المهارات أولى من المعلومات في التعليم
من الملاحظ في كثير من إعلانات التوظيف اشتراط عديد من المؤسسات خبرة عمل قد تصل إلى خمس سنوات، ما قد يبدو لحديثي التخرج من الأمور المستحيل تحقيقها. يشعر بعض المهتمين بأمور التعليم العالي أن هذا الشرط يأتي بسبب بحث هذه المؤسسات عن مهارات وكفايات وقدرات لا تتوافر في حديثي التخرج من الجامعات. من هذه المهارات القدرة على التواصل والعمل الجماعي والمشاركة والتفكير المنطقي، ومعرفة مستجدات الأمور والقدرة على استيعابها والعمل بها. كما أن منها القدرة على التعلم والبحث والمناقشة وتقبل الرأي الآخر والإبداع والقيادة ومهارات اللغة والتسامح والمشاركة والتدبر والتقويم المؤسسي والتقويم الذاتي.
يرى أندرياس شلايشر أحد خبراء التقويم والتطوير في منظمة التعاون والتنمية الدولي أن تقوية الأنظمة التعليمية المعتمدة على المهارات ينعكس إيجابا على الاقتصاد والتنمية والتحضر الاجتماعي، ويمكن خريجي الجامعات من أداء دور فاعل في أماكن العمل التي يلتحقون بها وفي الحياة بشكل عام. ويعتقد شلايشر أن "المهارات والمعرفة هما عملة القرن الواحد والعشرين"، ويؤكد أهمية دعم وتقوية هذه المهارات في أماكن العمل عن طريق تطوير البلدان لمختلف مهارات الأفراد والقيام بتشجيع زيادة الطلب على المهارات في المؤسسات والاستخدام العملي الأمثل لها.
يوضح استعراض تقرير اللجنة الوطنية لاستقصاء التعليم العالي المعروف بتقرير اللورد ديرنج في التعليم العالي، وهي سلسلة من التقارير الرئيسة عن مستقبل التعليم العالي في المملكة المتحدة، عام 1997، أهمية تنمية المهارات لقطاع التعليم العالي. واعتبر التقرير أن مهارات الاتصال والحساب واستخدام تكنولوجيا المعلومات ومعرفة كيفية التعلم من الأمور الأساسية الواجب بناؤها في الطلاب. كما يؤكد أن هذه هي مفاتيح نجاح الخريجين بغض النظر عما يرغبون ممارسته في حياتهم المستقبلية. كما حث التقرير خريجي التعليم العالي على فهم كيفية التعلم وكيفية إدارة عملية التعلم الخاصة بهم والاعتراف بأن التعلم عملية مستمرة مدى الحياة.
يستحيل على الجامعات تلقين الطلبة كل المعلومات التي يحتاجون إليها في حياتهم العملية. وبالتالي، على الجامعات تزويد الطلبة بمهارات التعلم التي تساعدهم على عبور المرحلة الجامعية، ومهارات العمل التي تمكنهم من النجاح في حياتهم العملية. وعلى الجهات المعنية التركيز على التعليم الذي يدعم المهارات والتشديد على العلوم المعرفية والمهارات التقنية. حيث إن مهمة التعليم هي إعداد مواطنين ومواطنات قادرين على التعلم والتحليل والبحث ويتميزون بالتفكير والتحليل المنطقي الذي يساعدهم على العمل في البيئات المختلفة والتعامل مع جميع الأوضاع التي يمكن أن تواجههم. كما على الجهات المعنية التقويم الدوري لمراحل التعليم المختلفة، بهدف استشراف الاحتياجات وتطوير المناهج بما يتوافق مع هذه المتطلبات.