عن القوزي شيخ النحويين

... وما زال حديث ضحايا المرور مستمرا، وسوف نظل نتحدث عن هؤلاء الضحايا، أهلهم يبكون عليهم، والمرور يقدمهم في إحصائياته بوصفهم مجرد أرقام يومية تأتي من هنا وهناك: 5، 10، 1، 3، 7... أرقام صامتة، جامدة، بليدة، نتلقاها كإعلاميين، لنعيد قراءتها. لكن أحدا لا يستطيع أن يتخيل كل شخص راح ضحية حادث. هو ذاته عنوان، وهو قصة، وهو كون كامل، وهو فلذة كبد أب وأم، وقرة عين ابن وابنة وأخ وأخت.
الدكتور عوض القوزي عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الملك سعود، وعضو عدد من مجامع اللغة العربية في العالم العربي، واحد من ضحايا الإرهاب المروري.
لكن مصدر هذا الإرهاب، لم يكن في هذه المرة ناتجا عن رعونة سائق، بل عن لامبالاة مواطن أطلق إبله في الصحراء، فتحولت إلى أفخاخ للموت تنبت في طريقك فجأة، فتصطدم بها، لتتكرر تراجيديا الأرقام الجامدة حول ضحايا المرور.
وبالتأكيد، لن يلتفت أحد للمتسبب الحقيقي في هذه الجريمة. ولن يسأل أحد لماذا تغيب الرقابة عن هذه التجاوزات التي تحصد أرواحا بريئة.
الدكتور عوض القوزي شيخ النحويين، كتب عنه زميله الدكتور حمزة المزيني مقالة في "الشرق" إثر حصول الحادثة، كان المزيني وهو يكتب هذه الكلمات يأمل أن يفيق الدكتور القوزي من الكوما التي دخل فيها إثر الحادثة. كانت كتابة المزيني وذكرياته ودعواته مؤثرة. لكن قضاء الله حل، ورحل الرجل عن هذه الدنيا، تاركا سيرة ملأى بالعطاء العلمي للغة العربية وعلم العروض.
العزاء لأسرة الراحل وتلاميذه وأصدقائه ومحبيه. العزاء أيضا للوطن ولجامعة الملك سعود.
الدكتور عوض القوزي أضاف رقما جديدا للنزيف المستمر على امتداد الوطن.
أعود لأكرر: إن إرهاب المرور وضحاياه قضية وطنية من الدرجة الأولى، ولا يمكن التعامل معها بصمت. إنها تحتاج إلى ضغط من كل المهتمين بما في ذلك هيئة وجمعية حقوق الإنسان. استمرارنا في صدارة ضحايا الحوادث المرورية ليس مصدر فخر. إنه فضيحة وعار، علينا أن نتخلص منه.

المزيد من الرأي