Author

كيفية التعامل مع حقوق الأولوية المتداولة

|
مختص بالأسواق المالية والاقتصاد
أعلن رسمياً البدء في تداول حقوق الأولوية مع أي عملية قادمة لزيادة رأس المال بطريقة أسهم حقوق الأولوية، التي ستكون من نصيب شركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة ''مسك''، حيث سيبدأ الاكتتاب فيها من تاريخ 21/8/2013. سبق أن تطرقت لقضية حقوق الأولوية في عدد من المقالات، بعضها هنا في هذه الصحيفة، إلا أنني هنا أتطرق بإيجاز لفكرة حقوق الأولوية المتداولة كونها أدوات مالية جديدة على المتعاملين في السوق السعودي، والتركيز هنا على كيفية التعامل معها والاستفادة منها سواء من قبل من لهم أحقية الاكتتاب أو غيرهم من المتعاملين. تأتي هذه الآلية الجديدة لتلافي الخلل في الآلية السابقة التي كانت تؤدي إلى خسائر مالية لمن لا يكتتب في الأسهم المستحقة له، إما بسبب عدم توافر السيولة لديه وإما لعدم علمه بوجود الأحقية أو لأي سبب آخر. كما أن من يرغب في الاكتتاب لم يكن يستطيع الاكتتاب بأكثر من حصته المحددة، إلا من خلال محاولة طلب أسهم إضافية بسعر أعلى من سعر الطرح، وغالباً لا يحصل على ما يريد من أسهم إضافية. لذا جاءت الآلية الجديدة لتعالج جوانب القصور هذه، إضافة إلى حل مشكلة نقص قيمة محفظة المستثمر في اليوم التالي لعقد اجتماع الجمعية العامة غير العادية، لتصبح الآن قيمة المال المستثمر سليمة في كل الأوقات. الذي سيحصل الآن هو أنه بعد موافقة الجمعية العامة على زيادة رأس المال، سيجد المستثمر أن في محفظته جميع الأسهم التي يملكها في الشركة إضافة إلى عدد من الحقوق تظهر كأسهم عادية برمز معين ويكون عددها مساوٍ لعدد الأسهم التي يحق له الاكتتاب فيها. فلو أن شركة رأس مالها 400 مليون ريال طرحت أسهم حقوق أولوية لجمع 200 مليون ريال، فسيكون لكل مالك الحق في الاكتتاب بسهم واحد مقابل كل سهمين مملوكة. هنا يجد الشخص المالك لعدد ألف سهم أن لديه في محفظته في اليوم التالي لانعقاد الجمعية عدد الأسهم ذاته إضافة لعدد 500 حق، تكون قيمتها الافتراضية مساوية للمبلغ الناقص من المحفظة. هنا تظهر أهمية القيمة الافتراضية (التي أسمتها ''تداول'' القيمة الإرشادية) للحق الواحد، التي هي عبارة عن الفرق بين سعر السهم في أي وقت من الأوقات وسعر الطرح، ولا تساوي بالضرورة السعر السوقي للحق، الذي بدوره يتحدد من خلال قوى العرض والطلب. فلو كان سعر السهم 25 ريالاً وسعر الاكتتاب عشرة ريالات، تكون القيمة الإرشادية 15 ريالا، وهي القيمة التي تجعل من يشتري الحق بسعر 15 ريالا ثم يكتتب بسعر عشرة ريالات، تكون تكلفة تملكه للسهم 25 ريالاً، أي مساوية لسعر السهم في السوق. في المرحلة الأولى للتداول والاكتتاب، يستطيع المتداول بيع ما لديه من حقوق - أو أي جزء منها - وذلك بطريقة التداول العادية، حيث سيجد أن هناك طلبات وعروضا لهذه الحقوق بكميات معينة للطلب والعرض. كما أن بإمكانه شراء مزيد من هذه الحقوق إن كان يرغب في تملك مزيد من أسهم الشركة. إضافة إلى ذلك، خلال هذه المرحلة التي تستمر لمدة عشرة أيام، يستطيع الشخص المستحق للاكتتاب البدء بالاكتتاب بالطريقة المعتادة أو الانتظار حتى المرحلة الثانية من الاكتتاب، التي تستمر لمدة ثلاثة أيام بعد انتهاء المرحلة الأولى. وعلى ما يبدو أنه بالإمكان الاكتتاب عدة مرات طالما كان لدى الشخص حقوق أولوية في حسابه، أي أن هذا الاكتتاب ليس مثل الاكتتاب الأولي الذي يمنع الاكتتاب أكثر من مرة للشخص الواحد. أما في حالة عدم اكتتاب من يملك حقوق اكتتاب في كلتا المرحلتين الأولى والثانية، فمصيره يظل أفضل بكثير مما كان عليه سابقاً، وذلك لكون آلية التعويض لمن لم يكتتب أفضل بكثير من السابق. فيما يلي نتطرق لأربعة أنواع من المتعاملين في حقوق الأولوية لمساعدة القارئ في اختيار الطريقة المناسبة له. النوع الأول هو المستثمر الذي لا يرغب في تغيير طريقته المعتادة في الاكتتاب بحقوق الأولوية، فهو لن يلاحظ أي اختلاف عن السابق، حيث يقوم قبل انتهاء فترة الاكتتاب بتعبئة طلب الاكتتاب - غالباً إلكترونياً - ويترك الحقوق التي في محفظته بشأنها. ولو أنه قام ببيع ما لديه من حقوق بعد أن اكتتب بها، فيعتبر اكتتابه ملغى، وتعاد إليه قيمة الاكتتاب. هنا بالمناسبة ثغرة في هذه الآلية وهي استغلال البعض هذا الجانب من التنظيم في التراجع عن الاكتتاب في وقت لاحق! النوع الثاني هو المستثمر الذي يرغب في التخلص من حقوق الأولوية التي لديه لعدم رغبته في الاكتتاب، فيقوم ببيع ما في حسابه من حقوق ويحصل على قيمتها مباشرة وتعود قيمة محفظته لما كانت عليه قبل اجتماع الجمعية، وهذه من أهم ميزات الآلية الجديدة. النوع الثالث هو متعامل جديد لديه الرغبة في تملك أسهم الشركة، فيكون لديه طريقتان للقيام بذلك: (1) شراء الأسهم مباشرة من السوق كالمعتاد، أو (2) شراء حقوق الأولوية خلال المرحلة الأولى ومن ثم القيام بالاكتتاب خلال المرحلة الثانية. الاختيار بين الطريقتين يعتمد على عدة عوامل، منها السعر السوقي للحق واختلاف درجة المخاطرة بين الطريقتين، حيث إن هناك فارقا كبيرا بين أن يدفع الشخص كامل المبلغ الآن أو الاحتفاظ بالمبلغ إلى وقت لاحق مع ضمان شراء السهم بسعر ثابت. النوع الرابع هو المضارب الذي لديه الرغبة والمقدرة على تحمل مخاطرة عالية مقابل تحقيق ربح عالٍ، فيقوم بتداول حقوق الأولوية تماماً كالأسهم، عدا فارق واحد كبير، وهو ما يمكن تسميته ''قوة الحق''. قوة الحق هي الرافعة المالية الخاصة بالحق وتحسب بقسمة سعر السهم على سعر الحق. في المثال السابق، نجد أن قوة الحق تساوي 2 (20 ريالا سعر السهم تقسيم 10 ريالات سعر الحق)، وهي تعني أنه لو ارتفع سعر السهم بنسبة 30 في المائة، فإن سعر الحق سيرتفع بضعف ذلك، أي بنسبة 60 في المائة. وبالمقابل - وهنا مكمن المخاطرة - ينخفض سعر الحق بنسبة 60 في المائة لو أن سعر السهم انخفض بنسبة 30 في المائة. إذاً، قوة الحق تزداد عندما يكون سعر الحق متدنيا مقارنة بسعر السهم، بمعنى آخر، كل ما ارتفع سعر الطرح، انخفض سعر الحق، وبالتالي زادت قوة الحق. في المثال السابق، لو أن سعر الطرح بدلاً من عشرة ريالات كان 18 ريالا، لأصبح سعر الحق ريالين فقط، وأصبحت قوة الحق عشرة أضعاف، فيكون مقابل ارتفاع السهم بنسبة 5 في المائة يرتفع سعر الحق 50 في المائة! بقي أن أشير إلى أن قوة الحق ليست ثابتة، والسبب يعود إلى تغير كل من سعر السهم وسعر الحق بشكل غير متطابق، بالرغم من ارتباط سعر الحق بسعر السهم. لا شك أن هناك جوانب أخرى عديدة ومهمة لآلية حقوق الأولوية لم يتسع المكان للإسهاب فيها هنا، وهناك استراتيجيات عديدة يمكن من خلالها توظيف حقوق الأولوية في المضاربة والتحوط وانتقاء الوقت المناسب لتملك السهم.
إنشرها