سعوديون بلا وطن!

.. ولأننا طوال 364 يوماً في السنة غضبنا منك حاد وعتابنا عليك قاس. لأننا نرفع صوتنا عالياً بحثاً عن مطالبنا وحقوقنا التي لم نرَ منها ما يكفينا أو يغنينا! فلا أقل من أن يكون لك يوم واحد في العام. إنه يوم في السنة، يا وطننا، لك أن تسأل: أين حقي عليكم؟ ما الذي قدمتموه لي طوال السنة؟ فاليوم كشف حساب بيننا جميعاً، حقوقي وحقوقكم، واجباتي وواجباتكم.
عفواً وطني.. حتى هذا اليوم، كعادتنا، لن نقبل بأن يكون لك كغيره من أيام العام وأسابيعه وشهوره. جميعها لنا وليس لك منها نصيب. لا نرى منك إلا عقوقاً وتقصيراً. ولا نجد من أنفسنا إلا كمالاً ووصولا. معادلتنا تصدر من طرف واحد. نَمُنُّ عليك بما نفعل وبما نقول وبما ننوي. ونستكثر عليك يوماً أن نستذكر خيرك علينا. يا للأسف تذكرت.. هناك من لا يرى في هذا الوطن خيرا أبدا. سمعتهم يقولون: وماذا استفدنا من أرضنا هذه؟!
أتذكر، يا وطني، ذلك الذي يحارب الفساد ليلاً ونهاراً، لكنه لا يوقف الفساد الصادر منه ومن أهله وأقربائه، أحقاً هو يحبك؟ أم الذي يرفع شعارات الإصلاح لك وبك وعليك، يريد إصلاح كل البلاد والعباد، فهل أصلح قبلاً ذاته وأسرته؟ أو ذاك الذي يدافع باستماتة عن جيراننا هنا وهناك، هل يذكرنا متى آخر مرة، مرة واحدة فقط، دافع عنك يا وطني؟ أو أولئك الذين يتعمدون الاستهزاء بك وكأنك أسوأ بلاد العالم، هل لك أن تذكرهم، على الأقل اليوم، أنك أفضل بلاد الدنيا؟!
لم تقل لنا يوما، يا وطني، إنك خال من العيوب، لم تصور لنا أنك جمهورية أفلاطون المثالية التي لم تأتِ إلا في الكتب. أرضك فيها من المزايا والعيوب ما نعلمه جيداً. نقدك واجب، وإظهار سلبياتك مطلب، طلبت أن تكون تاجا على رؤوسنا لا نستبدلك بكنوز الدنيا، ولا نقبل من يشاركنا فيك، فهل فعلنا؟! أتدري يا وطني لم نعد نقول للمحسن أحسنت، إلى أن سقطت هذه العبارة من قاموسنا، وأصبحت عبئاً على صاحبها، وغدا من يظهر الشكر والتقدير نادرا بين غالبية تبحث عن السواد ولا ترى البياض، أتعلم لماذا؟ لأنها أصبحت ثقيلة علينا لا نطيق حتى ذكرها. ها هو ولي العهد يذكر أبناء الوطن جميعاً وهو يقول لهم: ''التركيز على النقائص والعيوب بوجه يفوق المحاسن والمزايا مهما عظمت أمر معتاد، لكن يجب ألا يسيطر هذا الشعور المحبط فيمنعنا من العمل والإنتاج، والدولة تجتهد دون كلل في تحقيق رفاهية المواطنين وتتلمس مواطن القصور في قضايا الإسكان وتوفير فرص العمل والرعاية الصحية وجودة التعليم وكفاءة عمل الأجهزة الخدمية فلنمنحها الوقت والفرصة، ولنعِنها على التطوير بالنقد القويم وبالمشورة والرأي لا بالهجوم الهادم، وليكن معيارنا أداء المؤسسة وإنتاجها لا الأشخاص والأسماء، فهذا ليس من خلقنا ولا من تعاليم ديننا''.
اعذرنا يا وطني، حتى المدافعون عنك أصبحوا يتوارون خشية من خصومك. سامحنا يا وطني، فكلفة الهجوم عليك أقل بكثير من الدفاع عنك، اصفح عنا يا وطني، فلأنك قريب جداً أصبحنا لا نراك كما يفعل البعيدون عنا آلاف الأميال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي