شركة للرقابة على الطعام

تقول الصحف إن وزارة الشؤون البلدية والقروية أصدرت تعميما تأكيديا على الأمانات والبلديات، لتقوم بحملات بيئية على غرار الحملة الناجحة والمشهود لها التي تبنتها أمانة الرياض بالتعاون مع الأمن، لضرب أوكار الغش في الغذاء وساحة المطاعم التي لم ينج منها حتى الكبيرة منها.
هل تستطيع كل المدن بكل ما فيها إطلاق حملة ولو قريبة مما فعلته أمانة مدينة الرياض؟ الواقع أن كثيرا من منتجات الغذاء وطابخيه في المدن الصغيرة والقرى يبدو بشكل مزر، ولا أحسب أمانات تلك المدن قادرة على مؤسساتها، لسطوة العلاقات الشخصية على طواقم العمل، ولا قادرة على الدخول لأماكن صنع الغذاء الشعبي، فالمهمة صعبة ولا تنفع فيها حملة محدودة بحضور أمين ورئيس البلدية مع العاملين في الرقابة، فعملية الرقابة كبيرة لا يقوم بها موظف صحي صغير، بل رجل قوي مدعوم بقوة ليقف في وجوه هوامير المال والأعمال، وإغراء الرشا والمنافع والعلاقات الشخصية، التي غيبت الضمير وجعلت العجين يصنع بأقدام متسخة، وأوجدت سوقا سوداء لكل ما هو فاسد ومنتهي الصلاحية، حتى صارت المطاعم عندنا أماكن تدوير نفايات الطعام وصبغها وتلوينها وبيعها لتؤكل من جديد.
مشكلة الطعام عندنا كبرى، وهو في معظمه بأيد غير سعودية مما يفاقم المشكلة، فللعمالة أساليبها في الالتفاف على كل تنظيم مهما كان صارما، وليس في الحلم الوصول لغذاء موثوق من غير شركات مكلفة بعض الشيء، أما الغذاء الشعبي لكل الناس فسيبقى محاطا بمخاوف السوء.
استمرار الحملة بزخمها نفسه سيكون صعبا وإن نفذته أمانة مدينة الرياض، بحضور الأمين والمسؤولين الكبار، فقد تعجز عن تنفيذه مدن أخرى لضعف إمكاناتها حتى لو تضاعفت عن واقعها الحالي، فالموظف الصحي في الحكومة أقل قدرة وحده حتى وإن نجح عندما يخرج معه المسؤول، وقطاعات الأعمال قوية بما يكفي لتجاوز الرقابة.
هذا قاد كثيرين للتفكير في أن في الأفق مشروع شركة مراقبة الغذاء، وهي شركة تعطى الثقة من جميع جهات الاختصاص بهيئة الغذاء والدواء والصحة والبلديات، لتكون المسؤول عن الرقابة الذي يمكن محاسبته.
شركة الرقابة قيل إنها نتيجة حملة الأمانة القادمة، فالأمين لن يكون متفرغا للدوران مع المراقب الضعيف، والمراقب مهما دعمناه سيبقى عاجزا أمام سطوة وقوة المال والنفوذ، وستهدأ الحملة لتعود العمالة للعبث في الطعام، بل هي ما زالت في أماكن لم تصلها الرقابة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي