أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري سيكون متحفاً مفتوحاً يحكي تاريخ وحضارة مملكة كندة إحدى الممالك القديمة في الجزيرة العربية.
جاء ذلك عقب تدشين الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، أمس، مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري واستئناف أعمال التطوير في الموقع، وذلك في مقر المتحف الوطني في مركز الملك عبد العزيز التاريخي في الرياض.
وأجرى أمير منطقة الرياض اتصالاً مرئياً مع أحمد بن دخيل المنيفي محافظ وادي الدواسر، عبّر خلاله عن أمنياته بأن يثمر هذا المشروع خيراً وفيراً لأهالي المحافظة، حيث قال: "أتمنى أن نرى مردود هذا المشروع في القريب العاجل، وأن يجنى ثماره أهل المنطقة ومواطنو المملكة كافة"، كما تحدث إلى فريق التنقيب الأثري الذين يتواجدون في موقع الفاو لمباشرة أعمالهم، حيث أكد الأهمية التاريخية لهذا المشروع في إبراز تاريخ السعودية وحضارتها، ووجّههم ببذل الجهود في عمليات التنقيب والمحافظة على الموقع لما يمثله من قيمة تاريخية وحضارية.
من جانبه، أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز أن إطلاق مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري يأتي في وقت تشهد فيه السعودية اهتماماً كبيراً بتراثها الحضاري برعاية خادم الحرمين الشريفين ومتابعة من ولي عهده الأمين، موضحاً أنها تعيش نقلة كبيرة في العناية بموروثها الثقافي وإرثها الحضاري الضارب في القِدم.
#2#
وقال: "إن المشروع نموذج للعلاقة الوطيدة التي تجمع بين السياحة وجامعة الملك سعود، وأن أبرز ثمار هذه العلاقة تطوير قسم الآثار في الجامعة وتحويله إلى كلية للسياحة والآثار والتوسع في أقسامها، والبدء في إنشاء مقر الكلية أخيرا في حرم الجامعة"، مشيرا إلى أن المشروع يأتي استكمالاً لجهود الهيئة والجامعة في المحافظة على ما تم اكتشافه في موقع الفاو وتسجيله ضمن السجل الوطني للآثار، والمضي باستكشاف الموقع ضمن خطة متكاملة لتسويره وتطويره.
وأوضح الأمير سلطان أنه باكتمال مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري سيكون متحفاً مفتوحاً يحكي تاريخ وحضارة مملكة كندة إحدى الممالك القديمة في الجزيرة العربية، كما أنه يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ومنها أن يكون موقع "الفاو" معلماً تاريخياً وشاهداً حضارياً يمكن زيارته ضمن العملية التعليمية والتثقيفية، وأن يلعب الموقع دوراً اقتصادياً في منطقة الرياض، إضافة إلى عرض المكتشفات الأثرية للدارسين والباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي وزائري المنطقة، ودعم الاقتصاد المحلي لمحافظة وادي الدواسر والمحافظات القريبة منها.
وأضاف الأمير سلطان بن سلمان أن الموقع شهد بدء التنقيب فيه قبل أكثر من 40 عاماً، وأشرف على أعمال التنقيب آنذاك الدكتور عبد الرحمن الأنصاري عالم الآثار، وهو اليوم يعود مشرفاً على فريق العمل لاستكمال ما بدأه مع العديد من أعضاء الفريق العلمي الأساسي ومنهم الدكتور علي الغبان نائب رئيس الهيئة لقطاع الآثار والمتاحف، مشيراً إلى أن أعمال التنقيب في الموقع أسفرت عن العثور على قطع أثرية يجرى ترميمها حالياً وسيتم عرضها في متحف جامعة الملك سعود.
فيما أكد الدكتور بدران بن عبد الرحمن العمر مدير جامعة الملك سعود النقلة النوعية التي أحدثتها هيئة السياحة في القطاع السياحي والتراثي في السعودية، مشيراً إلى أهمية هذا القطاع بصفته مورداً اقتصادياً للعديد من الدول من شأنه توفير فرص العمل وتقليص دائرة البطالة وتعريف العالم بحضارتها وتاريخها.
وقال الدكتور عبد الرحمن الأنصاري المشرف العام على مشروع تأهيل موقع الفاو، إن الفاو جزء من حياته عاش فيها 20 عاماً للتنقيب وتدريب الطلاب، مبيناً أن الفترة التي قضاها هناك كانت ولا تزال تؤثر فيه تأثيراً كبيراً.
وبدأ حفل التدشين بعرض فيلم عن الموقع وأهميته التاريخية الكبيرة على مستوى الجزيرة العربية، حيث يجسد المدينة العربية القديمة بكل مقوماتها من مساكن وطرقات وأسواق وآبار وقنوات زراعية، كما تناول أهم المكتشفات الأثرية في الموقع ومكوناته وتاريخ التنقيب.
ويحظى موقع الفاو الأثري الذي يقع على مسافة 700 كيلو متر جنوب غرب مدينة الرياض، بأهمية تاريخية كبيرة، حيث كانت قرية الفاو عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي، وكانت مركزاً تجارياً مهماً وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج.
وقد بدأ الاهتمام بقرية الفاو كموقع أثري منذ أربعينيات القرن العشرين من جانب موظفي شركة أرامكو السعودية، وتلا ذلك رحلات واستطلاعات علمية قام بها عبد الله فلبي وبعض علماء الآثار الأجانب، وكان ما كتبوه عنها النواة الأولى لأعمال التنقيب في الموقع التي بدأت في عام 1972 لمدة ثلاثة مواسم.


