منهجية تطوير المحاسبة المالية
منذ تأسيس الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين تبنت منهجية لتطوير معايير المحاسبة المحلية وفق الآليات التي حددتها، وخلال الأعوام السابقة أصدرت الهيئة عدة معايير محاسبية، ووفقاً لما هو معمول به في الهيئة فإن معايير المحاسبة التي لم تشملها معايير المحاسبة المحلية يتم الرجوع فيها إلى معايير المحاسبة الدولية، وقد أبرز هذا الأمر وجهتي نظر لكل منهما مناصرون، وتتلخص وجهتا النظر في أن هناك فريقا من المنتسبين للهيئة يرى ضرورة المحافظة على معايير المحاسبة المحلية وتطويرها وإصدار المزيد منها لتغطي جميع التعاملات المالية بما يتوافق مع خصوصية وبيئة العمل السعودية، ويرى الفريق الآخر أن تبني المعايير الدولية هو الحل الأمثل والأكثر فائدة وملاءمة لضمان نمو المهنة وتطويرها بمشيئة الله تعالى؛ لكون ذلك الأمر يحقق ما اتجهت إليه العديد من الدول الرائدة في هذا المجال. وبعد عدة نقاشات ومداولات حول هذا الموضوع أعلنت الهيئة توجهاً واضحاً حددت فيه تبني معايير المحاسبة الدولية ضمن خطة زمنية محددة، وقد استقر الأمر على أن يتم التحول وتطبيق معايير المحاسبة الدولية على الشركات المساهمة العامة اعتباراً من عام 2017 ولجميع الشركات اعتباراً من 2018.
وكأحد المنتسبين إلى المهنة أرى أن هناك عدة إشكالات ستواجه عملية التحول، ولا يمكنني في هذه المقالة البسط في هذا الأمر بالقدر اللازم، وطرح جميع المشكلات المتوقعة، حيث إن المقام لا يتسع لذلك، وعلى الرغم من أن خطة التحول قد عرضتها الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، بصفتها الجهة التي تعنى بتطوير مهنة المحاسبة في السعودية، ولكن مسؤولية نجاح خطة التحول ليست مسؤولية الهيئة وحدها وإلا فإننا نحملها ما لا تطيق، لذا يجب أن تشمل عملية التحول رعاية ومساهمة جميع الجهات المرتبطة بمهنة المحاسبة، والأخرى المستفيدة من مخرجات المهنة. فعلى سبيل المثال هناك قطاعات حكومية كهيئة السوق المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي تعتبر جهات مرتبطة ومستفيدة من عملية التحول، وبالتالي يجب أن يكون لها دور رئيس في إنجاح هذا المشروع بمشيئة الله تعالى، ويأتي ذلك من خلال تطوير منسوبيها وعقد الندوات وورش العمل الخاصة والعامة لزيادة الوعي بأهمية هذا المشروع الاستراتيجي، وكذلك تأتي أهمية مشاركة القطاع الخاص بما فيه المحاسبون القانونيون الذي يتعين عليه أيضاً إعداد منسوبيه ورفع قدراتهم وإمكاناتهم وتأهيلهم بالقدر الكافي لمواجهة تحديات ومعوقات التحول.
فمثل هذا المشروع يجب أن تتم قيادته من خلال منظومة احترافية تعمل بروح الفريق الواحد، ويتم ذلك ضمن خطة تطويرية يراقب فيها الأداء عبر جدول زمني يبدأ من هذه اللحظة وينتهي بتحقيق أهداف المشروع واستمرارية العمل في خططه التطويرية لما بعد عملية التحول بمشيئة الله تعالى.
ويمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول التي أخذت هذا التوجه حتى يمكن نقل المعرفة مما يساعد على تخطي العقبات والتأكد من أن عملية التحول لمعايير المحاسبة من المحلية إلى الدولية تمت وفقاً لما هو مخطط له.