FINANCIAL TIMES

حسين سجواني: تعلمنا من أخطائنا

حسين سجواني: تعلمنا من أخطائنا

حسين سجواني: تعلمنا من أخطائنا

حسين سجواني: تعلمنا من أخطائنا

يعتقد حسين علي سجواني، رئيس مجلس إدارة أكبر شركة خاصة لتطوير العقارات في دبي، أن لديه رسالة تتمثل في إقناع العالم بأنه عائد للعمل مرة أخرى، مثل بلده. كانت داماك، الشركة التي أسسها عام 2002، في قلب فقاعة عقارات دبي التي جعلت بعض الأشخاص من أصحاب الملايين ودمرت "تحويشة العمر" بالنسبة لآخرين عندما انفجرت في صيف عام 2008. #2# وعلى مدى العام الماضي زادت أسعار العقارات في دبي بنسبة وصلت إلى 50 في المائة، بعد أن برزت الإمارة ملاذا إقليميا آمنا للمستثمرين الهاربين من الاضطرابات في المنطقة، أو من سلطات الضرائب في بلادهم. ويقدم سجواني الدليل على بداية طفرة عمرانية جديدة من خلال حديثين أجريناهما معه ونحن جالسون في المجلس الفخم في مقر داماك، أثناء تناول قهوة الإسبريسو التي قدمت في فناجين مسجل عليها العلامة التجارية لداماك. ويعتقد رئيس الشركة البالغ من العمر 57 عاماً أن الركود الذي صاحب عملية البناء في السنوات الأربع الماضية سبب نقصاً في المعروض من المساكن في المناطق التي تعتبر قبلة للأنظار، مثل المنطقة المزدهرة حول برج خليفة، أطول مبنى في العالم. ويقول: "ستكون السوق قوية جداً في السنوات الثلاث المقبلة، خاصة بالنسبة للعقارات الفخمة". وكان يتحدث بصوته الخفيض والعميق، رافضاَ المخاوف من أن القطاع مهدد مرة أخرى بالنشاط السريع الزائد على الحد. وسجواني هو صورة تشبه كثيراً صورة أساطين المال في دبي. رأيناه وهو يطلق المكالمات النارية لمرؤسيه ويسألهم عن آخر مستجدات الرسملة السوقية لأعماله، أثناء حديثه عن الخطوط العريضة للنمو المالي في محفظته المؤلفة من شركات إقليمية متنوعة. كما أنه ليس غريباً عن شعار الشركة القائل "تمتع بالرفاهية". واليوم المفضل لأطفاله الأربعة هو تناول الغداء في مطعم زوما، وهو مطعم ياباني فخم. #3# وتطورت إمبراطورية سجواني من بداية متواضعة. فهو ابن لعائلة من الطبقة الوسطى تنبع جذورها من عُمان. وكان والده يعمل لساعات طويلة في محله الكائن في سوق الديرة، بينما عملت والدته في بيع البضائع من بيتها للسيدات المحليات. وهو يتذكر أيام طفولته، عندما كانت دبي مركزاً تجارياً ثانوياً ويقول: "اعتدت سماع كل القصص، سواء قصص الفشل أو النجاح، وكذلك قصص المشاكل التي يواجهها صاحب المشاريع في حياته". وعمل في الإمارات، حتى قبل أن يتخرج في جامعة واشنطن في الولايات المتحدة، في بيع الشقق السياحية المخصصة للإيجار في فترات محددة من السنة (تايم شير). وبعد عودته إلى بلده ترك بسرعة عمله في القطاع العام ليعمل في مجال الشركات. واستخدم أرباحا جناها من عمله في بيع الشقق، لتأسيس شركة لتموين الأغذية في دبي. وفتح بعد ذلك فروعاً لشركته في دول الخليج، وبنى واحدة من أكبر شركات التموين في المنطقة، وفر من خلالها المؤن للجيش الأمريكي في حربي العراق، وكذلك أثناء الصراعات التي نشبت في البوسنة والصومال وأفغانستان. ووفر كذلك التموين للعاملين من مختلف الجنسيات في صناعتي النفط والغاز، مثل شركة بيكتيل، وفلور دانييل، وشيودا، وجيه جي سي. ووضع أرباحه في فقاعة الدوت كوم في أواخر التسعينيات، بما في ذلك مزود الإنترنت، جيونو، وميل دوت كوم. وادعى بعضهم أنه راهن على الدخول في أعمال العقارات المحلية ليعوض خسائره الهائلة، لكن سجواني يقول إنه خرج من انهيار الإنترنت "تقريباً دون ربح أو خسارة". بعد الخروج من بين رماد فقاعة الدوت كوم، أشعلت دبي فتيل انفجار العقارات، بفتحها الأبواب أمام الأجانب لتملك العقارات في مناطق حرة معينة. وهو يعلق على ذلك بقوله: "رأيت في ذلك فرصة عظيمة وتغيراً في المشهد". وكان أشجع قراراته هو بيع "أراض ممتازة" بخسارة، ما سمح له بشراء قطعتي أرض في منطقة قاحلة، أصبحت بعد عقد من الزمان موقعاً لأكثر المناطق السكنية شعبية في المدينة، وهي منطقة مارينا المزدحمة بناطحات السحاب. وبعد فورة الأملاك التي مولها الائتمان الرخيص والارتفاع الصاروخي في أسعار النفط، أطلقت داماك في عام 2008 عشرات المشاريع في دبي وباقي دول الشرق الأوسط، وانهمرت الدفعات المقدمة سلفاً. ويشتهر سجواني ببراعته في استخدام فنون التسويق، مثل تقديم جوائز تشمل سيارات فخمة، أو فرصة لربح جزيرة خاصة، مع كل عملية بيع. لكن بحلول عام 2006 تخلف تسليم العقارات عن البرنامج المخصص، وهي مشكلة نسبها سجواني إلى تأخر تسليم المبالغ من المخططين الرئيسين في المدينة. ثم انفجرت فقاعة المضاربات عام 2008 عندما توقف الاقتصاد العالمي توقفاً شبه تام. وهو يقول: "كنت في إجازة في لندن عندما رأيت الأسعار تنخفض، ولذلك تكلمت مع الفريق الإداري ووضعت خطة عمل موضع التنفيذ. أدركنا أن ذلك نذير بقدوم عاصفة قوية وثقيلة، ولذلك قلصنا النفقات العامة غير المباشرة إلى أقصى حد ممكن". وخفضت داماك من أعداد موظفيها واستخدمت مبلغ 275 مليون دولار لتعليقه ضمانات للغير، وأعادت التفاوض مع المقاولين بعد أن نقلت الزبائن من الأبراج الملغاة إلى المباني التي في سبيلها إلى الاكتمال. وواجه سجواني خلال عدة سنوات فيضاناً من القضايا القانونية، وهو يعلق على ذلك بقوله: "كان الوضع أشبه بحريق في غرفة والكل يريد الخروج منها". ويقول سجواني إن داماك ربحت 90 في المائة من هذه القضايا. وعلى الرغم من اكتساب الشركة سمعة سيئة أثناء الفترة التي كانت تجرجر فيها أرجلها في الأيام الأولى من الأزمة، إلا أنها طورت لنفسها أخيراً سمعة حسنة بعد قيامها بتسويات سريعة مع زبائنها المستائين للغاية. وبعد العودة للبناء، بدا وكأن رافعات داماك هي الوحيدة التي تعمل عبر أفق السماء في دبي، بينما انهارت شركات التطوير العقاري الأخرى. وسرت شائعات بأن الشركة – وهي من شركات التطوير القلائل المملوكة للقطاع الخاص التي نجت من الهجمة – كانت تتلقى أموال إنقاذ سرية من حكومة دبي، أو من مستثمرين إيرانيين، إلا أن سجواني يرفض هذه الادعاءات، ويقول إنها "عارية تماماً عن الصحة". ويضيف إلى ذلك: "كثير من الناس ينشرون الشائعات"، وهي المرة الوحيدة التي يفقد فيها طبعه الهادىء ويتحول إلى العصبية، حين سأل عن مصدر هذه النميمة، قائلا: "إنهم غير سعداء بما يرونه كفاءة في القطاع الخاص". وهناك نزاعات أخرى أصابت مالك داماك، منها إدانة جنائية في أعقاب ثورة 2011 في مصر تتعلق بصفقة أراض عقدها مع نظام حسني مبارك المعزول. وسوّى سجواني مشاكله مع مصر بعد سنتين من المفاوضات، بالمشاركة مع مستثمرين أجانب آخرين، وهو يقول إنه يتطلع للعودة لمشاريعه في هذه الدولة المضطربة. كذلك تفكر داماك الآن، من خلال خطط جديدة للتوسع، في إدراج نفسها في بورصة لندن, ويعقب سجواني على ذلك دون الدخول في تفاصيل: "لم نتخذ قراراً بهذا الخصوص بعد". وداماك، بصفتها شركة خاصة، لا تنشر بيانات مالية، لكنها سلَّمت ثمانية آلاف شقة في 37 بناية، وهناك 65 بناية مكتملة بنسبة 75 في المائة. وهي ترجو الآن أن تعرض على مستثمرين عالميين الفرصة للاستثمار في مشاريع في سوق دبي المنتعشة وفي بلدان أخرى في المنطقة، مثل لبنان والسعودية. ويضغط سجواني في سبيل إنشاء شقق فندقية على غرار هوليود، من خلال شراكة مع باراماونت، ومشروع للجولف في الإمارات مع دونالد ترامب، وشقق مجهزة من فيندي، المصصم الإيطالي. وإذا قدمت داماك طلباً للإدراج في بريطانيا، فربما تواجه انتقادات من مشترين سبق أن احترقت أصابعهم في فترة الهبوط التي أصابت دبي. وأحد المستثمرين في داماك، الذي حصل بعد سنوات على العربون الذي دفعه في مشروع تم إلغاؤه، يقول إنه لن يستثمر مرة أخرى أبداً في دبي "بعد أن مررتُ بتجربة طويلة مؤلمة". لكن سجواني يقول إن المشترين محميون الآن بفعل قوانين عقارية أقوى من ذي قبل وشركات تطوير أكثر مسؤولية. ويضيف: "تعلمنا من أخطائنا ونتعلم من تاريخنا. اليوم نحن أقوى بكثير من حيث الإدارة، ولن ننفذ إلا المشاريع التي تستطيع السوق استيعابها". السيرة الذاتية * ولد في دبي عام 1956 * التعليم: 1981 بكالوريوس علوم في الهندسة الصناعية والاقتصاد، من جامعة واشنطن في سياتل. الحياة المهنية *1981، مدير المقاولات في شركة تابعة لشركة النفط أدنوك المملوكة للدولة في أبو ظبي. *1982، أسس مشروعه للتموين "الديرة لخدمات الإدارة". *1992، أسس شركة الاستثمار، توايلايت إنفست. *منتصف التسعينيات أنشأ أربعة فنادق في الديرة، منطقة الأعمال السابقة في دبي. *2002، أسس داماك، أكبر شركة خاصة للتطوير العقاري في دبي. *2003، استحوذ على 40 في المائة من شركة التأمين الأهلية في البحرين. *2008، سرّحت داماك مئات الموظفين مع انهيار أسعار العقارات بنسبة 60 في المائة. *2010، بدأت داماك العمل على برج في لبنان بتصاميم داخلية من فرساتشي. *2013، أطلقت داماك شركة أكويا، وهي شركة تطوير في دبي للاستخدامات المختلفة بقيمة 2.5 مليار دولار، بما في ذلك ملعب ترامب للجولف. الاهتمامات: يحب أن يأكل في المطاعم، ومطعمه المفضل هو سالمونتيني.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES