ابن الوز عوّام!
ابن الطبيب "طبيب" .. والمحامي "محامي" .. والمهندس "مهندس" .. حتى المهن اليدوية المتوارثة أباً عن جد تنتقل للأحفاد، مثل التجارة والحدادة وغيرهما. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الجينات الوراثية تحدّد المهنة .. وإلى أي مدى تتدخّل الجينات الوراثية في ميول بعض الأبناء لامتهانهم مهن آبائهم؟! وكيف يمكن اكتشاف هذه الميول مبكراً؟! وما العوامل التي تساعد على نموها؟!
تساؤلات يجيب عنها المتخصّصون في علم الوراثة .. بأن عدداً كبيراً من الصفات الطبيعية الموجودة في الإنسان تعتمد على استعداد جيني .. وينمي هذا الاستعداد الجيني العوامل البيئية المحيطة إما بالسلب وإما بالإيجاب .. وقد أدركوا أهمية ذلك في "اليابان"، ولذا تأخذ الأم الحامل بمجرد حملها إجازة مدفوعة الأجر من قِبل الدولة ويتم إسماع الجنين داخل بطن الأم بعض الموسيقى المعينة لرفع قدراته الإدراكية .. وهذا يؤكّد أهمية العوامل البيئية لتنمية قدرات الطفل الفطرية نتيجة الجين الوراثي، ولا بد أن تكون هذه العوامل إيجابية محفزة للقدرات الكامنة بداخله، وتجعله يحب هذه المهنة أو تلك.
ويؤكد المتخصّصون أن الاستعداد الجيني يقربه ويؤكده التعامل مع البيئة والظروف المعيشية التي يتلقاها الطفل ممَّن حوله .. فبدءاً من ست سنوات حتى المراهقة أو البلوغ يستطيع الطفل أن يستفيد من البيئة حوله من خلال إمداده بالثقافة العامة والمعلومات والأدوات والآلات المستخدمة في المهن المختلفة. فالأب الطبيب عندما يستعمل السماعة أمام طفله يحاول الطفل هنا أن يقلده، فالأدوات المهنية نفسها ترسخ لديه هذا الميل لمهنة والده .. ولكن في حالة إذا لم يهتم الآباء بهذه الميول والاستعداد الجيني من البداية فقد يتلاشى وينتهي. ويرى فريق آخر من المتخصّصين أن الوسط الاجتماعي والوسط التفاعلي هما اللذان يمثلان جزءاً كبيراً من الجينات الخاصّة بالطفل وليس الجينات الوراثية هي الأساس في امتهان الأبناء مهن الآباء .. ولكي ننمي هذه الميول فلا بد من الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية للطفل من خلال التعاون بين الأب والأم من خلال عدم التفرقة في المعاملة بين الأبناء، مع إتاحة مناخ اجتماعي مناسب بعيداً عن المشاحنات والمشاجرات، وأن يدخل الطفل في تفاعلات وتجارب مع الآخر لإبراز شخصيته، وكذلك عدم السيطرة والتحكم في اتجاهات الأطفال حتى لا يصير طفلاً سلبياً، وقد يؤدي هذا التحكم إلى عدم ظهور مواهب الطفل والقدرات التي يتميز بها.
همس الكلام:
"الوظيفة هي الملاذ الوحيد للعاجز".