال مرحلة البلوغ.
وقارن بين الطفل الذي ينشأ في حضن أبويه، وأطفال الشوارع، مؤكدا أن الأم تلعب دورا عظيما في تغذية نفس ووجدان الإنسان ويجب إشباع حاجه الأطفال للحب لينشأوا أسوياء.
وقال "إن بتر الأمومة -حسب تعبيره- أو وباء الانفصال عن الأم يتسبب للطفل في تداعيات نفسية سيئة مبكراً، ما ينتج عنه تشوهات نفسية تهدد مستقبل الأجيال".
وأكد أنه -وفقا لدراسات وأبحاث- فإن للعاطفة علاقة بإدرار اللبن من ثدي الأم المرضع، حيث إن هرمون إدرار الحليب يزيد إفرازه من الغدة النخامية في الدم مع مص الرضيع ثدي أمه.