المرأة وحرب النّطف

سؤال يتكرّر وجدل ظل سائداً لسنين: مَن المسؤول عن تحديد نوع الجنين الرجل أم المرأة؟
الإجابة عنه هدمت بيوتاً كانت عامرة، بسبب بعض القناعات السائدة بأن المرأة هي المسؤولة عن ذلك فإما أن يطلق زوجته التي لا تنجب إلا الإناث أو يتزوج عليها. وبعد زمن انقلب الموضوع وأصبح مَن يؤمن بأن المرأة هي من تحدّد نوع الجنين يعتبر متخلفاً وجاهلاً لأن الرجل يحمل نوعيْن من النطف إما x y أو x x، أي أن الرجل هو المسؤول لامتلاكه الشفرتين الأنثوية أو الذكورية! ويمنحها للمرأة، بينما تحمل الأنثى نوعاً واحدا من النطف x. وارتاحت الإناث لهذه الحقيقة العلمية واستخدمتها كسلاح في وجه مَن يتهمها بإنجاب الإناث "وكأنها جريمة". واليوم وفي بحثٍ حديث جاء لينسف ما سبق ويعلن مرة أخرى أن المرأة هي مَن يحدّد نوع الجنين لا الرجل!
يقول الباحث ستيفان لوبولد من جامعة سيراقوس الأرجنتينية بعد أن عمل مع فريقه على دراسة أنثى الذباب وتوصل إلى أن الأنثى ليست حاضناً فقط ومكاناً آمناً للتنافس الذي يحدث بين نطف الرجل ومن ثم إعلان مَن يفوز بتلقيح البويضة، بل تلعب دوراً مهماً في اختيار النطفة وتحديد الصفات التناسلية للذكور والإناث، وكذلك اختيار أب للمواليد، فأنثى الذباب بعد أن تمت مزاوجتها مع مجموعتين من الذكور تمَّ تلوين حيواناتهم المنوية بلونيْن مختلفيْن لكي يتمكنوا من مراقبة ودراسة ما يحدث، كانت المفاجأة أن الإناث تقوم بطرد كمية من الحيوانات وبتوقيت محدّد، وبذلك تقلل عدد الحيوانات المتنافسة على التلقيح ثم تقوم باختيار ما يناسبها منها فتكوين القناة التي تحفظ النطف والشكل الهندسي للحيوان المنوي يسمح لها بذلك، كما تقوم بتحديد الأب وطرد البقية، فسبحان مَن خلق فأبدع. يقول الحق سبحانه وتعالى "أَيَحْسَبُ الإنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى. ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنثَى. أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى".
فمنذ خلق الله البويضة أودع فيها سر الحياة ومنحها تكويناً وصفات تُمكنها من اختيار نوع الحيوان المنوي الداخل إليها، فبعضها يسمح بدخول الحيوان المنوي الحامل لـ x y فيكون المولود ذكراً ويمنع تماما الحامل لـ x x الذي ينتج عن اتحاده مع البويضة أنثى والعكس صحيح، هذا إضافة إلى وجود عوامل عديدة تساعد على تحديد جنس الجنين من التلقيح الصناعي ونوعية الأكل والجداول الصينية والوسط الذي يحصل فيه التزاوج، لكن تبقى قدرة الله وعظمة خلقه ودقة صنعه فوق علم كل ذي علم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي