«الداخلية» .. إدارات «بلا مراجعين» ماذا عن الآخرين؟
مع إعلان وزارة الداخلية ممثلة في الجوازات تدشين إدارات بلا مراجعين، بدأنا مرحلة جديدة نحو الدخول إلى الحكومة الإلكترونية، وهذا يعني افتتاح وانطلاق فعاليات الحكومة الإلكترونية التي نطمح إليها جميعا.
في الحقيقة أن وزارة الداخلية تعتبر رائدة في هذا المجال، أو إذا صح التعبير قائدة لمشروع الحكومة الإلكترونية في المملكة، وهذه الريادة حصلت عليها لعدة أسباب منها أسبقيتها ومبادرتها، ثم نجاحها في تحويل كثير من خدماتها من ورقية ومراجعات وطوابير وزحام وبحث عن موقف للسيارة إلى خدمة تقدم لك بضغطة زر، ولعل مشروعها الرائد والناجح مشروع البوابة الإلكترونية لوزارة الداخلية، الذي نجح في تطوير الخدمات الإلكترونية لأكثر من 23 قطاعاً و13 إمارة، إضافة إلى عدد من الفروع، التي إما أن تكون معنية بإدارة السياسات المحلية، أو معنية بإدارة الشؤون المدنية للناس. اعتبر أن هذه البوابة تضم بين جنباتها بوابات أخرى، فكل موقع تحتويه هو في الحقيقة مشروع مستقل بحد ذاته من حيث حجم المحتوى الكبير، وأيضا عظم الفائدة الذي يقدمها للزائرين، مثل الخدمات التي تقدم في مجال الأحوال المدنية، ولا تنسى الاستقدام، وتوقف مليا لدى الخدمات التي تقدم من الإدارة العامة للمرور، والدفاع المدني والخدمات الطبية ومكافحة المخدرات، فضلا عن تسهيل كثير من الإجراءات التي تتطلب مراجعة ديوان الوزارة نفسه. لقد نجحت وزارة الداخلية، حتى في مجال الأعمال والتجارة والاقتصاد، وقدمت خدمة كبيرة للقطاع الخاص عندما دشنت مشروع شموس، الذي تم من خلاله بناء أكبر منظومة إلكترونية معلوماتية آمنة تجمع القطاع الخاص والقطاع الحكومي.
اليوم «الداخلية» بهذا الإنجاز والمبادرة غيرت كثيرا من المفاهيم عن الإدارة التقليدية والأمن بمفهومه المحدود، إلى المفهوم الشامل للأمن، وهو خدمة الناس وراحتهم ورفاهيتهم وسعادتهم في كل ما يمس حياتهم، وعندما يباشر من هو على رأس هرم الداخلية بافتتاح تلك الخدمات ورعايتها وتحديد بداية شهر ذي القعدة القادم كمهلة للإدارات للانتقال إلى إدارات بلا مراجعين، فإن هذا يدعو للتفاؤل ويدشن حقبة جديدة من منظومة التعاملات الإلكترونية الوطنية سواء حكومية أو غير حكومية. والداخلية بطبيعة المعلومات التي تديرها وحساسيتها وأهميتها لأمن الوطن والمواطنين والمقيمين عندما تنطلق بهذا الوعي والمفهوم الحضاري فهي تؤسس لثقافة إدارية جديدة أمام ثقافة بيروقراطية قلقة وخائفة، إلى جانب القضاء على كثير من ألوان الفساد المالي والإداري الذي ينعكس على تأخر وتعثر الخدمات وعرقلة معاملات الناس وهجولتهم بين الشوارع والإدارات والوقوف في طوابير في أحوال جوية لا يحسدون عليها.
«الداخلية» بهذه الإرادة والشجاعة تجاوزت الزمن الذي وقفت عنده مؤسسات، كنا نتوقع منها أن تكون ذكية، لما حصلت عليه من ميزانيات وموارد كالتأمينات الاجتماعية وغيرها من الوزارات وبعض الجهات التي ما زالت تعيش في عالم من الورق والأقراص المدمجة، التي لم تحدث وتنتظر عصا سحرية توقظها من السبات الذي تعيشه. والداخلية عندما تتحرك بهذا المفهوم الحضاري الشفاف فإنها تدفع بالحكومة نحو الأخذ بمبادرة الشفافية وتعزيزها بين إدارات الحكومة وبين الناس، وخلق شراكة مجتمعية بين مؤسسات الدولة والمجتمع، وقد كان لمبادرتها بتوفير التواصل الإلكتروني مع السجناء والموقوفين بداية لممارسة الشفافية وإجهاض لصناع التوتر الاجتماعي والموتورين.
وعندما تقدم «الداخلية» خدمة كبار السن الذين ساهموا في بناء هذا الوطن الرائع من خلال خدمة "تقدير" فإن هذه لمسة وفاء وعرفان واهتمام بكافة شرائح وأدوار المجتمع، وتحقيق لمبدأ العدالة في الوصول إلى الخدمة وتكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع، وهذا التوجه يعطي انطباعا مهما حول ارتفاع مستوى الذكاء العاطفي والاجتماعي الذي يتمتع بهم مسؤولوها تجاه المجتمع.