السحابة .. المستودع الإلكتروني لسوق الـ 25 مليار دولار

السحابة .. المستودع الإلكتروني لسوق الـ 25 مليار دولار

لم يكن هناك كثير من الناس الذين تنبأوا بأن يصبح التخزين على شبكة الإنترنت مثيراً أصلاً، ولم يكن منهم حتى مؤسس موقع دْروب بوكس Dropbox.
وعندما يتحدث إلى بعض ملايين من الناس الذين يعتمدون على خدمة السحابة الإلكترونية التي أنشأها قبل خمس سنوات، يعترف درو هيوستن بأنه تفاجأ عندما استمر ظهور كلمة معينة مكونة من أربعة أحرف: Love (الحب). ''إنه التخزين في السحابة (...) أشعر بالاستثارة لهذا، لكني لم أكن أتوقع أن يتحمس أيضاً أشخاص آخرون''. هذا ما قاله الرئيس التنفيذي في دْروب بوكس للمطورين في مؤتمر DBX الافتتاحي للشركة في سان فرانسيسكو أخيرا.
ونجاحه يأتي من كلمة أخرى تتألف من أربعة أحرف مختلفة يمكن سماعها في كثير من الأحيان (يقصد بها كلمة ''لعنة'') حين يحاول كثير من الناس إبقاء ملفاتهم ومجلداتهم محدثة بين أجهزة الكمبيوتر في العمل والمنزل والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية. وقام مئات الملايين من الناس بالتسجيل إلى الخدمات التي تقوم، ومن دون لفت للأنظار، بمزامنة وتنسيق الوثائق والصور والموسيقى بين الأجهزة.
وكان دْروب بوكس أول ما عمل على إتقان هذا المنتج للمستهلكين وجنى فوائد ذلك - قفزت أعداد المستخدمين من خمسة ملايين عام 2010 إلى 25 مليونا عام 2011، ثم إلى 100 مليون العام الماضي و175 مليون شخص اليوم.
وقبل عامين واجهت الشركة منافسة جدية محدودة تمثلت في خدمة ''موبايل مي'' من أبل، وتخلت جوجل فيما يبدو عن محاولة أشيع عنها طويلاً لإنشاء مشغل جي درايف GDrive الخاص بها.
لكن الآن دْروب بوكس يواجه منافسة على عدة جبهات بعد أن تبنى مزيد من المستهلكين الخدمات السحابية لتخزين الموسيقى والصور. ووجدت دراسة أمريكية أجرتها مؤسسة فورستر للأبحاث أواخر العام الماضي أن 14 في المائة من البالغين المستخدمين لشبكة الإنترنت استخدموا خدمات النسخ الاحتياطية أو التخزين مع دْروب بوكس، الأكثر شعبية، التي ادعت أنها تستحوذ على ما يزيد على ربع السوق، تليها آي كلاود iCloud السحابة الإلكترونية الخاصة بأبل.
وبعد بداية مضطربة، تمكنت iCloud من جذب 300 مليون مستخدم، وذلك بفضل تشجيع الزبائن على التسجيل عندما يقومون بشراء آيفون أو آيباد. وأخيراً أطلقت جوجل GDrive في العام الماضي، مقدمة مقداراً سخياً من سعة التخزين المجانية أكثر من دْروب بوكس، وفعل الشيء نفسه موقع سكاي درايف SkyDrive الخاص بمايكروسوفت، الذي يضم أكثر من 200 مليون مستخدم. وموقع ميجا، خليفة كيم دوت كوم في موقع ميجا أبلود Megaupload المغلق والمثير للجدل، يدعي أن لديه أكثر من ثلاثة ملايين مستخدم بعد أشهر فقط من إطلاقه هذا العام.
وفي الوقت الذي بدأ فيه العديد من المستهلكين في استخدام هذه التطبيقات في العمل والمنزل، نمت أيضاً سوق التخزين السحابي للشركات. وتتنافس شركات من قبيل بوكس وهادل أيضاً على العملاء، مع الادعاء بتقديم أفضل برامج الأمن ووضع المزيد من الضوابط لمديري تكنولوجيا المعلومات.
ويقول ألاستر ميتشل، الرئيس التنفيذي لهادل: ''نحن نتوقع أن نسجل هذا العام نمواً يزيد على 100 في المائة. إنه فضاء يشهد نمواً سريعاً''.
وبحسب ميتشل، ضمن الخدمات السحابية للشركات، انتقل إلى السحابة نحو 1-2 في المائة فقط من سوق البرمجيات المقدر بـ 25 مليار دولار، ما يعطي مجالا كبيرا للنمو.
وازدهر دْروب بوكس في هذا المجال التنافسي، مدعياً أن عدد العملاء لديه من الشركات يفوق ما لدى المواقع المتخصصة مثل هادل أو بوكس. ومع ذلك لا يزال الموقع يعاني من السؤال الذي طرحه ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي الراحل لأبل ـ الذي قيل إنه أراد شراء الشركة عام 2009 ـ على هيوستن: هل هي ميزة أم منتج؟
وبالنسبة لأبل، وجوجل، ومايكروسوفت تعتبر سحابة التخزين مجرد ميزة تنتمي إلى مجموعة أكبر من المنتجات، مع تكلفتها التي غالباً ما يتم تضمينها في سعر الجهاز. وينطبق الشيء نفسه على شركة هادل التي أضافت التخزين السحابي لأدواتها التعاونية عبر شبكة الإنترنت لفرق العمل والشركاء.
ورداً على ذلك، أنشأت دْروب بوكس من الخدمات ما يجعلها أكثر من مجرد مستودع للملفات. فقد قيل إنها دفعت 100 مليون دولار في آذار (مارس) لشراء ميل بوكس، وهو أحد تطبيقات البريد الإلكتروني التي أطلقت قبل ذلك بشهر واحد فقط وحظيت بمراجعات نقدية رائعة من المختصين في تكنولوجيا المعلومات، وتقدم مشغل وسائط بسيطاً وبرنامجاً لعرض الصور في الهواتف النقالة.
ويمكن أن يكون التطور الأكثر أهمية هو محاولة دْروب بوكس أن تضمن أنها لا تزال تعتبر ميزة - كجزء لا يتجزأ من عدد كبير من التطبيقات الأخرى التي تقوم بها الشركات التي لا تستطيع بناء سحابة متزامنة خاصة بها، أو البنى التحتية للتخزين.
ويقول ميتشل، من هادل التي لديها أعداد من المستخدمين في أكثر من 100 ألف منظمة في جميع أنحاء العالم: ''ليس هناك الكثير من الولاء'' بين الخدمات السحابية. لكن ''يستخدم الكثير من الناس جميع هذه الخدمات، وكلها متشابهة على نطاق واسع''.
مع ذلك يظل فرانك جيليت، وهو محلل فورستر للأبحاث، متفائلا بشأن آفاق دْروب بوكس لاستمالة المطورين، مستشهداً بنموها السريع وأدواتها التي تعتبر سهلة الاستخدام للمطورين.
ويقول: ''إن هذا الاقتران يجعل دْروب بوكس شركة ينبغي مراقبتها وشركة يمكن أن تحدث الاضطراب في السوق''.
ويمكن أن تكون دْروب بوكس حاملة لواء مجموعة من الخدمات السحابية عبر منصات مختلفة تروق للأشخاص الذين قد يستخدمون جهاز كمبيوتر ويندوز في العمل، ونظام أندرويد لتشغيل الهواتف الذكية، وجهاز آيباد في المنزل.
وجاءت رمية هيوستن الكبرى للمطورين قبل أيام فقط من تسليط أضواء إعادة تنظيم مايكروسوفت الشهر الماضي على أحد الضحايا المحتملين من تلك الاستراتيجية.
ويقول جيليت إن قرار مايكروسوفت تأجيل إضافة تطبيق أوفس للآيباد والآيفون الخاص ترك فجوة بالنسبة للعديد من الشركات الناشئة في هذا الجيل الجديد من الأجهزة – وهو أمر يأمل المساهمون في دْروب بوكس أن يكون بمقدورهم الاستفادة منه في التوسع لتصبح قيمة الشركة مقدرة بمليارات الدولارات.
وتدعي بوكس بالفعل أن لها 25 ألف مطور و600 تطبيق تم إنشاؤها من فوق، لكنها تتخذ موقفاً أقل نزوعاً للقتال. ويقول آرون ليفي، الرئيس التنفيذي، إنه يأمل من الشراكة مع مايكروسوفت في تطبيق الأوفيس، وكذلك التنافس مع بعض من منتجاتها.
لكن حتى في الوقت الذي تُصعِّد فيه دْروب بوكس من جهودها لدى الشركات، منتعشة بفعل نجاحها في السوق الاستهلاكية، يعتقد ليفي أن التخزين السحابي لن يكون سوقاً يفوز فيها المنتصر بجميع الغنائم.
ويقول: ''في حين أن هناك مفعولاً قوياً للشبكات ضمن الشركات (وشركائها)، إلا أن مفعول الشبكات وآثارها ليست على المستوى نفسه من القوة مثل فيسبوك أو سكايب، مثلاً، حيث يجب أن يكون الجميع على المنصة نفسها''.
ويضيف: ''في السحابة، سنعتاد على أن يكون للفرد حساب شخصي على دْروب بوكس واستخدام مصرَّح به من الشركات للدخول إلى بوكس''.

الأكثر قراءة