نحو ضوابط مجتمعية لعمل المرأة
تابع الجميع من مقيمين ومواطنين تطور المملكة السريع في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية، ولمس العديد دور كثير من الجهات المسؤولة في الدولة في العمل على توفير أفضل الفرص المعيشية والوظيفية للناس. ودخلت المرأة في الفترة الأخيرة سوق العمل من خلال عديد من الأنشطة التجارية والاقتصادية، وانخفضت نسبة البطالة ولاحظنا زيادة التحاق النساء العاملات بالمحال التجارية بشكل سريع ومشجع. على الرغم مما سبق، ما زلنا نرى تفاوتا في تقبل الناس عمل المرأة، وظهرت ردود الأفعال المتأثر بعضها برواسب التقاليد والممارسات الاجتماعية.
يلاحظ المتابعون لهذا الشأن تعدد آراء الناس، حتى بعض المؤيدين منهم لعمل المرأة، في التشجيع على بقاء المرأة في بيتها للعناية بأبنائها وتربيتهم، وألا تشارك المرأة بالعمل إلا لو اقتضت الحاجة الشديدة ذلك، بل اقترح جزء منهم منع المتزوجات من العمل بسبب توافر الزوج المعيل لها. من جهة أخرى، يدافع آخرون، بصعوبة معرفة مدى حاجة بعض الأسر إلى المال، حتى في حال عمل الزوج فإن متطلبات الحياة قد تقتضي عمل كلا الزوجين لتغطية تكاليف معيشتهما وتوفير ما يلزم لمتطلباتهما المستقبلية مثل شراء منزل أو سداد الديون وغيرها. إضافة إلى ذلك، قد لا يسهم بعض الرجال في كثير من مصروفات أسرهم، أو لا يسهم بعضهم البتة. كما طالب بعض الكتاب بأحقية راتب شهري لربات المنازل مقابل التفرغ لتربية الأبناء.
لا مانع من إبداء وجهات النظر ودعمها بالأدلة والبراهين الشرعية والتاريخية والاجتماعية والمبررات الاقتصادية. مع ذلك، يجب عدم قبول الآراء غير السوية التي تسعى لفرض آرائها الشخصية بالقوة مثل الدعوة لمضايقة العاملات لترك العمل بأي طريقة كانت، كالتقليل من قيمتهن أو معاكستهن أو عدم العدالة في معاملتهن. كما لا يمكن إنكار الإحصائيات الدولية في البلدان التي تعمل فيها المرأة، التي يتبين فيها تفوق الوضع الاقتصادي وتحسن المستوى الاجتماعي وازدياد دخل الفرد.
نرى المرأة السعودية في عديد من المجالات، وشهد عديد منا تميزها في الأقسام الإدارية في المؤسسات الحكومية، كما أبدعت في التعليم، كما في الطب والإعلام والبحث العلمي، والعمل التجاري وغيرها. لذا، لا يتعارض عمل المرأة مع الالتزام بالشريعة والانضباط والحشمة، بل إن عملها حق طبيعي وخدمة وطنية واجتماعية تسهم في رفع اقتصاد الوطن. كما أن الانشغال بالاعتراض والانتقاد ليس بأهمية طرح المشاريع الجديدة أو البحث عن حلول أو بدائل.
أتمنى من المعنيين بعمل المرأة، من كلا الجانبين، التركيز على إيجاد البدائل واقتراح المبادرات وتعزيز الممارسات الحالية، وأتمنى على الجامعات إنشاء مراكز متخصصة بدراسات المرأة في المجتمع السعودي أسوة بالمراكز المنتشرة في أنحاء العالم. هذه المراكز تعمل على توفير البيانات وإجراء الدراسات والمقارنات الدولية واقتراح الضوابط والقوانين وتحليل المشكلات والصعوبات واقتراح الحلول والضوابط والقوانين الحاكمة لعمل المرأة.