كُتاب الرأي.. يكتبون شهادة ميلادهم

يوم أمس الأول كان من أيام الوطن المشهودة، حيث وُلدت إحدى مؤسسات المجتمع المدني بطريقة حضارية يتمنى كل مواطن مخلص أن تتم بمثلها حواراتنا وانتخاباتنا التي يصاحبها أحياناً تشنجٌ وشحناء لا مبرر لهما. ما حدث مساء الجمعة في مركز الملك فهد الثقافي أكد أن "كُتاب الرأي" على مستوى من الوعي بدورهم في المجتمع وأن الأنظار تتجه إليهم ليكونوا قدوة في موضوعيتهم ومهنية مناقشاتهم وطرح خلافاتهم بكل أريحية والوصول بها إلى نهاية تحفظ لكل منهم رأيه ومكانته. ولقد تجلى كل ذلك في الاجتماع الأول للجمعية السعودية لكُتاب الرأي، حيث ناقشنا واختلفنا واتفقنا وسجلت كل الملاحظات على أمل أن تعدل اللائحة الأساسية للجمعية بما يحقق القدر الأكبر من التوافق عليها في الجمعية العمومية المقبلة. وجاءت مرحلة انتخابات مجلس الإدارة، فإذا الشفافية والمهنية تتجليان مرة أخرى، حيث أعلنت محتويات كل بطاقة تصويت واسم الحاصل على كل صوت، وكان بإمكان أي حاضر أن يعد الأصوات بنفسه، كما استُبعدت بطاقة أو اثنتان لعدم وضوح التأشيرة ولأي اسم يتجه السهم. كل ذلك أمام الجميع ومن قِبل لجنة محايدة شارك فيها أحد الكُتاب غير المرشحين للمجلس ورئيس جمعية الناشرين. ومع أن هذه الإجراءات أخذت وقتاً أطول فقد انتظر الجميع دون ملل حتى أعلنت النتائج وبارك جميع من حضر لبعضهم وكأن جميع الكُتاب الحاضرين فازوا بعضوية المجلس. ولذا نطلب من جميع الكُتاب والكاتبات الأعضاء في الجمعية أن يعتبروا أنفسهم أعضاء في مجلس الإدارة وأن يزودونا بمقترحاتهم وآرائهم، وأن يشاركوا في فعاليات ونشاطات الجمعية التي ستحقق أهدافها كمظلة لكُتاب الرأي ما دام هؤلاء الكتاب بالقرب منها. أما إن ابتعدوا عنها فلن تستطيع مهما توافرت لها الإمكانات المادية أن تفعل شيئاً.
وأخيراً: أجدها مناسبة أن أستعيد سطوراً من مقالي المنشور في هذه الزاوية قبل نحو خمس سنوات، الذي اقترحت فيه لأول مرة قيام جمعية لكُتاب الرأي، حيث كتبت ما يلي: "كُتاب الرأي في مجالات الاقتصاد والسياسة وقضايا المجتمع الذين عُرفوا بطروحاتهم القيّمة والواضحة كثر في بلادنا، ويكفي عددهم لتأسيس جمعية مستقلة. فلماذا يلحقون بجمعيات أخرى؟ لماذا لا يكون للأدباء جمعيتهم التي يلقون فيها قصائدهم ورواياتهم وتكون للصحافيين هيئتهم، وللناشرين جمعيتهم، وتكون لكُتاب الرأي المهتمين بالشأن العام وبقضايا المجتمع جمعيتهم أيضاً؟".
والحمد لله تحقق ما نريد فشكراً لكل مَن رحّب بالفكرة ودعمها حتى ظهرت إلى حيز الوجود؛ وإن تأخرت قليلاً.
والخلاصة: إن كُتاب الرأي الذين حضروا اجتماع مساء الجمعة الماضي وبعضهم قد تجشم عناء السفر من مناطق أخرى يستحقون الشكر والتقدير، فلقد أثبتوا أن لديهم القدرة على صُنع مظلة تجمعهم وتقوي الصلات بينهم، وتعزّز المهنية لديهم وتعرّف بهم في الداخل والخارج. وهم بذلك كتبوا ليس شهادة ميلاد جمعيتهم فقط، وإنما شهادة ميلادهم كنخبة مهمة من نخب المجتمع المعترف بها والمعروف عنوانها الدائم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي