فندق عالمي.. وقصة لا تصدق

كنت أعترض دائماً على من يؤكد أن تكاليف السياحة الداخلية أعلى من السياحة الخارجية في بعض الأحيان، لكن يبدو أنني قد أغير قناعتي بعد هذه القصة التي لا تصدق وقد حدثت هنا في الرياض قبل أيام.. تبدأ فصول القصة حينما دعوت صديقين عزيزين على فنجان شاي في فندق عالمي معروف بجوار الحي الدبلوماسي.. وكنت تعودت ارتياد مطعم ذلك الفندق مع بعض الأصدقاء، وكنا ندفع مبالغ كبيرة ولم يتذمر أي منا من ارتفاع سعر الوجبة الذي يصل إلى نحو 350 ريالاً للشخص الواحد.. لكن ما حدث في بهو الفندق أمر مختلف فقد فوجئنا بعد تحديد طلبنا أن علينا دفع 450 ريالاً لثلاثة فناجين من الشاي أي أن سعر فنجان الشاي قد وصل الى 150 ريالاً لأن نظام الفندق المكتوب لدى "الجرسون" قد وضع هذا المبلغ كحدٍ أدنى للطلبات ليس للطاولة وإنما للشخص الواحد، حيث لو حضر ستة أشخاص فإن عليهم دفع تسعمائة ريال لمجرد تناول "الشاي" الذي عرف بأنه أرخص المشروبات الساخنة!
تصوروا معي 150 ريالاً قيمة فنجان من الشاي مع أنه لو تم بهذا المبلغ شراء لحم وأرز لتم إطعام عشرة أشخاص على الأقل ولسميت مأدبة دسمة تشبع الجائعين وتكرم الضيوف الوافدين!
وبالطبع رفضنا ذلك الاستغلال غير المبرر ولو رفض الآخرون مثلنا لانتهت تلك المهزلة، لكن مشكلة بعضنا حب "المظاهر" حتى لو دفع مبالغ لا حاجة له أن يدفعها، بل إنها تكون مدعاة للسخرية منا جميعاً.. وأذكر هنا قصة أخرى على الهامش وهي حجز الطاولات في شارع "الشانز" الباريسي خلال فترة الصيف، حيث تذرع ذلك الشارع بطوله فتجد الطاولات فارغة ولا تستطيع الجلوس لأنها محجوزة، وحينما ذكرت تلك الظاهرة غير الحضارية لصديق فرنسي، قال "أنتم السبب" فلا أحد يفعل ذلك إلا أهل الخليج.. وأضاف لكن عليك أن تسحب أي كرسي وتجلس ولن يستطيع الجرسون ولا حتى مالك المقهى أن يمنعك لأن الحجز مخالف لنظام بلدية باريس وسيتحمل غرامة على ذلك.. ما علينا من باريس ولنرجع إلى الرياض، فلقد انسحبنا غاضبين إلى فندق عالمي أيضاً ولا يبعد عن الفندق الأول إلا 300 متر تقريباً.. وتناولنا الشاي والقهوة وقطعاً من الحلوى.. وجاءت الفاتورة بمبلغ معقول.. أنه 45 ريالاً لجميع ما طلبنا نحن الثلاثة.. أي 10 في المائة فقط من فاتورة الفندق الأول لو قبلنا الاستغلال ونفذنا الطلبات دون اعتراض.. ألم أقل لكم إنها قصة لا تصدق؟!
وأخيراً: أعلم بوضع حد أدنى للطلبات في بعض الأماكن التي تقدم برامج ترفيهية خشية إطالة جلوس الشخص لقاء مبلغ زهيد، لكن الحد الأدنى يكون مقبولاً ولحساب الطاولة كاملة.. أما أن يكون 150 ريالاً لمجرد جلوسك على كرسي في بهو أحد الفنادق لأنه يحمل اسماً عالمياً، فهذه مسألة تستدعي رقابة أشد من الهيئة العامة للسياحة على هذا النوع من الفنادق حتى ولو كانت عالمية!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي