البتروكيماويات الأمريكية تتحول عن «النفثا»
إمدادات الإيثان الرخيصة التي تحصل عليها مصانع البتروكيماويات في الولايات المتحدة على خلفية ارتفاع الإمدادات من مصادر الغاز والزيت الصخري تقلل من الطلب على النفثا المحلية. صناعة البتروكيمياويات الأمريكية كانت تستهلك في حدود 300 ألف برميل في اليوم من النفثا في عام 2007، لكن الطلب على النفثا انخفض منذ ذلك الحين بأكثر من 20 في المائة، حيث استهلكت مصانع البتروكيماويات نحو 235 ألف برميل في اليوم فقط في عام 2012. هذا التغيير الهيكلي في استهلاك النفثا من المتوقع أن يستمر في المستقبل. حيث إن منتجي الإثيلين في الولايات المتحدة سيستمرون باستيعاب الكميات المتزايدة من إمدادات الإيثان الرخيصة الثمن، لذلك ليس من المتوقع أن يكون هناك نموا كبيرا في وحدات تكسير النفثا. في الوقت نفسه يعمل منتجو الإثيلين في الولايات المتحدة بشكل محموم على فك الاختناقات وتحويل مصانعهم للتوسع باستخدام الإيثان. لقد ارتفع طلب مصانع البتروكيماويات على الإيثان من 745 ألف برميل في اليوم إلى ما يقرب من مليون برميل في اليوم بين عامي 2007 ــــ 2012.
في الوقت نفسه، ساهمت الطفرة في إمدادات الصخر الزيتي في ارتفاع إمدادات النفثا. إن إنتاجية المصافي من النفثا في ارتفاع مستمر، حيث إن المصافي الأمريكية تقوم بمزج كميات كبيرة من المكثفات النفطية Condensate مع النفط الخام المستخدم. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يبدأ تشغيل المرحلة الأولى لمصفى المكثفات النفطية Condensate Splitter في ولاية تكساس بطاقة تصل إلى 50 ألف برميل في اليوم في مطلع عام 2014، هذه الوحدة ستسهم في زيادة إنتاج النفثا. عند وصول طاقة مصفى المكثفات إلى كامل طاقته، من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفثا بنحو 35 ألف برميل في اليوم. جميع هذه التطورات ستقلب موازين العرض والطلب على النفثا في الولايات المتحدة، وتحولها إلى مصدر صاف للنفثا.
هذا الارتفاع في إنتاج النفثا في الولايات المتحدة سيكون له تأثير مهم في تجارة النفثا الإقليمية والعالمية. إن ضعف الطلب من قبل مصانع البتروكيمياويات الأمريكية على النفثا قد خفض بالفعل من متطلبات الاستيراد، حيث إن استيراد الولايات المتحدة من النفثا المستخدمة كمادة أولية للمصانع البتروكيمياوية قد انخفض إلى 30 ألف برميل في اليوم فقط في العام الماضي، أي نحو 70 ألف برميل في اليوم أقل من مستويات عام 2007. منتجي البتروكيماويات في ساحل الخليج الأمريكي تقليديا يستوردون النفثا من أمريكا اللاتينية، في المقام الأول من المكسيك، لكن الآن انتفت الحاجة لذلك والكميات التي كانت تستورد في السابق ستبقى في المنطقة. كما أن الولايات المتحدة كانت تستورد بعض كميات النفثا من غرب إفريقيا والخليج العربي، لكن الولايات المتحدة قد تخفض من وارداتها من تلك الأسواق أيضا، ما قد يضطر هؤلاء المصدرين إلى تصدير الكميات الفائضة إلى أوروبا وآسيا. من المتوقع أن يصدر الفائض من النفثا إلى المناطق التي فيها عجز مثل أوروبا وكندا، ومن المحتمل أن تكون آسيا في الأجل الطويل.
في نيسان (أبريل) الماضي كانت النفثا في آسيا تتداول بخصم 8.25 دولار للبرميل الواحد عن أسواق دبي، هذا هو أدنى مستوى منذ حزيران (يونيو) 2012. على الرغم من أن طلب مصانع البتروكيماويات على النفثا ظل ثابتا، إلا أن تدفق فائض النفثا من أوروبا أثر في الأسواق الإقليمية. يعتقد الآن أن الأسواق الأوروبية قد بدأت في الانتعاش، على الرغم من أن أساسيات المنطقة لا تزال متشائمة.
في الآونة الأخيرة وصلت إلى آسيا كميات أكثر من النفثا قادمة من أوروبا، في نيسان (أبريل) الماضي بلغت هذه الكميات أكثر من 300 ألف برميل في اليوم ومثلها في أيار (مايو). هذا الرقم يمثل تقريبا ضعف حجم الصادرات الأوروبية والروسية الاعتيادية إلى آسيا. إن ارتفاع الصادرات إلى آسيا بصورة كبيرة جاء نتيجة الصيانة الواسعة النطاق في وحدات التكسير الأوروبية، مما قلل طلب مصانع البتروكيمياويات على النفثا. في الربع الثاني من هذا العام، تم إغلاق نحو 2.7 مليون طن من طاقات وحدات الإثيلين القائمة على النفثا، عادة تبلغ الصيانة ذروتها في أيار (مايو). على خلفية ضعف الطلب على النفثا في أوروبا ارتفعت الصادرات. نحو 800 ألف طن من طاقات وحدات الإثيلين القائمة على النفثا سوف تبقى مغلقة في هذا الشهر، لكن بعد حزيران (يونيو)، ليس هناك أي صيانة مخططة حتى نهاية العام. نتيجة لذلك، ستقل كميات النفثا المتوافرة لدى أوروبا للتصدير.
في الأشهر الأخيرة شهد ميزان تجارة النفثا لمنطقة شرق آسيا والشرق الأوسط مجتمعة عجزا، حيث إن موسم صيانة المصافي في منطقة الشرق الأوسط قد قلص من إمدادات النفثا. لكن من المتوقع أن تتعافى هذه الإمدادات في كل من الشرق الأوسط وآسيا في الأشهر المقبلة. إن ارتفاع هذه الإمدادات وتزامن الصيانة المتفرقة لبعض وحدات تكسير النفثا في المنطقة سيقلل الطلب على النفثا، ما قد يؤدي إلى اتساع الفائض. إن توقف وحدات تكسير النفثا سيحد من الطلب الآسيوي بنحو 30 ألف برميل في اليوم في المتوسط بين شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس)، ونحو 55 ألف برميل في المتوسط من أيلول (سبتمبر) إلى تشرين الثاني (نوفمبر). لكن مع بدأ وحدات الإثيلين الجديدة في الصين في الربع الأول عام 2014 سيؤدي إلى زيادة الطلب على النفثا مرة أخرى، هذا بدوره سيقلب ميزان العرض والطلب على النفثا لمنطقة آسيا إلى عجز. لكن هذه التطورات ستكون مؤقتة، حيث إن التوسع بطاقات النفثا من منطقة الشرق الأوسط وارتفاع إنتاج آسيا، سيفوق نمو الطلب على النفثا. من المتوقع أن يكون الفرق بين أسعار النفثا لأسواق سنغافورة ودبي أقل من خمسة دولارات للبرميل في النصف الثاني من عام 2013. من المتوقع أن يتعافى هذا الفرق مؤقتا إلى ثلاثة دولارات للبرميل في الربع الأول من عام 2014، قبل أن يضعف مرة أخرى.