«الوصلة» الإفريقية لدبي

تعزز دبي من موقعها، كـ ''محطة وصل'' تزداد محورية يوماً بعد يوم، ومكان عملي للتبادل التجاري بين أطراف العالم. وفي الواقع كان هذا هو الهدف الأول لهذه الإمارة منذ أن بدأت تبني لنفسها مكاناً على الساحتين الإقليمية والدولية، التي اعتبرت أن توفير الخدمات والنقل والتصدير وإعادة التصدير ونقاط التبادل المرنة وغيرها، لا تضمن عوائد مالية فحسب، بل توسع نطاق الترابط (بينها وبين الأطراف الأخرى)، التي تضيف تنويعاً متواصلاً للحراك الاقتصادي بشكل عام. كما أنها تفتح الآفاق لتنمية العلاقات، بل وإنشاء علاقات جديدة، تقوم على المصالح المتناغمة بين الجهات المعنية فيها. وهذه الوضعية لدبي، تمكنها أيضاً من تكريس استراتيجية تنويع مصادر الدخل، وهي استراتيجية باتت مطلوبة لكل دول المنطقة وخارجها. ففي كثير من الاقتصادات الناجحة، يشكل قطاع الخدمات بكل أشكاله محوراً رئيساً يفوق أهمية القطاعات التقليدية المعروفة.
وتتحول دبي شيئاً فشيئاً، إلى سوق كبيرة لبيع منتجات آتية من الخارج، إلى دول المنطقة وعدد آخر من الدول خارجها، وتتقدم في هذا المجال، ليس فقط على صعيد إعادة البيع لحساب جهات أخرى، بل أيضاً من جهة معالجة بعض من أنواع الشحنات، ولا سيما مع توافر الإمكانات في هذا المجال في منطقة جبل علي في الإمارة، في حين تقوم السلطات المختصة بتوسيع نطاق هذه الخدمة المهمة لتشمل أنواعاً أخرى من الشحنات الآتية من الخارج. فهناك شركات إفريقية بدأت انطلاقها في هذا المجال، وجدت أن دبي تمثل نقطة قوية جداً بالنسبة لها في مسألة بيع منتجاتها في منطقة الخليج وما وراءها. ولا شك في أن هذا النوع من الحراك التجاري، يرفع من مستوى السمة العالمية لهذه الإمارة، ويفتح لها آفاقا واسعة في قطاع يتميز بالتحرك حتى في أزمنة الكساد.
في خارج دبي، يرى المهتمون بمسألة تصدير المنتجات إلى دبي لعرضها بعد معالجتها، أنها تشكل فرصة لعرض منتجاتها على عدد كبير من الجهات. ومن المزايا في هذا المجال، أن الجهات المعنية بالتصدير لا تلزم نفسها بالشحن المباشر. وبذلك تتحول دبي بالفعل إلى ''سوبر ماركت هائل'' يتسوق فيها المستوردون وكبار - وحتى صغار - التجار. وينشط هذا النوع من الحراك في الآونة الأخيرة بين دبي وعدد من الشركات الإفريقية، مما يعزز بصورة متصاعدة وقوية مكانة الإمارة في الاستثمار من وإلى القارة السمراء. وقد أظهرت بعض الإحصاءات، تزايد عدد رجال الأعمال الخليجيين في اعتماد دبي قاعدة ينطلقون منها للبحث عن فرص في إفريقيا وغيرها. بما في ذلك مجالات تشمل الأعمال اللوجستية والاتصالات. ويأتي هذا الإقبال المتزايد أيضاً في ظل وجود شبكة نقل عالمية هائلة في دبي، وفي مقدمتها النقل الجوي الذي يربط أطرافاً من أقصى العالم بالمنطقة، إضافة – طبعاً - إلى ربطه للأطراف الإفريقية والآسيوية.
سيحول هذا الحراك المتجدد إمارة دبي في فترة قصيرة، إلى بوابة لإفريقيا، في وقت تشهد فيه القارة صعوداً اقتصادياً ملحوظاً، بينما يشهد العالم الغربي ركوداً تاريخياً، يصعب توقع زواله في فترة قصيرة. والذي سيساعد في هذا المجال التسهيلات التي توفرها دبي للأعمال بكل أنواعها وطبيعتها، وتصل هذه التسهيلات في المناطق الحرة التابعة للإمارة إلى مستويات مغرية لكل من يرغب في الاستثمار. اليوم تمثل دبي واحدة من أهم نقاط الترانزيت الرئيسة لتوسيع التعاملات الاقتصادية لدول الخليج في إفريقيا. وتقدم الكثير من الخدمات التي تساهم مباشرة في رفع مستوى جاذبيتها التجارية بشكل خاص، والاستثمارية بشكل عام. إنها بلا شك نقطة مركزية تلتقي فيها الأعمال، بصرف النظر عن بعض الجوانب السلبية التي تظهر هنا وهناك في هذا الحراك المتجدد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي