من فوق
بعد اعتذاري عن تكملة مشواري مع القناة الرياضية أصبح لديَّ الوقت للجلوس مع الأصدقاء وقتاً أطول، وبحكم اعتقاد البعض أن مجرد ظهورك على الشاشة تُعد أحد الواصلين، وكوني كذلك، بدأ النقاش في جلسة مفتوحة لأصدقاء اجتاح كثير منهم شعيرات بيضاء كان عنوان الحوار ''من فوق'' بدأ الحديث صديقنا الأكثر شيباً قائلاً: هي عبارة يصدح بها كل مسؤول يخشى المواجهة أو ممَّن يصدر قراراً لا يستطيع تنفيذه أو بشكل أدق لا يتجرّأ، أو مدرّب ''يطبطب'' على لاعب أو يكذب عليه مردّداً أن عدم مشاركتك نزلت ''من فوق''. ثم علّق آخر مؤكداً تأصيل هذه العبارة في وسطنا الرياضي؛ فعندما يعيّن رئيس نادٍ ممثله في الرابطة يبرّر في مجلسه هذا القرار غير المقنع بأن التكليف ''من فوق''. تداخل ثالث - وبانفعال - رئيس النادي هو مَن يقرّر.. أليس هو مَن يدفع، وإن كان هذا موجوداً في بعض الأندية فهي حالات نادرة، وطبعا كنا نستمع منصتين لمعرفتنا بمدى تعصبه لناديه، فقال: رئيسنا يتخذ قراراته دون إملاءات ''من فوق''، وزاد أحسن من لجان لا تعرف إلا نادينا وبتوجيهات من فوق. قلت له: وما أدراك؟ قال: أعرف رئيس لجنة أكد لي أن كل قرارات اللجان ''من فوق''. في الجانب الآخر صديق بطبعه هادئ.. قليل الكلام نطق أخيراً بادئاً حديثه: ما ضيّعنا إلا هذه العبارة، باختصار: كل جبان لا يستطيع ملء كرسيه يقول: ''من فوق''، وكل مسؤول ضعيف يلقي باللائمة على غيره في تقصيره رغم أنها من صميم عمله وفي حدود صلاحياته، فيبرّر ضعفه بتعليمات نزلت ''من فوق''. أقول لمَن هم فوق: احذروا من الجبناء المتسلقين فهم يشوّهون صورتكم؛ لأن العمل الجيد ينسبونه لأنفسهم، وكل قرار خاطئ يعيدون شبه الجملة نفسها ''من فوق''، استغربت مستفهماً: هل حديثكم عن الرياضة أو شأن آخر؟ كلهم أجابوا بــ ''نعم'' هذه رياضتنا وما أحاط بها. قلت: مادام المجلس مفتوحاً خذوا رأيي لدينا مَن يكلف ثم يتراجع، ويتحدث ثم ينكر ويكذب، ويقول أتجمل ويستغفل العاملين معه، وهو مكشوف، ويقول: حسن إدارة ويخفق فيرمي الخطأ على مساعديه، ويعلن عقوبة، ثم يعتذر لمَن عاقبه، قائلاً: نمتص غضب مَن أخطأنا بحقه؛ يعني نضحك عليه. قلت لهم: عبارتكم ''من فوق'' يردّدها هذا المسؤول مع أي وعد لا ينفذه وأمام أي خطأ يرتكبه حتى أصبح كل مَن يعمل معه يلقبونه بها.
هطرشة
- أتمنى ألا يكون مبرّر مَن أصدر قرار فيصل الشوشان عبارة ''من فوق''، فإن كان فعل ذلك، فأتمنى أن تتم مساءلة المسؤول ''من فوق''.
- أيهما أكثر اقناعاً الكلمة القوية أم الصوت العالي؟
ـ كل مَن يدخل مكتب المسؤول الإعلامي الرياضي الضعيف يأخذ ما يريده، لكن آخر ''الدالفين'' يكسب وينقض كل ما سبق!
ـ لا خوف على مَن يملك المهنية، ولا عزاء للجبناء.
خاتمة: حين يكون الصغير شجاعاً، يجب أن يكون الكبير حكيماً.