Author

عيال القوقل

|
جيل الثمانينات العظيم شهد قدومه للأرض طفرة عظيمة، وأنا لا أقصد بالطبع الطفرة الإقتصاديه ، ولكن المقصود هو طفرة الحليب ، حيث شهدت هذة الفترة رواج الحليب البودرة في السعودية، وخصوصا حليب نيدو الذي كان أول إنتاج لها عام ١٩٤٤ في سويسرا. وبالطبع فهناك عادة سعودية تسمي كل منتج بأحد الأسماء التجاريه له، فالمناديل نسميها "فاين"، رغم أنه إسم تجاري لأحد الشركات وليس للمنتج، وقد كان هناك مجسم كبير للنيدو في الرياض وجدة، لتوثيق مرحلة الفطام في عمر هذا الجيل. وقد كان الأكبر سنا من جيل الثمانينات، يعايرونهم بوسمهم "جيل النيدو "، وما ينطوي تحت ذلك من دلال ورفاهيه، وبعد عن النشأة الأقسى التي عاناها السابقون، رغم أن إستبدال حليب الأم هو رفاهية للأم لا لأبنائها. وعلى نفس النسق يسمى الجيل الجديد بجيل "عيال القوقل "، نسبه إلى النعمه التي لديهم وهي محرك البحث قوقل، والذي اختصر فترة البحث عن معلومة من ساعات وأيام لدقائق وربما ثواني، الفرق أن جيل القوقل والأي باد والبلاي ستيشن، يتغزل الأباء بذكائهم وسرعة بديهتهم. وهنا يأتي السؤال هل جيل القوقل أكثر ذكاء ممن سبقه، هذا الجيل الذي يحسن إبن الأربع سنوات منه التعامل مع الأجهزة الذكية، بدرجه تفوق ربما مبرمجي برامج الأجهزة الذكية، هل توافر المعلومات بكثافة وسهوله أدى لكون هولاء الأطفال أكبر ذكاء؟ الحقيقة أن هناك إنقسام ومدرستين في موضوع ذكاء الأطفال وتناسبه الطردي أو العكسي مع توفر التقنية، فالمدرسة الكلاسيكيه والتي أنتمي لها ترى أن القدرة الذهنية لمن يجري أغلب العمليات الرياضيه في ذهنه أعلى من الذين يعتمدون على الآله الحاسبه، وتكون مقدرة منطقة "المقرن الأعظم" في الدماغ -والمسئولة عن الحساب والمهارات الكتابيه- أكثر كفاءة. عيال القوقل يتميزون بأن لديهم كميه معلومات أكبر من الأجيال التي سبقتهم، وذلك يعود بشكل رئيس لتعدد وسهولة التوصل للمعلومات، كما يعتبرون لافتين في طريقة لعبهم الألعاب الإلكترونيه وطريقة تجاوزهم لعقبات الألعاب، ولكن من اللافت أيضا ضعف التركيز الواضح لديهم، ناهيك عن ما يصيب قدراتهم على التواصل الإجتماعي. خلاصة القول، أبناء عصر القوقل لديهم من الوسائل ما يسمح لهم بالحصول على معلومات أكبر بطريقة أسرع، ولكن إهمال الوالدين وتركهم بلا حساب أمام الشاشات الثلاث (الجوال، الحاسب، التلفاز)، يؤدي إلى جعلهم أغبى، عبر فقد قدرات التواصل الإجتماعي، وإذا أضفنا عليه إهمال ممارسة التمارين والألعاب الحركيه، سنجد طفلا منقوص الذكاء، يعرف معلومات بلا تركيز، مما قد يؤثر على الهدف الأهم وهو قدراته على التعلم، لذا علينا تذكر أن الرفق ما كان في شئ إلا زانه.
إنشرها