الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 14 ديسمبر 2025 | 23 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.5
(-0.58%) -0.05
مجموعة تداول السعودية القابضة153.7
(-3.88%) -6.20
الشركة التعاونية للتأمين121.9
(-0.89%) -1.10
شركة الخدمات التجارية العربية126.8
(-0.39%) -0.50
شركة دراية المالية5.35
(0.19%) 0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب32.2
(-4.73%) -1.60
البنك العربي الوطني21.8
(-3.54%) -0.80
شركة موبي الصناعية11.3
(3.67%) 0.40
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.82
(-5.75%) -1.88
شركة إتحاد مصانع الأسلاك20.91
(-3.46%) -0.75
بنك البلاد25
(-3.47%) -0.90
شركة أملاك العالمية للتمويل11.29
(-0.27%) -0.03
شركة المنجم للأغذية53.15
(-1.21%) -0.65
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.86
(1.37%) 0.16
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54
(-1.19%) -0.65
شركة سابك للمغذيات الزراعية115
(-0.95%) -1.10
شركة الحمادي القابضة28.46
(-1.11%) -0.32
شركة الوطنية للتأمين13.3
(1.92%) 0.25
أرامكو السعودية23.89
(-0.04%) -0.01
شركة الأميانت العربية السعودية16.65
(-2.80%) -0.48
البنك الأهلي السعودي37.58
(-1.78%) -0.68
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات29.34
(-1.41%) -0.42

أحياناً يقودني العَبَثُ في جوَّالي للولوج إلى سجلّ الأسماﺀ ، فأتجوّل بينها و كأنني في حديقةٍ غَنَّاﺀ مكتظَّةٌ بالزهور ، فأقفُ عند اسم هذا و أشتَمُّ عبير خُلُقَه الزكيّ فابتسم ، و أقفُ عند اسم ذاك فيفوح عبَق خفّة ظلّه و مقالبه الكوميديَّة و أضحكُ حدَّ القهقهة ، و أمرقُ عند اسم شخصٍ فأنظر للسماﺀ كي ارسم جمال روحه بين غيومها ، و أمرقُ عند اسم آخرٍ فيَعمّ شذى مبادراته و مواقفه الأرجاﺀ ، و في هذه الأثناﺀ ، تزهو الإبتسامة ، و يتطاير رَذاذ الحُبُور ، إلى أن يصدح الألم بصوته ، و يفرضُ قَسراً كلمته ، فيُبَدِّد ما سواه ، فعندما تقع عيناي على اسم شخصٍ قد فارق الحياة ، أقف متسمّراً إزاﺀ اسمه ، و احتار في (كيفية) طَرق أبواب التعبير ، و (آلية) اطلاق هَباء الأحاسيس . هل أتذكّره في حياته أم أتذكّره بعد مماته ؟!.. هل أتذكّره بإبتسامة أم بندامة ؟!.. و وَقعُ الألم يكون أكبر ، و النزف أغزَر عندما أتصفَّح رسائله النَصيَّة المُِختبئة في أروقة جوّالي ، فحتماً ستعمل هذه الرسائل عمل المِبْضَع مع الجراح ، فكيف لي أن أكون و أنا أقرأ رسالةً وصلتني منه في أحد الأعياد و هو يقول لي فيها : " كل عامٍ و أنتَ بخير يا صديقي" ، و يجتاحني شعورٌ موجعٌ لا ترياق له بأنني لست قادراً على أن أردّ له ذات العبارة في أي عيدٍ قادم ، فأتأمّل الإسم بإستفاضة ، و تأخذني الذكريات بعيداً ، بعيداً جداً ، فأصلُ لنقطة اللقاﺀ الأول ، مروراً بمحطات العلاقة كلها ، و ما تخللها من مواقف و لحظات جميلة و ممتعة ، أو مُرَّة و مرعبة ، كلها اتَّسَمَت بالخلود ، و أصل بذاكرتي لآخر لقاﺀ أو آخر اتصال ، و أرسم الملامح أو أعيد الإستماع لنبرة الصوت ، و كأنني أهيﺀ نفسي مُجدّّداً لما سأصل إليه ، أو ما سيصلني إن صحَّ التعبير ، إلى أن أصل بمخيّلتي للحظة تلقيَّ نبأ رحيل صاحب هذا الإسم من عالمنا ، فأشعر أنني وقعتُ في بئرٍ عميقٍ لا قرار له . و بعد الإستيعاب مُجدَّداً ، أسأل نفسي بحِيرة :

بما أن صاحب هذا الرقم قد رحل ، فما فائدة إبقائي على رقمه في جوالي ، و لِمَ لَمْ أجعل رقمه يرحل برحيل صاحبه ؟!.. لِمَ تأجيج الوجع كلما عبرتُ بجانب اسمه ، و تصفّحتُ رسائله و تلمَّستُ مضامينها ؟!. ثم أراجع نفسي و أقول : إذا كان صاحب هذا الرقم قد رحل من العالم العام ، فلِمَ أجعل رقمه و رسائله ترحل من عالمي الخاص ؟! و إذا كنتُ لا أمتلك ذكرى واضحة منه أستطيع أن أحملها معي في كل الأرجاﺀ سوى رقمه و بقايا رسائله النصيّة فمن الأولى أن أحافظ عليها حتى بعد رحيله ، فهي غالية في معناها و أوقاتها في حياة صاحبها ، فضلاً عن قيمتها و معناها بعد رحيله ، و التي تضاعفت و لاشك ! ! . و إن كانَ قد رحل بجسده ، فلنجعل عبقه و ذكرياته تحفّ بنا مهما تضائلت ، و لنجعل رقمه و رسائله التي كانت تحمل صدق مشاعره تسكن في جوالاتنا للأبد ، فلطالما اتصلنا به على هذا الرقم و اتصل بنا من خلاله ، و كان باعثاً مشتركاً للأصوات المحفوفة بالمشاعر و المصحوبة بالضحكات و المغلّّفة بالأخبار و المستجدات ، و تلقينا من هذا الرقم الرسائل النصيّة المطرّزة بالتهاني و التبريكات ، و الملوّنة بالحِكَم و النصائح ، و لطالما أصبح هذا الرقم حلقة وصلٍ مُحكَمة جمعتنا بصاحبه بإختلاف المكان والزمان ، و لم تنفَضّ تلك الحلقة إلا بالرحيل ، و لطالما أصبح أستوديو الجوّال قفصاً يحبس الكثير من الصور و مقاطع الفيديو التي تخفي ورائها الكثير من القصص و الذكريات ، فيجب أن نَفي لهذا الرقم وفاﺀً لصاحبه على أقل تقدير.

كم من عزيزٍ لم أقتنع بنبأ وفاته ، فصرت أحاول الإتصال به على جوّاله و لكنني لا أجدُ إلا رسالةً صوتيةً تقول : ( إن الهاتف المطلوب لا يمكن الإتصال به الآن ) ، فأوقن أن الطرق إليه كلها مؤصدة.

بقي أن أقول لمَن هم تحت رحمة خالقهم و أرواحنا تتوق لعناقهم ، شذاكم لا زال يملأ الأماكن التي ارتدناها معكم و التي جمعتنا بكم ، و صدى أصواتكم لم يبرح زواياها. فعندما نزور المطاعم و المجمعات التجارية و الكوفي شوبز نجد لكم بُقَع ضوﺀٍ لا تخَفت أبداً ، فنتأمَّل أماكن وقوفكم و أماكن جلوسكم و كأنكم لا زلتم تشغلونها.

جمعنا الله بكم في الفردوس الأعلى.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية