يجسد مشروع ''الحي التراثي'' في المدينة المنورة تجسيد الهوية الدينية الحضارية والتراثية والثقافية والاجتماعية للمدينة المنورة.. مهاجر المصطفى الكريم – عليه الصلاة والسلام ـ ومأزر الإيمان .. ومهوى أفئدة المسلمين. وذلك من خلال تطوير حي نموذجي يحاكي ما كان عليه الحال في المدينة المنورة قبل أكثر من نصف قرن، إضافة إلى إيجاد نموذج محاكاة ثلاثي الأبعاد لنماذج مختارة من النسيج العمراني للمدينة المنورة. والتي تضم قبل تطويرها النسيج العمراني القديم للمدينة المنورة أحياؤها القديمة وأحواشها، وبيوتها، ورواشينها، وهندسة بنائها التقليدي.. مما من شأنه أن يسهم في تعزيز مفهوم الانتماء الثقافي للهوية العمرانية التي تميزت بها المدينة المنورة.
مع عدم إغفال تحليل الفكر التخطيطي العمراني والمعماري للنسيج العمراني للمدينة المنورة واستخراج نماذج من العناصر الأساسية المؤثرة في تكوينه لاستخدامها في المشروع، بالإضافة إلى إعادة صياغة العناصر العمرانية والمعمارية بمنظومة تصميمية تناسب النسق القديم في ظروف الموقع الجديد مع المحافظة على استخدام المفردات الأساسية في هندسة البناء البيئية التقليدية.
وقد تم وضع نواة مميزة للحي التراثي في المدينة المنورة، الذي يستلهم هويته من التاريخ العمراني والمعماري العريق للمدينة المنورة، وذلك من خلال نماذج من العناصر والمفردات التي تميزت بها المدينة المنورة عبر التاريخ لتكون مرجعا تراثيا وحضاريا شاخصا للعيان يستمد منه المجتمع بمختلف أنواعه وأنماطه المختلفة.
يشار إلى أن الحي التراثي يجمع في تفاصيله عبق الماضي وأصالته وأسسه المرجعية، فيما يهدف مشروع الحي التراثي المديني إلى إحياء روح المدينة المنورة القديمة بإعادة صياغة المفردات المعمارية والأماكن الحضرية والترابط بين مكونات العناصر، وكذلك إيجاد أجواء مدينية قديمة من خلال التذكير بطرق التجارة القديمة وتوفير غرف فندقية وشقق تخدم الزوار، كما يهدف هذا المشروع إلى إيجاد نموذج محاكاة ثلاثي الأبعاد لنماذج مختارة من النسيج العمراني للمدينة المنورة، وقد انطلقت الخطة الأولى لهذا المشروع لتنفيذ الفكرة بمخاطبة المهتمين من الشركاء الفاعلين لبناء فريق العمل، الذي سيتولى وضع الفكرة في حيز التنفيذ، حيث تم تحديد الموقع المقترح، ووفقا للمختصين، فإن فكرة التصميم تحتوي على إنشاء مساجد ومراكز إسلامية، 2000 غرفة فندقية، شقق سكنية، مطاعم ومقاه، مسارح ومعارض، متاحف وبانورما، مراكز للتسوق، قاعات احتفالات، قاعات متعددة الأغراض، مكتبة ومركز للتدريب، محال تجارية، وورش حرفية.
ومخطط هذا المشروع الذي جرى تحديد موقعه في حديقة الملك فهد المركزية بمساحة تزيد على 120 ألف متر مربع قابلة للتمدد حسب الاحتياج، يرتكز على عدة عناصر مقترحة أهمها، القصبة الأساسية (شارع العينية)، وفراغات الأحوشة المختلفة، والممرات الضيقة متعددة العروض، والمسطحات النخلية (البساتين والحدائق)، والبرك وسواقي المياه وتشمل السواقي والآبار ومضخات المياه ذات الصوت المعروف.
ويعبر مشروع الحي التراثي المديني في حديقة الملك فهد المركزية في المدينة المنورة أحد أوجه الفكر المستنير للأمير فيصل بن سلمان، وتوجيهاته المبنية على رؤية استراتيجية للمحافظة على التراث العمراني وتأصيل الهوية العمرانية التراثية للمدينة المنورة.
وذلك تكريسا لاهتمام الحكومة السعودية بالمدينة المنورة، التي شهدت الكثير من الإنجازات الحضارية والتنموية، وفي مقدمتها عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف ومشروع تطوير المنطقة المركزية المحيطة به.
ووفقا للدكتور خالد بن عبدالقادر طاهر أمين المدينة المنورة، فإن هذا المشروع يعد نواة لمنظومة تراثية متكاملة ستنتشر في أرجاء المدينة المنورة وفي مواقع مختلفة ذات وظائف متنوعة، ويتم تخطيطها وتنفيذها من خلال شراكة استراتيجية بين الأمانة والقطاع الخاص.
لقد أتت فكرة إنشاء الحي التراثي انطلاقًا من توجيهات الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة.. برؤية فكرية أصيلة ومبنية على وضع نواة مميزة للحي التراثي للمدينة المنورة، الذي يستلهم هويته من التاريخ العمراني والمعماري العريق للمدينة المنورة من خلال نموذج لحي تراثي .. عناصره ومفرداته ملتزمه بالسمات القديمة والملامح العمرانية التقليدية والتفاصيل التراثية بكل مفرداتها الدقيقة، التي لا تزال راسخة في أذهان القدماء وكبار السن ممن عاشوا وتفاعلوا في هذه المنظومة قبل نصف قرن، ليكون مرجعًا للمختصين والمهتمين بالعمارة التقليدية والثقافة الاجتماعية المدنية، ليقدموا أفكارًا تنبثق عن أصالة الماضي بما يناسب المعطيات التنموية في الوقت الراهن، التي تنطلق بنفس المفاهيم والثوابت نحو المستقبل.
وكان الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة قد افتتح مشروع الحي التراثي المديني في حديقة الملك فهد المركزية في المدينة المنورة أخيرا بحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال.
