Author

محفظة ممتلكات مؤسسة النقد.. تطور إيجابي

|
الصندوق السيادي صندوق استثماري مملوك للدولة لإدارة استثماراتها الناتجة من فائض ميزان مدفوعاتها، أو احتياطي عملاتها الأجنبية، أو عائدات تخصيص قطاعاتها العامة، أو فائض ميزانيتها العامة، أو عائد صادراتها، أو أي مصدر مالي ترى الدولة توجيهه نحو الصندوق لحفظه وتنميته. وتتباين مسببات إقبال الدول على إنشاء هذه الصناديق من توفير رافد بديل لمعالجة العجز في الميزانية العامة، أو تنويع مصادر الدخل، أو توفير موارد للأجيال القادمة، أو دعم استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو بعض منها، أو جميعها معاً. وتتباين تباعاً المستهدفات بتباين المسببات بين مستهدفات متوسطة الأجل وطويلة الأجل ومؤقتة ومستديمة. تتباين كذلك هيئة هذه الصناديق بين هيئات عامة، أو شركات خاصة مملوكة للدولة، أو محفظة استثمارية، كمحفظة الفوائض المالية والاحتياطات النقدية السعودية. يعود تاريخ الصناديق السيادية إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما أنشأت ولاية تكساس الأمريكية صندوق التعليم الدائم برأسمال مليوني دولار، عبارة عن 20 في المائة من عائد الولاية من امتياز استنفاع الحكومة الفيدرالية الأمريكية من جزء من أراضي الولاية. شهد القرن العشرين نموا في توجه الدول نحو تأسيس صناديقها السيادية. من أولى هذه التطورات تأسيس هيئة الاستثمار الكويتية في 1953، فصندوق الاستثمارات العامة السعودي في 1971، فجهاز أبوظبي للاستثمار في 1976. شهدت وتيرة تأسيس الصناديق السيادية بعد ذلك نمواً ملحوظاً في الأعوام الأخيرة في إشارة إلى استيعاب متأخر للدول للدور الذي تؤديه هذه الصناديق في دعم التنمية المستدامة. من الهيئات المهتمة برصد تطورات الصناديق السيادية المعهد الأمريكي للصناديق السيادية من خلال توفير معلومات إحصائية ودراسات تحليلية وتقارير تقويمية للصناديق السيادية. ومن خدمات المعهد كذلك تقديم تصنيف ربع سنوي للصناديق السيادية الكبرى على مستوى العالم. يعتمد التصنيف على مجموعة من العناصر من أهمها حجم أصول الصندوق. أشار التصنيف في إصداره الأخير إلى تطور في مراكز المقدمة لأكبر الصناديق السيادية في العالم من ناحية حجم الأصول بتربع صندوق التعاقد الحكومي العالمي النرويجي بأصول تقارب 716 مليار دولار على القائمة، فجهاز أبوظبي للاستثمار بأصول تقارب 627 مليار دولار، فشركة سايف الصينية للاستثمار بأصول تقارب 568 مليار دولار، فمحفظة ممتلكات مؤسسة النقد العربي السعودي بأصول تقارب 533 مليار دولار، وأخيراً، شركة الاستثمار الصينية بأصول تقارب 482 مليار دولار. وعلى الرغم من توجه الدول نحو تأسيس صناديق سيادية لإدارة استثماراتها وتنميتها، إلا أنها لا تخلو من تحفظات المراقبين. من أهم هذه التحفظات مستوى الإفصاح والشفافية المقرونين بإدارة أصول الصناديق. شجعت هذه التحفظات المعهد الأمريكي للصناديق السيادية على إصدار مؤشر آخر لرصد مستوى الإفصاح والشفافية، أطلق عليه مسمى ''مؤشر لينا بورج ماديول لشفافية الصناديق السيادية''. اعتمدت منهجية قياس المؤشر على معايير عدة شملت إفصاح الصندوق السيادي عن تقارير سنوية لأدائه، ومدى المعلومات المتوافرة في هذه التقارير من القيمة السوقية للأصول، والعوائد، ومنهجية الاستثمار، والأهداف التنموية، وموارد الأصول، وهيكل الملكية الحكومية. أشار المؤشر إلى حصول محفظة ممتلكات مؤسسة النقد العربي السعودي على أربع نقاط من أصل عشر في مستوى الشفافية، ومتساوية مع شركة سايف الصينية للاستثمار. كما أشار المؤشر إلى حصول صندوق التعاقد الحكومي العالمي النرويجي على عشر نقاط، وحصول شركة الاستثمار الصينية على سبع نقاط، وجهاز أبوظبي للاستثمار على خمس نقاط. وعلى الرغم من تواضع الرقم المعطى لمحفظة ممتلكات المؤسسة مقارنة بما تحقق من مرتبة في إجمالي الأصول، إلا أن ذلك يثير التحفظ حول العمق المنهجي للقياس المتبع في تقييم الأصول ومستوى الشفافية الصادر من المعهد، آخذين في الاعتبار تطورات الإفصاح والشفافية الأخيرة في مؤسسة النقد العربي السعودي المتمثلة في تقرير الكشف الإحصائي، المسمى ''وضع الاستثمار الدولي''، الذي أطلقته المؤسسة بشكل دوري منذ العام الماضي. حيث قدّم التقرير بعض التعاريف والمصطلحات ذات العلاقة بمنهجية وضع الاستثمار الدولي في المملكة، والكشف الإحصائي لأرصدة المملكة من الموجودات والمطلوبات المالية الخارجية للأعوام الأربعة 2007-2011، وتحليل مختصر لتطورات أحجام وكميات الأدوات المالية المختلفة التي تتألف منها موجودات المملكة المالية ومطلوباتها الخارجية خلال الفترة ذاتها. أوضح التقرير أن وضع الاستثمار الدولي في المملكة يتكون من ثلاثة مكونات رئيسة هي الموجودات المالية الخارجية، والمطلوبات المالية الخارجية، وصافي وضع الاستثمار الدولي. وقسّم التقرير الأدوات المالية المختلفة التي تتألف منها هذه الموجودات والمطلوبات المالية حسب نوع الاستثمار إلى استثمار مباشر، واستثمارات حافظة، وموجودات احتياطية، واستثمارات أخرى. يمثّل النوع الأول، ''الاستثمار المباشر''، الاستثمارات الدائمة، سواءً سعودية في الخارج أو غير سعودية في الداخل، التي لا يقل حجمها عن 10 في المائة من إجمالي رأسمال الاستثمار. ويمثّل النوع الثاني ''استثمارات الحافظة''، ذات الاستثمارات في النوع الأول، سواءً سعودية في الخارج أو غير سعودية في الداخل، لكنها تقل عن 10 في المائة من إجمالي رأسمال الاستثمار. ويمثّل النوع الثالث ''الموجودات الاحتياطية''، الموجودات المالية الواقعة تحت تصرف مؤسسة النقد والخاضعة لسيطرتها لتلبية الاحتياجات التمويلية لميزان المدفوعات، أو التدخل في أسواق الصرف للتأثير في سعر صرف الريال السعودي، أو للمحافظة على الثقة بالريال السعودي، أو أي عملية أخرى ذات علاقة. ويمثّل النوع الرابع، ''الاستثمارات الأخرى''، جميع الأدوات المالية التي لا تندرج تحت الأنواع الثلاثة أعلاه.
إنشرها